قوبلت لائحة الجزاءات الخاصة بالمخالفات الإعلامية، التي أعدتها لجنة الشكاوى بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، باعتراضات واسعة داخل الجماعة الصحفية وفي أوساط الإعلاميين، واعتبرها منتقدون، أحدث المحاولات لتضييق الخناق على العاملين بمهنة الصحافة والإعلام في مصر. وانتهت لجنة الشكاوى، من إعداد اللائحة التنفيذية الخاصة بالجزاءات الخاصة بالمخالفات الإعلامية، حيث تضم اللائحة 29 مادة تحدد الجزاءات الخاصة بكل مخالفة إعلامية تضمنتها المعايير والأكواد الخاصة بالمجلس. وتحدد اللائحة الغرامات المالية والحالات التي تخضع فيها الوقائع للتحقيق، كما تحدد اللائحة الضمانات الخاصة للمخالفين بشأن حقهم في تقديم التماسات وتظلمات من القرارات. وتشمل المخالفات الخاصة بالشائعات وعدم احترام الرأي الآخر والسب والقذف والخوض في الأعراض وحرمة الحياة الخاصة والتحريض على العنف والحض على الكراهية، كما تغطى المخالفات الإعلامية الخاصة بعدم مراعاة مصالح مصر العربية والأفريقية طبقا للأكواد المنظمة لهذا الأمر. وتتراوح الغرامات المالية من 50 إلى 500 ألف جنيه، طبقًا لنوعية المخالفة وتتضاعف في حالة التكرار، كما تتراوح العقوبات بين لفت الانتباه إلى حد منع البث المؤقت أو حجب المواقع المؤقت أو الصفحات بشكل مؤقت في حالة الجرائم الإعلامية. كما تغطي اللائحة المخالفات الإعلامية الخاصة بعدم مراعاة مصالح مصر العربية والإفريقية طبقا للأكواد المنظمة لهذا الأمر، كما تغطي أيضا أي انتهاكات لكود الطفل والمرأة وذوي الاحتياجات الخاصة التي أٌقرها المجلس في وقت سابق، بسحب الموقع الإليكتروني للمجلس. عمرو بدر عضو مجلس نقابة الصحفيين، قال إن "اللائحة تعتبر امتدادًا طبيعيًا للقيود المفروضة على الصحافة في مصر، والتضييق على الحريات". وفي تصريح إلى "المصريون"، أوضح بدر، أن "اللائحة تعد أول تطبيق عملي لقانون المجلس الأعلى للإعلام، الذي تم إقراره منذ نحو شهر، والذي حذرنا من خطورته على الصحافة في مصر". وأشار إلى أن "القانون يحوي عبارات مطاطة، والعقوبات المالية المفروضة مبالغ فيها جدًا، ما سيؤدي إلى إغلاق العديد من الصحف والمواقع الالكترونية". واستغرب من حظر الحديث عن الذمة المالية للمسؤولين، في الوقت الذي لم تقر فيه الدولة قانونًا لتداول المعلومات، "لو كان موجودًا كان الأمر سيختلف". وحذر من الآثار السلبية للائحة على مناخ الصحافة والإعلام في مصر، لأنها "تزيد من اختناق المهنة والعاملين فيها". متفقًا معه، قال الكاتب الصحفي يحيى قلاش، النقيب السابق للصحفيين، إن لائحة جزاءات الأعلى لتنظيم الإعلام تحكم على مهنة الصحافة ب "الإعدام". وكتب قلاش عبر حسابه الشخصي على موقع "تويتر": "لائحة جزاءات المجلس الأعلى للإعلام اغتصاب تشريعي وجريمة دستورية متكاملة الأركان -إذا كان الموضوع كله جد- لكن هل المهنة التي تم إعدامها بالتشريع يمكن أن تخشى عليها من الموت باللوائح". بينما علق محمد سعد عبد الحفيظ، عضو مجلس نقابة الصحفيين، قائلاً عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "ليست لائحة جزاءات أو حتى عقوبات، لكنها لائحة إسكات وإعدام الصحافة والإعلام". من جانبه، أكد حمدي الكنيسي، نقيب الإعلاميين، رفض نقابة الإعلاميين، لبعض مواد لائحة الجزاءات التي أعدتها لجنة الشكاوى بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام لما فيها من تناقض وتعارض كبير مع اختصاصات النقابة ودورها المنصوص عليه في القانون 93 لسنة 2016 و القانون 180 لسنة 2018 لتنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام. وقال الكنيسي في بيان صحفي له: "من أمثلة التعارض والتناقض في نص المادة الأولى من اللائحة في مادتها الأول والتي "تعاقب كل من استخدم أو سمح باستخدام ألفاظ واضحة وصريحة، تشكل جريمة سب أو قذف يتم تغريم الوسيلة الإعلامية بغرامة لا تقل عن 25 ألف جنيها، ولا تزيد عن 250 ألف جنيها مع إحالة الصحفي أو الإعلامي للتحقيق بمعرفة النقابة المختصة، ثم تبعها بعقوبة منع الصحفي أو الإعلامي من الكتابة، أو الظهور في أي وسيلة لفترة محددة»، وهو ما يمثل تعدي وتدخل في اختصاصات النقابات المهنية وأيضًا تضارب مع فقرة الإحالة للنقابات المختصة". وأشار إلى أن "اللائحة تخالف القانون 180 لسنة 2018 لتنظيم الصحافة والإعلام والمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مادته 94، التي نصت على "إخطار النقابة المختصة لاتخاذ الإجراءات اللازمة في المخالفات التي تقع من أحد أعضائها بمناسبة توقيع المجلس أحد الجزاءات على إحدى الجهات الخاضعة للمجلس الأعلى، وتلتزم النقابة المعنية باتخاذ الإجراءات التأديبية في مواجهة الشخص المسئول عن المخالفة وفقًا لقانونها". وتابع: "أي أن القانون أعطى حق معاقبة و تأديب الصحفي أو الإعلامي إلى نقابته المختصة بعد اتخاذ الإجراءات القانونية مع ضمان كافة حقوقه القانونية المنصوص عليها بقانون نقابته"، معربًا عن ثقته الكاملة في إمكانية المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، تدارك هذا التعارض والتناقض بهذه اللائحة، خاصة وأن العلاقة بين النقابة و المجلس تكاملية.