قال خبيران عسكريان، إن قرار الولاياتالمتحدة، بشأن الإفراج عن 195 مليون دولار من المعونة العسكرية المقدّمة إلى مصر، المقدرة ب1.3 مليار دولار، يعكس تراجعًا في موقفها السابق إزاء ملف حقوق الإنسان، واعترافًا منها بخطأ تقديرها للوضع في مصر. كانت وزارة الخارجية الأمريكية، أعلنت أمس، أن إدارة الرئيس دونالد ترامب، قررت الإفراج عن 195 مليون دولار مساعدات عسكرية لمصر، لمصر كانت قد قررت حجبها العام الماضي على خلفية مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان. وقال مسؤول، بالخارجية الأمريكية، إن القرار جاء اعترافًا "بالخطوات التي اتخذتها مصر على مدى العام الماضي استجابة لمخاوف أمريكية معينة، وفي ضوء تعزيز الشراكة مع مصر"، بحسب وكالة رويترز. وفي أغسطس من العام الماضي، قررت الإدارة الأمريكية إلغاء مبلغ 95.7 مليون دولار من المنح والمساعدات المقدّمة لمصر، بالإضافة إلى تأجيل صرف 195 مليون دولار ضمن برنامج المساعدات العسكرية. وكانت هذه هي المرة الأولى التي تقتطع الإدارة الأمريكية فيها قسمًا من المساعدات العسكرية لمصر بسبب شكاوى انتهاكات حقوق الإنسان. اللواء نبيل ثروت، الخبير الاستراتيجي والعسكري، قال إن "الخطوة هي اعتراف غير مباشر من الولاياتالمتحدة، بثقل ومكانة مصر، وأنها تسير على الخط المستقيم، ولا تتبع أي طرق ملتوية للوصول لأهدافها". وأضاف ل "المصريون": "أمريكا لا تُعطي مساعدات لوجه لله، وإنما تقدمها بهدف تسيير مصالحها وتحقيق أهدافها، وقد حاولت استخدام تلك المساعدات كورقة ضغط، لتحقيق بعض الأهداف، غير أنها تأكدت أن مصر لا تخضع لأية ضغوطات، وليس هناك ما يدينها، ما دفعها إلى الإفراج في النهاية عن تلك الأموال". الخبير الاستراتيجي، فسر التراجع الأمريكي بأن "واشنطن أدركت أن تلك الخطوة منذ البداية كانت بلا داع، لذا عملت على تصحيح الخطأ والتقرب لمصر، لا سيما أنها رأت أن حجب تلك المساعدات لم يشغلها بأي شكل من الأشكال". وبرأي ثروت، فإن "سياسة تنويع السلاح التي اتبعتها مصر خلال الفترة الماضية، دفعت الولاياتالمتحدة إلى استخدام بعض أوراق الضغط؛ من أجل إثنائها عن ذلك، إلا أنها لم ترضخ لتلك الضغوط ،وتمسكت بسياساتها، ما أجبر أمريكا في النهاية عن إلغاء قرارها بشأن المساعدات". وتوقع الخبير الاستراتيجي أن "القرار سيكون له صدى على المستوى الدولي، أكبر من قيمة المساعدات نفسها، لأنه سيدرك الجميع قيمة ومكانة مصر في المنطقة، وأن ما تم ترويجها حولها مؤخرًا لا أساس له من الصحة". بدوره، قال اللواء عبد الرافع درويش، الخبير الاستراتيجي والعسكري، ورئيس حزب "فرسان مصر"، إن "الولاياتالمتحدة أدركت أن ما روجته حول حقوق الإنسان خطأ، وبالتالي قررت الإفراج عن المساعدات المحجوبة". وأضاف ل "المصريون": "واشنطن أدركت أن مصر لا يشغلها قرار حجب تلك المساعدات، فضلاً عن رؤيتها لحجم الإنجازات والتطور التي تحقق خلال الفترة الماضية على أرض الواقع، لذا سعت إلى تحسين علاقاتها مع القاهرة، وتهدئة الأوضاع". الخبير العسكري، وصف السياسة الأمريكية بأنها تقوم على "الهوى والمزاج"، مستدركًا: "عقب ثورة 30 يونيو حجزت طائرات الأباتشي التي كان يتم صيانتها هناك في تلك الفترة، وعندما تأكدت أنها ثورة شعبية، إعادتها مرة أخرى لمصر، سياستها تقوم على البلطجة". درويش، قال إن "حجب المساعدات كان بهدف إجبار مصر، على تنفيذ أهداف بعينها، غير أن مصر لم تنفذ أي منها، وظلت متمسكة بموقفه، ما دفع أمريكا إلى الإفراج عن المساعدات العسكرية لمصر". وقال السفير أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، إن "القرار يعكس أهمية وخصوصية العلاقات المصرية الأمريكية، ويؤكد أيضًا الالتزام الذي تقدمه كل من مصر والولاياتالمتحدة لدعم وتعزيز العلاقات بين البلدين". وفي تصريحات متلفزة له، أوضح أبوزيد، أن "برنامج المساعدات جزء أصيل من هذه العلاقات ويؤكد على استراتيجيتها. وحول الخلاف بين الإدارة الأمريكية والكونجرس بهذا الصدد، أشار إلى أن "هذا حق من حقوق الإدارة، وطالما اتخذت قرارًا، يكون ساري المفعول"، لافتًا إلى أن "مصر انتظرت إعلان الجانب الأمريكي، عن القرار باعتباره إجراءً أمريكيًا، لذلك لم تعلن عنه فور علمها به".