ابحث معكم اليوم عما بداخل كل منا من نقاء السريرة وحب الخير، الذى ولد بالفطرة .. كما نبحث معا عن المدينة الفاضلة بداخلنا حتى لو كانت بقايا .. فقد تغنى الكثير من الشعراء بالمدينة الفاضلة وتمنى الناس كلهم أن يجدوا هذه المدينة التى يتحلى الناس فيها بالمحبة والصدق والإخلاص والكرم وغيرها من مكارم الاخلاق، المدينة الفاضلة كانت فى نظر الفارابى هى المدينة أو المجتمع الذى تتحقق فيه السعادة للأفراد على أكمل وجه، يعيش فيها الأفراد على نحو من التكامل والوفاق، علماً بأن السعادة التى ينالها الأفراد فى المدينة الفاضلة لا يمكن أن تتحقق وتكون شاخصة إلا إذا تعاون الأفراد كل مع الآخر، واختص كل واحد منهم بالعمل الذى يحسنه وبالوظيفة المهيأ لها وفق طبيعته، فالمدينة الفاضلة تشبه البدن الصحيح الذى يتعاون أعضاؤه كلها على تكامل الحياة وعلى حفظها وحمايتها واستمراريتها. وأهم خصائص المدينة الفاضلة كما حددها الفارابى هى أنها تعتمدعلى مبدأ التعاون بين أفرادها وفئاتها الاجتماعية مهما تكن تخصصاتها الوظيفية وأعمالها، فالفارابى يقسم أهل المدينة الفاضلة إلى ثلاث مجموعات حسب الأعمال التى تمارسها هذه المجموعات، فهناك مجموعة القادة والحكام ورجال الدين، ومجموعة العسكريين والجنود والمدافعين عن المدينة، وأخيراً مجموعة الصناع والفلاحين الذين ينتجون للمدينة ويوفرون لها ما تحتاجه من طعام وكساء ولوازم ومعدات وتقنيات تحتاجها فى حياتها اليومية، فهذا ما نحن بصدده اليوم فنحن اليوم نضع الأسس والدعائم الأساسية لنبنى دولتنا فالنتعلم أن التعاون يعتمد على نظام تقسيم العمل والتخصص فيه، وتظهر العدالة فى المدينة الفاضلة وتعم السعادة بين الناس عندما تؤدى كل مجموعة من المجاميع الوظيفية عملها، المدينة الفاضلة: مقترح لمدينة أساسها الإنسان نفسه سواء أكان مسئولاً أو موظفاً أو عاملاً أو مديرًا.. رجلاً أو امرأة.. وبكل ما تحمله كلمة «الفضالة» من معان سامية... فى الشارع.. فى العمل الحكومى.. فى العمل الخاص.. فى المراكز التجارية.. فى المطاعم.. فى الأسواق.. فى كل موقع نجد أن «الفضالة» والمثالية والوعى والرقى تتجسد فى كل وقت وبأرقى صورها المدينة الفاضلة: لا يحتاج المواطن فيها إلى واسطة ( معرفة ) لكى يسهل ويسرع ويساعد فى إنجاز طلبه . مدينة فاضلة بحسن خلق وتعامل سكانها فيما بينهم ومع الآخرين.. مدينة يتسم كل موظفى الأجهزة الخدمية فيها بسرعة الإنجاز فى العمل وبدقة التنفيذ .. وباحترام القادة من قبل المسئول الصغير والكبير. مدينة يتواجد جميع مسئولى وموظفى أجهزة الدولة فى مكاتبهم فى كل القطاعات بدون استثناء من الساعة الثامنة صباحًا إلى الساعة الثانية والنصف ظهرًا أو بوقت العمل الرسمى، مدينة تتنافس أحياؤها وشوارعها فى الجمال والنظافة و النظام: هى مدينة ليس فيها للمجاملات الاجتماعية والقبلية والأسرية أى مكان إطلاقًا فى أى وقت وفى أى مجال فالسائد هو العدل الإسلامى والأنظمة والقوانين واحترامها أن الحاجة إلى الأمن هى فى طليعة احتياجات الإنسان الأساسية. و بطبيعة الحال تتجلى هذه الحاجة فى جوانب مختلفه، منها الأمن الإخلاقى، و الأمن الاقتصادى، والأمن الحقوقى، والأمن الاجتماعى والأسرى إلى غير ذلك، المدينة الفاضلة التى أنادى بها هنا ليست هى المدينة التى نادى بها الفيلسوف الشهير (الفارابى) قبل ألف ومائة عام ولكنها مدينتنا نحن الفاضلة ولكن بعد مضى هذه السنين الطوال نتساءل هل من حقنا أن نحلم بوجود ( مدينة فاضلة) فى هذا الزمن ؟ [email protected]