ينفرد الدكتور محمد حسين هيكل بين أبناء جيله وكلهم هامات سامقة فى عالم الأدب والفكر بأشياء حاز بها السبق والريادة، فسبق غيره فى تأليف أول رواية عربية بقصته المعروفة "زينب"، وفتح لأصحاب القلم والبيان كتابة التاريخ الإسلامى على نحو جديد يجمع إلى جانب العمق والتحليل العرض الجميل، والأسلوب الشائق، والربط المحكم بين أحداث التاريخ. وكتب أيضًا أدب الرحلات، وسجَّل خواطره وما يجول فى نفسه فى كتابه "فى منزل الوحى"، ودوَّن مذكراته السياسية، وما شاهده وشارك فيه من أحداث فى كتابه "مذكرات فى السياسة المصرية"، وقضى حياته كلها إما رئيسًا لتحرير جريدة أو وزيرًا فى وزارة، أو زعيمًا لحزب، أو رئيسًا لمجلس الشيوخ، أو محاميًا فى قاعات المحاكم. وُلد محمد حسين هيكل فى مثل هذا اليوم عام 1888 بقرية كفر غنام إحدى قرى مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية، ونشأ فى أسرة على جانب من الجاه والثراء، التحق بكتاب القرية، حيث حفظ القرآن الكريم، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة، ولما بلغ السابعة التحق بمدرسة الجمالية الابتدائية بالقاهرة، وظلَّ بها حتى أتم دراسته بها، ثم انتقل إلى المدرسة الخديوية، وأتم دراسته بها سنة 1905، ثم التحق بمدرسة الحقوق الخديوية، وبعد تخرجه فى مدرسة الحقوق سنة 1909 سافر على نفقته الخاصة إلى باريس؛ ليتم دراسته فى الحقوق، ويحصل على إجازة الدكتوراه. ولما عاد هيكل من باريس اشتغل بالمحاماة فى مدينة المنصورة فترة قصيرة، ثم تركها بعد اختياره للتدريس فى الجامعة سنة 1917، ولم ينقطع طوال عمله عن ممارسة العمل الصحفى، وكتابة المقالات السياسية والفصول الأدبية، ثم تخلص هيكل من قيد الوظيفة واستقال من الجامعة سنة 1922 وتفرَّغ للعمل السياسى، وترأس تحرير جريدة السياسة لسان حزب الأحرار الدستوريين الذى تكوَّن فى هذه السنة، وكان هيكل أحد أعضاء مجلس إدارته ومن نجومه اللامعين. اختير وزيرًا للمعارف فى الوزارة التى شكلَّها محمد محمود باشا سنة 1938، لكن حياتها كانت قصيرة فاستقالت فى السنة التالية، ثم عاد وزيرًا للمعارف للمرة الثانية سنة 1940 فى وزارة حسين سرى، وظلَّ بها حتى سنة 1942، ثم عاد وتولى هذا المنصب مرة ثالثة فى سنة 1944، وأضيفت إليه وزارة الشئون الاجتماعية سنة 1945 . كما اختير سنة 194 نائبًا لرئيس حزب الأحرار الدستوريين، ثم تولى رئاسة الحزب سنة 1943، وظلَّ رئيسًا له حتى ألغيت الأحزاب بعد قيام ثورة يوليو 1952، وفيما بين ذلك تولى رئاسة مجلس الشيوخ سنة 1945، وظل يمارس رئاسة هذا المجلس التشريعى أكثر من خمس سنوات أرسى خلالها تقاليد دستورية أصيلة بمعاونة بعض أعضاء المجلس. تولَّى هيكل تمثيل مصر فى التوقيع على ميثاق جامعة الدول العربية سنة 1945، كما تولى تمثيلها فى كثير من المحافل الدولية، فمثلها رئيسًا لوفد مصر فى الأممالمتحدة أكثر من مرة سنة بدءًا من سنة 1946. وبعد حياة طويلة حافلة توفِّى الدكتور هيكل عام 1956م.