مع كل عام تتجدد أيضا فتاوى تحريم الاحتفال بأعياد الميلاد سواء الاحتفال بعيد السيد المسيح، أو الاحتفال بأعياد الميلاد للأشخاص، حيث تكثر الفتاوى التى تُحرِّم على المسلمين أن يحتفلوا بأعياد ميلادهم، أو أعياد ميلاد أطفالهم. وتقوم فتاوى التحريم على أن الاحتفال بأعياد الميلاد "بدعة منكرة" لم يأتِ بها الإسلام، ولم يشرعها الرسول الكريم محمد، صلى الله عليه وسلم، متناسين أن هذه الموضوعات من الأشياء التى تركها الرسول الكريم لاجتهاد العلماء، فلم يأت نص واحد صحيح صريح بتحريم الاحتفال بعيد الميلاد للأشخاص، ومن المعروف أن الموضوعات الفقهية التى لم يذكرها القرآن الكريم ولا الرسول الحبيب، إنما يكون مرجوعها إلى استنباط العلماء من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية. القيادى الجهادى أنور عكاشة قال فى تصريحات ل"المصريون" إنه لا يوجد إشكال فى الاحتفال، فهو لا يخالف معتقدا عندنا، فالابتهاج والسرور بمولد أى "نبي" يستحق التقدير والإجلال. فتاوى سلفية محمود لطفى عامر، الداعية السلفي، أفتى بتحريم تهنئة المسلمين للأقباط فى أعياد الميلاد ناصر رضوان، عضو الدعوة السلفية، فى كلمة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، كان قد حرّم تهنئة الأقباط بأعياد الميلاد أو الاحتفال بها. وقال: «المسلم يهنئ القبطى بنجاح ابنه أو بزواجه، ويعزيه لو مات له حد، إنما ابعد كل البعد عن المشاركة فى أعيادهم. وأفتى سامح عبدالحميد حمودة، القيادى بالدعوة، بعدم جواز تهنئة المسلمين للنصارى فى مناسبتهم الدينية. وأضاف أنه «يجوز تهنئة المسيحيين بمناسباتهم الدنيوية وليس الدينية. من جانبه، قال الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية السابق، فى تصريحات له، «إن الاحتفال بميلاد السيد المسيح هو احتفال مشروع وذلك أمر الله عز وجل الناس بأن يتذكروا أيام الله وللآية القرآنية «السلام على يوم ولدت» فى الإشارة إلى ميلاد المسيح عليه السلام. وأضاف: «الدين جزء من الحياة وليس ضد الحياة، الرسول عليه الصلاة والسلام كان يفرح بالأنبياء، والنبى عليه الصلاة والسلام كان يصوم يوم الإثنين وهو اليوم الذى ولد فيه، أى احتفال بمولده». دار الإفتاء المصرية أكدت، فى فتوى رسمية لها، أنه "لا مانع من الاحتفال بأعياد الميلاد للأشخاص شرعًا، لما فيه من تذكر نعمة الله على الإنسان بالإيجاد، على ألا يُعد ذلك من الفرائض، أو السنن، وإنما على سبيل العادة، وعلى أن يكون الاحتفال خاليًا من المحرمات كالاختلاط الشديد، وكشف العورات، ونحو ذلك مما لا يجوز شرعًا". وأضافت: أنه يستأنس فى ذلك بالاستئناس بقوله تعالى حكاية عن سيدنا عيسى: "وَالسَّلامُ عَلَى يَوْمَ وَلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيا". كذلك حينما سئل عليه الصلاة والسلام، عن صوم يوم الإثنين، فقال: ذاك يوم وُلدت فيه، ويوم أُنزل علىَّ الوحى فيه"، فأشار بذلك إلى المعنى الذى يقتضى الحكم أن يوم مولد الإنسان هو يوم نعمة تُوجب الشكر عليها". كما أوضحت الإفتاء أنه يجوز الاحتفال بأيام النِعَم كلها، فيوم المولد، ويوم نزول الوحى، نعمتان توجبان الشكر، ويُستأنس لإظهار الفرح بكل نعمة من باب شكر الله تعالى عليها بعموم قوله تعالى: "قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا". وردت دار الإفتاء على القائلين بحرمة تهنئة المسيحيين فى أعياد الميلاد بأن الله سبحانه وتعالى لم ينهانا عن تهنئة المسيحيين فى أعيادهم بل أمرنا ببرهم. وأكدت الفتوى أيضا أنها استدلت على ذلك عن طريق قبول الرسول صلى الله عليه وسلم لهدايا الملوك المرسلة إليه، فقد قبل الرسول صلى الله عليه وسلم هدايا كسرى وقيصر ولم يردها. كما خرجت اللجنة الدينية بمجلس النواب للرد على فتاوى السلفيين، مؤكدة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حثّ المسلمين على تهنئة الأقباط ومودتهم، ولم يُحرّم تهنئتهم بالأعياد، وأنه من جانب الدين والأخلاق فإن تهنئة الأقباط فى جميع مناسباتهم وتعازيهم، وفى أى فرحة أو مصاب لديهم، أمر ضرورى من جانبها، أكدت الدكتورة آمنة نصير، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر الشريف، أن الاحتفال بأعياد الميلاد للأشخاص ليس حرامًا، لافتة إلى أنه يذكِّر الشخص بنعمة الله سبحانه وتعالى عليه، ويوم إيجاده فى الأرض، كما يُدخل البسمة والفرحة على قلب الأطفال، والكبار، ويشيع المحبة بين الأسرة، وبين الزملاء فى العمل، وأبناء المجتمع الواحد. وطالبت بالتخلى عن تلك الأفكار الهدامة، والمفرّقة لا المُجمّعة، ودعوة الشعب إلى محبّة بعضه بعضًا، كما أتمنى ألا يسأل المسلم إلا المتخصص فى علمه. وقال الدكتور شوقى علام، مفتى جمهورية مصر العربية، «إن تهنئة المسيحيين بمناسبة ذكرى يوم ميلاد السيد المسيح عليه السلام هى عمل محمود يحث عليه الإسلام لأن ميلاد السيد المسيح عليه السلام هو ميلاد خير وسلام ومحبة»، وهنأ المفتى الطوائف الكاثوليكية والبروتستانتية والإنجيلية والأسقفية والإخوة المسيحيين جميعًا فى داخل البلاد وخارجها بمناسبة عيد الميلاد المجيد، داعيًا الله أن تزيد تلك الأعياد والمناسبات من الترابط والحب والوئام بين جناحى مصر المسلمين والمسيحيين. وأكد المفتى أن تبادل التهانى بين أبناء الوطن الواحد فى المناسبات الدينية خاصة من شأنه أن يقوى روح المودة والتآلف والترابط فيما بيننا. فيما أشار الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة بجامعة الأزهر، فى تصريحات له، إلى أن الرسول «صلى الله عليه وسلم» احتفل بنجاة سيدنا موسى، لافتا إلى أن ما يثار حاليا عن تهنئة الأقباط جهل بالدين الإسلامي، معتبرا أن من يفتى بتحريم تهنئة الأقباط فى أعيادهم «معتلّ الفكر ولديه غلظة فى قلبه وما يريد إلا الفتنة وجاهل بالدين الإسلامي». واستشهد كريمة، بآيات من القرآن الكريم «فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم»، وقال أيضا «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان»، معتبرا الأقباط شركاء فى الوطن لهم حقوق وعليهم واجبات.