أما الغل فهو يتربع فى قلب بعض أصدقائنا اليساريين الذين لم يجدوا فى أيديهم إلا أيديهم بعد ان أفنوا العمر فى فى الهباء الهبىء والوهم الوهيم..كما قال الراحل د/فؤاد مرسى(المفكر والقيادى الماركسي )لرفيقه الراحل أ/حسين عبد الرازق(الصحفي والقيادي الماركسي)وهم على متن الطائرة التى أقلتهما الى موسكو عام 1987 للاحتفال بمرور 70 سنة على الثورة الروسية..قال له د/ فؤاد ودموعه تنساب..هل كل ما أنفقنا فيه عمرنا ذهب هباء؟كان ذلك بعد عامين من انتخاب جورباتشوف الذى هوى بمطرقة الجلاسنوست والبروسترويكا على رأس الفكرة الشيوعية كأحد أهم الأفكار والايديولوجيات التى شغلت الدنيا فى القرن العشرين(قرن الأيدولوجيات) تبخرت الشيوعية فى الهواء وتلاشت كالدخان المتصاعد فى الفراغ. أما الخفة وضعف المعرفة فهي تاج رأس أصدقائنا العلمانيين التقليديين الذين يعيدون أقوالهم ويكررونها فى ثرثرات لا تنقطع على المقاهي ودكك البوابين. وأغلبهم مسلمين على فكرة ولديهم ضعف معرفي غير عادى وعجزعميق عن بلوغ نقطة التقاء مع الناس والحياة ويلهثون وراء أى دور يبرر وجودهم ويعطيه أهمية ولا يملكون سوى أرخص بضاعة(الكلام)..حشد من الكلام الذى صارمن كثرة ترداده لوازم لغوية يتعارفون بها .. ولديهم عجز مدهش عن الحوار. أذكر أننى حدثت أحدهم عن الإطلالة الفكرية الجديدة للفيلسوف الألماني الكبير (يورجن هابر ماس)والتى تحدث فيها عن مجتمعات(ما بعد العلمانية)والدور المعرفي والأخلاقى للدين..وكيف أخذ مدرسة فرانكفورت فى اتجاه جديد تماما..إذا بصاحبنا يسأل عن هابرماس وعن مدرسة فرانكفورت!؟ وهو الذى لا يكف ليلا ونهارا فى الفضائيات عن الحديث عن العلمانية والمجتمع المدني ومعلنا عداؤه التام لدورالدين فى المجال العام . هؤلاء هم من يثرثرون الأن حول خانة الديانة فى البطاقة..ويعلم الجميع أن الموضوع لا علاقة له بفكرة (المواطنة)التى استقرت في روح المجتمع من يوم أن أعلن الخديوي سعيد باشا(الذى حكم مصر من 1854-1863م )قراره بتجنيد الأقباط فى الجيش والإشتراك فى التضحية والزود عن الوطن مثل إخوتهم المسلمين. ليس هذا فقط بل ومنح الفلاح المصري(المسلم والمسيحي)حق تملك الأرض وأصدر لائحة المعاشات للموظفين المتقاعدين ومنع نقل الآثار إلى الخارج!! والتى كانت نهبا لتجار الآثار(سنتذكرالحاوية الديبلوماسية وهى ترسو هنيئة هناء هنوءا على شواطىء مدينة ساليرنو الايطالية فى مايو الماضي تحوى 118 قطعة أثار مهربة لا تقدر بثمن )..وعفوا للاستطراد فنحن كمن يبحث عن الأحلام فى سوق الأماني.. الشىء الأكثر أهمية هنا هو أن الأزهر والكنيسة والدولة يرفضون إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومى ..والحقيقة أن الموضوع حين يتناوله (الكبار)لا يوجد فيه أى غضاضة..ففكرة المساواة التامة(لهم ما لهم وعليهم ماعلينا) تمثل مركز الدائرة فى المجتمع الواحد والوطن الواحد وبالتالى فالإعلان عن الديانة فى وثيقة التعريف لضوابط التنظيم الاجتماعي فى القوانين والمعاملات لا علاقة له بنقض معنى المساواة واستقرار معنى المواطنة. سنتذكر انه فى عام 2007 أصدر 120 مثقفا ومفكرا مصريا(أغلبهم من أهل اليسار يا ليل)أصدروا بيانا يطالبون فيه بإلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية وتصوروا انهم بذلك سيحزون هدفا فى مرمى الاسلاميين ..ثم بدأت من بعدها المطالب القبطية بذلك من أشخاص محددين يقومون بأدوار محددة فى المجال العام ..وليست من القيادات الكنسية سواء الاكليروس أو المجلس الملي.. ومن الاصوات الرشيدة فى ذلك مقال كتبه الاستاذ /نبيل مقدس على أحد الواقع القبطية قال: الدستور صريح في تقرير مبدأ المساواة وعدم التمييز بين المواطنين حسب اللون أو الدين أو الجنس وأنه لا يوجد تفرقة في ممارسة الحقوق السياسية ولا يجوز منع أحد من الترشح للبرلمان إلا في حالة مخالفة قانون مباشرة الحقوق السياسية. لكن من وجهة أخري وضع الديانة في البطاقة الشخصية سيساعد على كشف الديانات الأخري غير السماوية أو السماوية وهذا مهم جدا للمسيحيين ..فكثير من ابنائنا يقعون فريسة سهلة نتيجة الأسماء التي تتماشي مع جميع الأديان..فوجب هنا ان نُثبتْ الديانة في بطاقة الرقم القومي..قضية إلغاء الديانة في الرقم القومى ليست هي السبب في إشعال أزمات الفتنة الطائفية على الإطلاق في مصر والمفروض أن الديانة ليس الهدف منها التفرقة ولكن الأزمة في بعض القوانين التي من المفروض أن تعدل بل يتم تغييرها من جذورها بحيث يكون هناك ردع لكل من يسعى لإثارة الفتن فوضع الديانة في الرقم القومي داعم للتعارف والتفاهم والهوية وبالتالي من المهم أن تظل موجودة كما هي وليس إلغاءها و لاسيما وان المصريين مسلمين ومسيحين حريصين على إظهار نوع الديانة على بطاقة الرقم القومى حيث يعتبرها المواطن عنوانا لشخصيته .. ) المستشار عبد الفتاح حجازى نائب رئيس مجلس الدولة قال إن المشروع الخاص بإلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية فى البرلمان ليس وقته على الإطلاق لأن هناك أمور تتعلق بالنظام العام داخل الدولة مستقرة فى وجدان الشعب المصرى تكونت عبر عقود من الزمن ولايجب على الإطلاق التدخل فيها ..المشروع من التشريعات المخربة للدستور..وطلب من أعضاء مجلس النواب ضرورة التنبه إلى أن هناك مسائل ملحة قبل تغيير الديانة . المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ترى أن الحل المثالي يكون في تخيير المواطنين في إدراج ديانتهم في بطاقة الرقم القومي من عدمه وبذلك ضمان حق المواطنين في الخصوصية والحرية الشخصية. اللجنة الدينية فى المجلس قالت أن حذف خانة الديانة سيؤدي إلى غش في الزواج والطلاق والميراث والدستور جرم التمييز الديني والمطالبات بحذف خانة الديانة سيؤدي إلى فتن وقلاقل ووحدة الصف.. يجب أن نكون بعيدين عن التطرق لتلك الأمور ..المعروف أن هناك 60 نائبًا وافقوا بالفعل على العريضة المقدمة إلى مجلس النواب تطالب بإلغاء خانة الديانة إلا أن عددًا كبيرًا من النواب أعلنوا أنهم سيقفون ضد هذا القرار. الاستاذة الجامعية والنائبة فى المجلس د/أمنة نصير قالت فى معرض رفضها للمشروع أنه سيؤدى إلى انتشار ظاهرة(الزواج العرفي) بشكلٍ كبير داخل المجتمع مؤكدة أن عدم وجود ديانة الشخص سيُسهل خداع المأذون وبالتالي من الممكن أن تتزوج مسلمة من مسيحي إذا اتفقوا على ذلك رغم أن الشرع يمنع ذلك. لم يحدثنا احد من المطالبين بهذه الفكرة الفكيرة..عن الاسماء المميزة مثل محمد واحمد أو الاسماء المسيحية الأكثر دلالة جرجس وبطرس ..وماذا عن دق الصليب على اليد؟ والذى هو أكثر ظهورا من البطاقة التى فى المحفظة.. الكلام اذا خايب خيابة مفرطة..ولا علاقة له بأى شيء جاد فى حياتنا الاجتماعية والسياسية ..لكن المدهش فعلا والسؤال هنا كيف أصبح هذا الكلام الخايب(موضوع)؟ .