أبو فهر محمود محمد شاكر، نافح عن العربية فى مواجهة التغريب، اطلع على كتب التراث وحقق العديد منها، أقام منهجه الخاص فى الشعر وسماه منهج التذوق، خاض الكثير من المعارك الأدبية حول أصالة الثقافة العربية، ومصادر الشعر الجاهلى. محمود محمد شاكر أحمد عبد القادر من أسرة أبى علياء من أشراف جرجا، ولد بالإسكندرية أول فبراير عام 1909، وانتقل إلى القاهرة فى نفس العام مع والده الذى عُيّن والده وكيلاً للجامع الأزهر، وكان قبل ذلك شيخًا لعلماء الإسكندرية.. نشأ محمود شاكر فى بيئة متدينة، إذ كان أبوه كبيرًا لعلماء الإسكندرية ثم وكيلاً للجامع الأزهر، ولم يتلق أخوته تعليمًا مدنيًا، أما هو وقد كان أصغر أخوته فقد انصرف إلى التعليم المدنى، فتلقى أولى مراحل تعليمه فى مدرسة الوالدة أم عباس بدرب الجماميز، وهناك تأثر كثيرًا بدروس الإنجليزية لاهتمامهم بها ولكونها جديدة عليه، ولما كان يقضى أوقاتًا كثيرة فى الجامع الأزهر فقد سمع من الشعر وهو لا يدرى ما الشعر!! ومن الجدير بالذكر أنه حفظ ديوان المتنبى كاملاً فى تلك الفترة، وفى سنة 1921 دخل المدرسة الخديوية الثانوية ليلتحق بالقسم العلمى ويتعلق بدراسة الرياضيات، وبعد اجتياز الثانوية ورغم حبه للرياضيات، وإجادته للإنجليزية فضل أن يلتحق بكلية الآداب قسم اللغة العربية لما شعر به من أهمية الكلمة فى تاريخ أمته قديمًا، فلا بد أن يكون لها الدور الأكبر فى مستقبلها، ولأنه كان من القسم العلمى فقد تعذر دخوله كلية الآداب بداية، إلا أنه بوساطة من طه حسين لدى أحمد لطفى السيد رئيس الجامعة المصرية آنذاك استطاع أن يلتحق بما يريد سنة 1926. فى الجامعة استمع شاكر لمحاضرات طه حسين عن الشعر الجاهلى وهى التى عرفت بكتاب «فى الشعر الجاهلى»، وكم كانت صدمته حين ادعى طه حسين أن الشعر الجاهلى منتحل، وأنه كذب ملفق لم يقله أمثال امرىء القيس وزهير، وإنما ابتدعه الرواة فى العصر الإسلامى، وضاعف من شدة هذه الصدمة أن ما سمعه من المحاضر الكبير سبق له أن اطلع عليه بحذافيره فى مجلة استشراقية فى مقال بها للمستشرق الإنجليزى مرجليوث. خاض معركتين كبيرتين أولاهما مع طه حسين، والأخرى مع لويس عوض، كانتا من أبرز معالم حياته الأدبية والفكرية ويمكننا القول إنه تفرع عنهما معارك فرعية وثانوية كثيرة، وتعددت مؤلفاته، وحقق الكثير من كتب التراث العربى، أشهرها تفسير الطبرى، وطبقات فحول الشعراء، ودلائل الإعجاز لعبد القادر الجرجانى، وغيرهم كثير. توفى مساء يوم الخميس الموافق لمثل هذا اليوم عام 1997.