فراج إسماعيل كان الأهلي أمس سفيرا فوق العادة للكرة المصرية في مواجهة نظيرتها التونسية، وكانت الجماهير ذات الألوان المختلفة والتي ذابت جميعا في لون واحد هو لون الأهلي، نموذجا حيا للمصريين عندما يتوحدون ويجمعهم هدف قومي. وبالفعل كان الحصول على الكأس الأفريقية بمثابة هدف قومي لكل مصري فوق أرض الكنانة أو في خارجها على امتداد العالم. الجماهير هي أجمل ما في مباراة الأمس بين الأهلي الذي توج زعيما للقارة السمراء، وبين النجم الساحلي الذي احتفظ بلقب الوصيف للعام الثاني على التوالي. لقد شاهدنا وحدة العلم الزملكاوي والأهلاوي، وشعار "احنا الأهلاوية جايين من الاسماعيلية" وغير ذلك من اعلام وشعارات مثلت كل الأندية المصرية، وجاءت من كل المدن والقرى في أرض الكنانة. شعرت أمس انني اتفرج على مباراة لمنتخبنا الوطني بسبب هذه الوحدة الجماهيرية غير المسبوقة، والتي انهت تماما تلك الطائفية الكروية التي أخافتنا خلال الفترة الماضية، وكنا نخشى من تأثيرها على منتخبنا في المونديال الأفريقي. التوانسة دخلوا المباراة تسبقهم سمعة كرتهم على مستوى القارة، ووصولهم إلى مونديال المانيا، حيث يعيشون حاليا أزهى عصورهم الكروية، وهم على مستوى المنتخب لا يزالون أبطال أفريقيا وسيظلون كذلك حتى انتهاء مباريات البطولة الأفريقية في فبراير القادم. منذ أول أمس والتونسيون يرقصون في شوارع القاهرة، ويحلمون بالعودة بكأس البطولة، ويتوعدون شياطين الجزيرة وكل الكرويين في مصر. والحمد لله ان هذا الوعد والوعيد فجر براكين التحدي في أبناء الأهلي، وهذه هي عادة المصري دائما منذ فجر التاريخ. لقد حسم الصاروخ الموجه المحمل برأس نووي والذي أطلقه الفتى أبو تريكة، المباراة قبل مضي نصف ساعة منها، وكان واضحا أن الشياطين قادرون على أن يصولوا ويجولوا ويضيفوا المزيد رغم بعض النيازك التي حاول النجم اطلاقها! والحق لم أر مثل جمال هذا الهدف منذ مدة طويلة، وهو من نوعية الأهداف التي يجب تدريسها في ملاعب التدريب.. كيف يقبض أبو تريكة على الكرة من الوضع متحركا، وكيف يجذبها بمغناطيس ثم يحملها بكومبيوتر يذهب بها في زاوية المرمى خلال طرفة عين فلا يراها الحارس النجماوي العملاق إلا وهي تزغرد وراءه، ولا يملك إلا أن ينظر لها باعجاب شديد! في الشوط الثاني وقع التوانسة في الفخ المتمثل في الهجوم من أجل التعويض، وكانت هذه فرصة الأهلاوية ليفرضوا أسلوبهم الهجومي ويتخلصوا من التكتل الدفاعي الذي اشتهر به النجم الساحلي. وبالتالي رأينا شوطا ممتعا.. الشياطين تطلق صيحاتها المرعبة من الأطراف ومن العمق. الكرة من هجمة على مرمى الحضري نشم منها رائحة الخطورة ما تلبت ان ترتد هجمة أهلاوية سريعة تنتهي إلى رأس الصقر أسامة حسني فيرتقي إليها مطبقا كل أبجديات كتب كرة القدم ويسددها صاروخا جو أرض لتدمر كل ما بقي من قاعدة النجم! بعدها شعرت أن هناك نوايا غير طيبة للفتك بالفتي الذهبي بركات وكنت أخشى عليه، فمثل هذا النجم ثروة قومية تهم كل مصري، وبالفعل تعرض للخشونة مع كل كرة كان ينطلق بها، أرادوا تجميد هذا الزئبق أو ارهابه، لكنه بركات الذي لا يكل ولا يمل إلا إذا حقق ما في نفسه.. وبالفعل أحرز بركات مسك أهداف الأهلي الثلاثة من هجمة سريعة صنعها لنفسه، جرى بها ثم دار وأطلق قذيفة مدوية حطت داخل الشباك. مبروك للأهلي ولكل مصر هذا الفوز الكبير والعرض الجميل.. آن لنا أن نفرح وان نفخر بزعامتنا للاندية الأفريقية، ومن حقنا الآن أن نحلم بزعامة المنتخبات أيضا في البطولة الأفريقية التي سنحتضنها على أرضنا.. ونحلم بذلك التشجيع الجماهيري الجميل والموجات الحمراء التي شهدناها في المدرجات أمس. موعدنا يناير.. وباذن الله لن يخيب لنا هؤلاء النجوم رجاء. [email protected]