جبروت أمريكا وصل لفرض سياستها ومصالحها على الشعوب خصوصا المصريين، لأن مصر تمثل رأس الحربة فى المنطقة التى تحتوى أخطر قضية "إسرائيل", لاحظنا أثناء زيارة كلينتون محاولتها لإظهار التقارب مع الرئيس, لإضعاف شعبيته, وإظهار العكس مع المشير, لدعم وطنيته, فما الحكاية؟؟ -المشير أصدر الإعلان الدستورى المكمل وتولى ترتيبات قضائية سياسية لحل البرلمان, بأوامر أمريكية, لإضعاف الرئيس الذى كان متوقعا بالانتخابات, وبعد تنصيب الرئيس فوجئنا بتصريح المشير "مصر ليست لفصيل واحد والجيش لن يسمح بتولى فصيل واحد سلطة الحكم"، ففى وجود رئيس منتخب يتصدى وزير الدفاع لأهم تصريح سياسى إستراتيجى لتحديد المسار الديمقراطى للثوره, التصريح يؤكد بأن العسكر لن يتخلوا عن السلطة السياسية وسيكون لهم دور مستمر فى تحديد الفصيل الذى سيحكم بل تحديد دور هذا الفصيل مقارنة بأدوار الفصائل الأخرى. - يعنى إهدارا لنتيجة صناديق الاقتراع, إنه يقول: "لا لحكم الشعب, طظ فى الديمقراطية, لا أعترف بثورة يناير ولا تعنينى دماء الشهداء. أنا ضد الشرعية الدستورية والشريعة الإسلامية التى تؤكد أن السلطة للشعب"، إنه يحدد مصير رئيسنا على المدى القريب جدا, كلام مذهل ضد المنطق والمواثيق الدولية والأديان السماوية. - يستحيل أن يصدر هذا التصريح من مسئول كبير جدا فى أهم دولة فى أكثر مناطق العالم حساسية بدون توجيه ودعم إسرائيلى أمريكى, فضلا عن أنه كلام يعنى "كلبشة الدولة" أمنيا واقتصاديا حتى لا تنهض وهو المطلوب بالضرورة إسرائيليا. - الفصيل المقصود هو الإخوان والسلفيون (لأنها قضية توجه إستراتيجى لمشروع إسلامى مناهض للمشروع الصهيونى العنصرى المدعوم أمريكيا, تصور أن رومنى المرشح للرئاسة الأمريكية اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل)، مطلوب منع هذا الفصيل من الوصول للسلطة التشريعية والتنفيذية, البرلمان والرئاسة ومعها الحكومة, لأن السلطة القضائية ليست بالانتخاب الآن، وبالتالى فهى تحت سيطرة العسكر، وبما أن الرئاسة تابعة الآن بالفعل لهذا الفصيل والحكومة تابعة لها فى النظام الرئاسى وتابعة للبرلمان فى النظام البرلمانى يعنى تابعة لنفس الفصيل على أى حال لأن نتيجة الانتخابات البرلمانية المتوقعة ستكون لصالح نفس الفصيل (بالرغم من انخفاض شعبيتهم)، وبما أن التجربة أثبتت للعسكر استحالة تزوير الانتخابات البرلمانية وحتى الحيل القانونية التى نجحت فى حل البرلمان لن تجدى لأن "التكرار يعلم الشطار", فالتصور المطروح هو ضرورة حرمان الإسلاميين من الرئاسة وجزء كبير من الحكومة، بحيث يتم الآن, بالضبط مثل ما حدث مع البرلمان, تجييش كل إمكانات الدولة العميقة لإفشال الرئيس بخصوص الأمن والمرور والنظافة والخبز والوقود مع إضافة أزمات مياه الشرب والكهرباء كل ذلك بدعم إعلامى فاجر ضد شخص الرئيس ليتم تراجع شعبيته ليكون لقمة سهلة لحيلة دستورية لإجراء انتخابات رئاسية جديدة فى مناخ هبوط شعبية الإسلاميين بسبب عدم إنجاز الرئيس لآمال الشعب. - يصعب نجاح هذا المخطط إلا بدعم الفصائل الأخرى المسماة مدنية أو ليبرالية أو اتجاها ثالثا ويا حبذا لو تم تكرار بعض الأخطاء من الإسلاميين. - الرئيس لابد له من توجه إستراتيجى وليس أمامه إلا طريقين متضادين فكريا ووطنيا ومنطقيا, أما الاستناد إلى الشعبية الداخلية أو الهيمنة الخارجية, لا يوجد احتمال ثالث ويستحيل اتخاذ حل وسط, حيث إن الهيمنة الخارجية المقصودة تتعارض جذريا مع هوية وكرامة ومصلحة المصريين بجميع المقاييس ويستحيل أن ينجح الرئيس أو حتى يبدأ فى مواجهة الهيمنة الخارجية المذكورة إلا بالاستناد إلى الشعب والذى يتأسس بداهة, بانتماء الرئيس ونظام الحكم إلى هوية ومرجعية وثقافة الشعب, ولذلك كان المخلوع محددا فى اختياره مستندا على قوى الهيمنة الخارجية, منبطحا أمام إسرائيل, ومناهضا لهويتنا وثقافتنا حتى ثار الشعب تلقائيا ضده دون توجيه من أى رموز أو قوى سياسية. - القوة الوحيدة القادرة على حسم الصراع على السلطة بين العسكر غير المنتخبين وبين المدنيين المنتخبين هى "الشعب"، ولذلك أمريكا تعمل لتقييم النشاط الثورى الشعبى المنتظر لمواجهة ديكتاتورية العسكر، فإذا هبط هذا النشاط ستستمر فى دعم سيطرة العسكر الخشنة على السلطة وإذا حدث العكس فليس أمامها إلا الخطط البديلة للتدخل فى تشكيل توازنات السلطة المدنية الجديدة لإعادة استيعابها فى مرحلة ما بعد الدستور الجديد. فلماذا يتأخر الرئيس فى الحسم واللجوء إلى "الشعب وهو صائم"؟؟ الإجابة بالمقال القادم د.حسن الحيوان [email protected]