علي جمعة: الاحتفال بمولد المسيح جائز شرعًا المفتي: تهنئة المسيحيين عمل محمود شرعاً فؤاد: الإسلام لم يُحرم تهنئة المسيحيين بأعيادهم يحتفل المسيحيون فى هذه الآونة من كل عام بأعيادهم، ويكثر الجدل لانتشار الفتاوى التى تحرم تهنئتهم، ومن بينها فتوى الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، التي تحرم تهنئة الأقباط في احتفالاتهم. «صدى البلد» استطلع رأي علماء الدين، الذين أكدوا أنه لم يرد نص شرعي يحرم تهنئة الأقباط بأعيادهم، مشيرين إلى أنهم أخوة لنا في الوطن، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوصى على الجار حتى لو كان يهوديًا. قال الدكتور علي جمعة، مفتي الديار المصرية السابق، إن الاحتفال بمولد المسيح عيسي -عليه السلام-، وتهنئة المسيحيين بهذه المناسبة، أمر جائز شرعًا، والاحتفال بيوم مولده مشروع، مستشهدًا بقول الله تعالى: «وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيّاً» مريم/33. وأوضح «جمعة» أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يفرح بالأنبياء، وهناك أكثر من 40 صحابيًا شهدوا رسول الكريم وهو يعظم سيدنا عيسى -عليه السلام-، مشددًا على أن النبي الكريم أوصى بالجار حتى ولو كان يهوديًا، فكيف لا أهنئه بمناسباته، ولا أقول له صباح الخير. بدوره، أكد الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، أن تهنئة إخوتنا المسيحيين بمناسبة ذكرى يوم ميلاد السيد المسيح عليه السلام هي عمل محمود يحث عليه الإسلام لأن ميلاد السيد المسيح -عليه السلام- هو ميلاد خير وسلام ومحبة. وأضاف المفتي، أن تبادل التهاني بين أبناء الوطن الواحد في المناسبات الدينية خاصة من شأنه أن يقوي روح المودة والتآلف والترابط فيما بيننا، وقد أخبرنا الله سبحانه وتعالى أن المودة موجودة في الأصل بيننا وبين إخواننا المسيحيين فيقول تعالى: «وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ». وأشار إلى أننا اليوم بحاجة إلى إشاعة مشاعر التآخى والتلاحم والوحدة الوطنية، حتى نترك للأجيال القادمة بناءً حضاريًا إنسانيًا أساسه الإيمان وارتفاعه العدل وقوته المحبة بين أبناء الوطن. ودعا مفتى الجمهورية المصريين جميعًا إلى الارتقاء بتلك المشاعر الطيبة فيما بينهم إلى طاقة إيجابية موحدة وفعالة من أجل النهوض بمصرنا والارتقاء بها إلى مصاف الدول المتقدمة، مضيفاً أن الرسالات السماوية جميعها أرست لنا قيمًا وقواعد راقية في التعاملات بين البشر بمختلف انتمائاتهم الدينية والعرقية، حتى نقتدي بها ويحل السلام والتعايش والحب مجتمعاتنا. بدروها، قالت أمانة الفتوى دار الإفتاء المصرية، إنه يجوز تهنئة الأخوة الأقباط بأعيادهم، مشيرة إلى أن هذا الفعل يندرج تحت باب الإحسان الذى أمرنا الله عز وجل به مع الناس جميعا دون تفريق، لقول الله تعالى: «وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا»، وقوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ». وأضافت أن الله تبارك وتعالى لم ينهَنا عن بِر غير المسلمين، وقبول الهدية منهم، وما إلى ذلك من أشكال الِبر، فى قوله تعالى: «لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِى الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ». وأوضحت الإفتاء، أن الإهداء وقبول الهدية من غير المسلم جائز، مؤكدة أن النبى -صلى الله عليه وسلم- كان يقبل الهدايا من غير المسلمين، حيث ورد عن علي بن أبى طالب رضى الله عنه، أنه قال: «أَهْدَى كِسْرَى لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهِ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَبِلَ مِنْهُ، وَأَهْدَي لَهُ قَيْصَرُ، فَقَبِلَ مِنْهُ، وَأَهْدَتْ لَه الْمُلُوكُ، فَقَبِلَ مِنهم». وأشارت إلى أن علماء الإسلام فهموا من هذه الأحاديث أن قبول هدية غير المسلم ليست فقط مشروعة لكنها مستحبة لأنها من باب الإحسان، وأنها سنة النبى صلى الله عليه وآله وسلم. وتابعت: «إن تهنئة الأقباط بتلك المناسبات تقوى دعائم الوحدة الوطنية، وتؤكد عظمة الإسلام وسماحته تجاه الآخر والشريك فى الوطن». بدوره، شدد الدكتور عبدالمنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين بجامعة الأزهر، على أنه لا يوجد دليل شرعي في الإسلام ينهى عن أو يُحرم تهنئة المسيحيين بأعيادهم. واستشهد «فؤاد» بقول الله تعالى «لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ». «سورة الممتحنة 8». وأوضح عميد العلوم الإسلامية «أنه يجب علينا محاربة المعتقدات الخاطئة بالفكر وليس بالقانون»، مؤكدًا أن رفع دعاوى قضائية ضد من يحرم تهنئة المسيحيين لا يعود بالنفع، مضيفًا: «طالما جاري المسيحي أو اليهودي لم يضرني في شيء، لا يجب عليّ مهاجمته، بل يجب أن أمد له يد العون والمساعدة، حتى ننهض بوطننا». وفي السياق نفسه، أكد الدكتور سالم عبد الجليل وكيل وزارة الأوقاف سابقًا، أنه لا حرج من تهنئة الإخوة المسيحيين بعيدهم، وهذا من باب حسن العشرة، مشيرًا إلى أن الإسلام أجاز الأكل من ذبائحهم والزواج من نسائهم ما داموا مسالمين. ونوه عبد الجليل، بأن المسيحيين يعيشون معنا في مجتمع واحد، فيجب علينا أن نبرهم ونقسط إليهم كما قال الله تعالى في كتابه الكريم، مؤكدًا أنهم يحتفلون بميلاد سيدنا المسيح -عليه السلام- نحن نؤمن به كما نؤمن بسيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وبالتالي الاحتفال به ليس فيه حرج. وأوضح إذا كنا نقر بالاحتفال برأس السنة الهجرية فلماذا لا نحتفل بقدوم عام ميلادي جديد فليس هناك حرمة في ذلك مادام الاحتفال خاليًا من المعاصي التي تغضب الله عز وجل.