أثار مقترح اللجنة الدستورية بمجلس النواب، بإلغاء خانة الديانة من البطاقات الشخصية للمواطنين، حالة من الجدل بين الحقوقيين وأعضاء مجلس النواب، وذلك بعد أن أيده عدد كبير من النواب، معتبرين أن هذه الخطوة جيدة لمكافحة الفتن الطائفية بعد أحداث محافظة المنيا الأخيرة، حتى يتساوى الجميع أمام القانون والمجتمع. وأجرت «البوابة» مناظرة بين مؤيدى ومعارضى بند إلغاء خانة الديانة. يرى المحامى نجيب جبرائيل، رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، أن خانة الديانة فى بطاقة الرقم القومى يترتب عليها الكثير من المشاكل والأزمات، وتمييز بين أبناء الأمة الواحدة، لافتًا إلى أن تخوف البعض من تزوج المسيحى من مسلمة أو حدوث خطأ فى تطبيق قانون المواريث لن يحدث، لأن القانون المستقى من الشريعة الإسلامية يطبق على الجميع. فى المقابل، ترى الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب وأستاذ الفلسفة الإسلامية والعقيدة بجامعة الأزهر، أن البعض يبحث عن الأمور الفارغة ويتصدر لها، مشيرة إلى أنها ترفض بشدة مقترح إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومى، تخوفًا من استغلال إلغاء خانة الديانة للتدليس من جانب البعض، خاصة فى حالات النسب والميراث والزواج، موضحة أن مكافحة التمييز تأتى بنشر ثقافة تقبل الآخر، وتعديل مناهج التعليم لتقويم سلوك المواطنين. آمنة نصير في حوارها ل"البوابة": إلغاء خانة الديانة يفتح باب التدليس فى الزواج والميراث و «بلاش نتصدر فى الفاضية».. والأقباط يتقلدون مناصب مرموقة.. ومكافحة التمييز بثقافة تقبل الآخر قالت الدكتورة آمنة نصير، عضو مجلس النواب، وأستاذة الفلسفة الإسلامية والعقيدة بجامعة الأزهر، إنها ترفض بشدة مقترح إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومى، تخوفًا من استغلال إلغاء خانة الديانة للتدليس من جانب البعض خاصة فى حالات النسب والميراث والزواج، معتبرة أن الحديث عن هذا الأمر بمثابة بحث عن الأمور الفارغة والتصدى لها. ولفتت نصير، إلى أن مكافحة التمييز تكون بنشر ثقافة تقبل الآخر وتعديل مناهج التعليم لتقويم سلوك المواطنين. وأضافت نصير ل«البوابة»، أن هذا المقترح قد يتسبب فى إشعال الفتن والنيران بين أفراد المجتمع. ■ ما رأيك فى إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومى كما نص مشروع قانون «المواطنة وعدم التمييز» المطروح بمجلس النواب؟ - أرفض بشدة هذا المقترح، لأن البطاقة الشخصية هى هويتى التى أتعامل بها طبقًا للقانون فى الدولة، وأخشى أن يتم استغلال إلغاء خانة الديانة للتدليس من جانب البعض، خاصة فى حالات النسب والميراث والزواج، وأتعجب فى هذه المرحلة شديدة الخطورة التى تمر بها البلاد أن نبحث عن مثل هذه «الأمور الفاضية»، كما أننا كمواطنين فى مصر سواء المسلم أو المسيحى نحمل أسماء إلى الجد السادس لا تميز بين مسلم ومسيحى، فهذا الطرح يشعل الفتن والنيران فى المجتمع ولا يكافح التمييز ولا يساهم فى حل الأزمة، كما يظن البعض بل يعقدها، فالأزمة الحقيقية فى التربية والتعليم والمواد التى يتم تدريسها للمواطنين فى المجتمع وليس فى بيانات مكتوبة على بطاقة الهوية. ■ ولماذا لا يتم ذكر خانة الديانة فى جواز السفر وتذكر ببطاقة الرقم القومي؟ - هذا الطرح خطأ أيضًا، لأن جواز السفر يستخدم فى حالات خاصة وأكثر من 60٪ من المجتمع المصرى لا يملكون جوازات سفر، ولا تمكن المقارنة بين هذا وذاك، لأن قانون الدولة مختلف عن قوانين الدول الأخرى. ■ ما وجهة نظرك حول كيفية مكافحة التمييز بين أطراف المجتمع المصري؟ - مكافحة التمييز تتم بمقترحات أكثر جوهرية وبقوانين قادرة على كبح جميع أشكال وسبل التمييز والفتن الطائفية فى البلاد، فهذا المقترح يعنى التخلى عن الهوية، وهذا ما أرفضه كمسلمة، وأتصور أن المسيحيين يرفضونه أيضًا ولا يؤيدونه، كما أن العديد من الأقباط يتولون مناصب كبرى فى البلاد ولا يتم اضطهادهم بشأن هويتهم الدينية كما يروج البعض، والمشكلة الحقيقية هى أننا أمة وصلت فيها معدلات أمية القراءة والكتابة إلى 50٪، فتجب تنشئة المواطن وتثقيفه وتعليمه وليس البحث عن خانة مكتوبة فى بطاقته الشخصية. ■ يرى البعض أن ذكر الديانة فى البطاقة الشخصية هو نوع من التمييز المخالف للدستور.. ما تعليقك؟ - لا يوجد نص فى الدستور يشير إلى إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومى، كما أن الأصل فى الدستور والقانون هو الاستناد إلى الشريعة الإسلامية، والأصل فى الإسلام أن لكل فرد الحرية أن يعتقد ما يشاء، ولا يوجد إكراه فى الدين، ووجود خانة الديانة فى بطاقة الرقم القومى جاء لتنظيم المعاملات بين الأشخاص، ويترتب على ذلك تنظيم الشعائر الإسلامية والمسيحية ودخول دور العبادة والأماكن المقدسة، ومواجهة التمييز تكون بنشر ثقافة تقبل الآخر. ■ وكيف ترين الاعتراضات من النشطاء والحقوقيين الأقباط على وجود خانة للديانة؟ - أرى أن هذه الاعتراضات هى خلط فى الأوراق غير محمود، ولا يوجد تمييز بين مواطن وآخر فى البلاد بسبب بطاقته الشخصية، فالشعب المصرى لديه القدرة على التمييز دون النظر فى البطاقة، فيجب أن نتعلم بشكل صحيح الفارق بين الهوية الشخصية والتمييز على أرض الواقع، ونعى قيمة المفردات التى قد تؤجج الفتنة فى البلاد فى ظل هذه الظروف الحرجة. نجيب جبرائيل في حواره ل"البوابة": "خانة الديانة" جريمة تمييز وعنصرية.. ومعارضو مطالب الإلغاء لا يهتمون بالهوية المصرية.. والدستور نص على المساواة.. والقانون يبدد المخاوف من الخلط فى الزواج والمواريث قال المحامى نجيب جبرائيل، رئيس الاتحاد المصرى لحقوق الإنسان، إنه يؤيد إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومى المصرية، مشيرًا إلى أن هذا البند يترتب عليه العديد من الأزمات والمشاكل، ويميز بين أبناء الأمة الواحدة، لافتًا إلى أن تخوف البعض من تزوج المسيحى من مسلمة أو حدوث خطأ فى تطبيق قانون المواريث لن يحدث، لأن القانون المستقى من الشريعة الإسلامية يطبق على الجميع. وأضاف جبرائيل ل«البوابة»، أن خانة الديانة فى بطاقة الهوية لا تطبق فى جميع الدول المتحضرة المدنية مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا. ■ هل تؤيد إلغاء خانة الديانة كما نص مشروع قانون «المواطنة وعدم التمييز» الذى طرحته اللجنة الدستورية بمجلس النواب؟ - بالطبع أؤيد إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومى، لأن هذه المادة التى تنص على تواجد خانة الديانة تترتب عليها مشاكل كثيرة، وهو بند عنصرى فى الأساس، ويخالف المادة 39 من الدستور، ويفرق بين أبناء الأمة الواحدة، وهناك قضايا ووقائع شهيرة تؤكد أن التمييز ما زال ينخر فى مجتمعنا المصرى من قبل الطرفين، سواء فى طلب الوظائف للأقباط والاعتذار لهم عن تقلد بعض المناصب السيادية فى البلاد، كما أنه على الجانب الآخر يرفض عدد من الأقباط إسكان المواطنين المسلمين فى العقارات التى يمتلكونها، وقد ظهر الأمر جليًا فى حركة التغييرات فى وزارة الداخلية الأخيرة، فتأييدى لإلغاء خانة الديانة، تطبيقًا لقاعدة «درء المفسدة مقدّم على جلب المصلحة». ■ وكيف ترى تخوف البعض من إلغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومي؟ - التخوف الذى يتداوله الرافضون ضد إلغاء خانة الديانة هو أن يتزوج مسيحى من مسلمة أو يحدث خلط فى تطبيق قانون المواريث على المواطنين، علمًا بأنه لا يمكن لمسيحى أن يتزوج دون أن يحصل على شهادة من الكنيسة أنه لم يتزوج قبل ذلك، كما أن قانون المواريث فى مصر يطبق على المسيحى والمسلم، استنادًا للآية الكريمة «لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ» وهو يطبق على الجميع. ■ من وجهة نظرك.. هل يحل القانون مشكلة التمييز بين أطراف المجتمع؟ - بالتأكيد، يحل أزمة التمييز فى المجتمع، كما أنه يقضى على فكرة الحساسية فى بناء وترميم الكنائس ودور العبادة والتعيين فى الوظائف الحساسة فى الدولة، ثم إنه يؤكد أننا فى دولة مدنية حديثة لا دولة دينية، فلماذا لا تكتب خانة الديانة فى وثيقة السفر المصرية والجوازات؟ فهذا كيل بمكيالين. ■ بعض الناس يرى أن تطبيق هذا البند مخالف للدستور؟ - هذا غير صحيح، فالدستور ألزم مجلس النواب بإصدار قانون وتشريع، يقضى على أى شكل من أشكال التمييز فى المجتمع، وهو ما يعمل عليه عدد من النواب فى الآونة الأخيرة. ■ وهل الأمر مقصور على مصر؟ - لا توجد دولة فى العالم تضع خانة الديانة فى بطاقة الهوية، إلا فى بعض الدول العربية، وجميع الدول المتحضرة تعتبر ذكر خانة الديانة تمييزا وارتكاب جريمة، ومنها فرنسا وبريطانيا وألمانيا وحتى سنغافورة التى بها أكثر من 30 ديانة. ■ وكيف ترى الاعتراضات من قبل بعض علماء الأزهر والنواب على إلغائها؟ - هذه الاعتراضات تأتى لأنهم يريدون الإبقاء على الهوية الدينية الإسلامية، سواء فى الزواج أو المواريث رغم أن قانون المواريث يطبق على الجميع، ويصرون على التمييز بين أطراف المجتمع، ويجب أن نصر على الهوية المصرية وإلا أصبحنا مثل جماعة الإخوان الإرهابية والسلفيين الذين يدعون لإقامة الخلافة الإسلامية فى البلاد، ويرون أن مسلما فى أفغانستان أفضل من قبطى مصرى فى الحقوق والواجبات.