زوجته تفجر مفاجأة وتتهم الأطباء بقتله عمدًا مدير المستشفى: آلاف المرضى مهددون بالعمى وغير قادرين على العلاج.. والشركات المستوردة للقرنيات تضع فيها مبالغ رهيبة من الدولارات نجل عم الضحية: لن نترك حقه.. وواثقون فى القضاء المصرى "الداخل مفقود والخارج مولود"، أصبح هذا هو حال جميع المستشفيات الحكومية, أو الاسم المدرج دائمًا "مستشفيات الغلابة", لا سيما بعد دخول أحد المرضى، أحد المستشفيات لإجراء قسطرة على القلب وخروجه بعد عدة أيام من المستشفى جثة هامدة منزوع منه قرنية العين, فإذا اضطرتك الظروف لدخول مستشفى خاص بالفقراء، فعليك بتوثيق حالتك المرضية وجميع أعضاء جسمك، حتى لا يفاجأ أقاربك عند موتك بأنه تمت سرقة بعض أعضائك دون الرجوع إليهم. بقلوب راضية قانعة استقبلت أسرة المتوفى خبر وفاته، دون اعتراض على موته، لأنه نهاية كل المخلوقات داخل إحدى المستشفيات الحكومية مع يقينهم بأن حالته كانت مستقرة، وأنه كان يتحدث معهم ومع أصحابه من خلال هاتفه من بداية الليل حتى أذان الفجر. لكن ما افجعهم وأحزنهم وأدمى قلوبهم عندما رأوه محمولاً على عربة "ترول" داخل غرفة ظلماء مقطوع عنها الكهرباء تسمى ب"مغسلة المستشفي" غارقاً فى دمائه ومنزوع منه قرآنية العين, مع وجود عامل المغسلة وهوا يحاول إخفاء الدماء عن طريق تسليط خرطوم مياه على أثار الدماء المتدفقة من الجثة. البداية كانت عندما قام أحد أقارب الضحية بنشر مقطع فيديو للفقيد وعينيه تنزف بطريقة مفجعة عقب وفاته، متهمين إدارة المستشفى ب"موته عمدًا وسرقة القرنية". "ماما أنا بابا وحشنى هوا هيجى أمتى"، سؤال توجه دائمًا الطفلة روان التى لم تكمل عقدها الأول لوالدتها عقب فقدها والدها الذى لم تتمتع بحنانة كم تتمنى معظم الأطفال فى نفس عمرها، ففى بيت بسيط متوسط الحال، تسكن الأسرة المكلومة داخل شقة متواضعة بمنطقة الخصوص, كانت السعادة عنوانها لكن سرعان ما خيم الحزن عليهم نتيجة فقدان رب المنزل . فمجرد أن تخطو قدمك أعتاب باب المنزل تشاهد أطفاله أمامك وهما يجلسون والدموع تسيل من أعينهم حزنًا على فراق والدهم، ثم على بعد خطوات تجد سيدة ترتدى جلبابًا أسود وملامح الحصرة والوجع تكسو وجهها الشاحب باكية على فقدان شريك حياتها الأوحد. وفى البداية تروى فهيمة عبد اللاه زوجة المتوفى"أحمد عبد التواب" البالغ من العمر48 عامًا" والمعروف إعلاميًا ب"فقيد القرنية"، الذى توفى داخل مستشفى قصر العينى تفاصيل الواقعة ل"المصريو" قائلة "منذ حوالى 3سنوات أصيب زوجى بمرض السكر الأمر الذى جعله يبتر قدمه اليسرى. وتستطرد عبد اللاه قبل عدة أشهر أصيب بجلطة وكان يعانى من مشاكل فى القلب، ويحتاج قسطرة فتوجهنا به إلى مستشفى قصر العينى، وبعد إجراء الفحوصات الطبية اللازمة والمتابعة اليومية أكد بعض الأطباء أن الحالة أصبحت شبه مستقرة وتحتاج علاج فقط بجانب مكوثه يومين داخل المستشفى للاطمئنان عليه. وتكمل الزوجة المكلومة، حديثها بدموع وصرخات قائلة: قبل الوفاة بيوم اتصلت به وأخبرنى بأن حالته الصحية تحسنت: " اطمنى عليّ.. هما وقفوا كل الإجراءات وبقيت كويس "، وتتابع اليوم التالى قاصدة يوم الوفاة، الساعة الرابعة والنصف فجرًا تلقيت اتصالاً منه يطمئنى على حاله قائلاً: "أنا مرتاح جدًا وحالتى أتحسنت خالص.. يومين وهخرج ليكم". وتسرد فهيمة، حديثها قائلة: "فى الساعة العاشرة والنصف صباح يوم الأحد الماضى قمت بالاتصال به فرد على أحد الأطباء المتواجدين داخل المستشفى قائلاً: "البقاء لله زوجك أتوفى نتيجة هبوط حاد فى الدورة الدموية، جريت على المستشفى فورًا.. فضلنا نلف ساعتين عشان نلاقى الجثمان لحد ما قالولنا ممكن يكون دخل الثلاجة". تصمت فهيمة قليلاً لاسترجاع ذاكرتها والدموع تزرف من عينيها ثم بعد ذلك تبدأ تصف مكان "الغسل" الذى وجدت فيه الجثة عندما وصلوا، "الدنيا ظلمة.. النور مقطوع.. عينه بتنزف دم.. رجل فى أيديه خرطوم مياه ومغرق المكان" وتتابع طلعنا الموبايل وشغالنا الكشافات لرؤية الجثمان، رغم أن الكهرباء تعمل فى جميع الحجر المجاورة لنا، مردفة "لقينا عينيه بتنزف ومغرقة الأرض دم.. بنفتح لقيناهم واخدين القرنية"، مشيرًا إلى أنهم عندما قاموا بفتح عيناه وجدوا لونهما أحمر عكس أعين كل الموتى تكون عيونهم بيضاء وشاحبة وتنزف بشدة وأخرى تم تخيطها". وأضافت زوجة المتوفى، أن عندما قاموا بسؤال العاملين ب"ثلاجة الموتى" عما حدث أكدوا لها أنهم استلموا الحالة بنفس الوضع الذى وجدوها عليه، لافتة إلى أن عين المتوفى ظلت تنزف 12ساعة متواصلة، مشيرًا إلى أن المستشفى طوال الفترة التى مكث فيها زوجها كان يجرى له الأشعة والتحاليل لمطابقة مواصفات قرنيته مع المريض الآخر الذى نقلت إليه الأمر الذى أدهشهم منذ بداية دخوله غرفة العناية المركزة. وتختم الأم حديثها فى حسرة وحزن، قائلاً: "حسبنا الله ونعم الوكيل فى كل من عمل كده فيه وحرمنا أنا وعياله الثلاثة منه وتضيف ابنه الكبير عنده 11سنة جاله انهيار عصبى وصدمة من بشاعة المنظر ولا يأكل ولا يتحدث مع أحد إلى الآن.. آخر مرة يودع أبوه فيها يشوفه بالمنظر ده.. مين يرضى يشوف أبوه كده أزاى يكمل الطفل باقى حياته بعد اللى شافه، مطالبة برجوع حق زوجها". وفى هذه اللحظة يلتقط محمود عبد اللاه طرف الحديث ليخبرنا بما قاله له مدير مستشفى قصر العينى، بعدما سأله عن أسباب نزعهم "قرنية" نجل عمه مجيبًا: "دى مش أول حالة.. واللى حصل دا قانون.. ولو مخدناش الجزء السطحى هيكون فيه آلاف من المرضى هيعانوا من العمى ومش قادرين يتعالجوا لأن مفيش قرنيات، وفى نفس الوقت الشركات المستوردة للقرنيات تضع فيها مبالغ رهيبة من الدولارات". مشيرًا إلى أن المستشفى لم ينزع قرنية المتوفى، ولكن أخذوا الطبقة السطحية للقرنية لإنقاذ حياة مرضى آخريين مهددين بالعمى، يتم علاجهم بالمجان داخل قصر العينى، وهذا لا يمثل إهانة للمتوفى ولا الجثة ولا يؤثر إطلاقًا على شكل العين، موكدًا أن القانون الصادر عام 2003 يتيح للمستشفيات الحكومية أخذ الطبقة السطحية للقرنية، بما لا يشوه العين. ويختم نجل عم المتوفى حديثة ل"المصريون" قائلاً: بعد ذلك توجهنا لقسم شرطة مصر القديمة وحررنا المحضر رقم 5505/2018 بالواقعة، وننتظر تحقيقات جهات التحقيق والتقارير الطبية، ولن نترك حق المتوفى يذهب سدى وواثقون فى القضاء المصرى .