كيف يعبر الزوجان عن مشاعرهما بشكل يرضى الطرف الآخر ويسهم في استقرار الأسرة و يزيد الشعور بالإشباع النفسى وإشاعة روح السعادة داخل البيت ؟ لا أعتقد أن الكلام المعسول والسلوكيات المتعمدة مثل إحضار الهدايا والقيام برحلات ترفيهية لها أهمية كبيرة في هذا الشأن ربما يكون العكس فالعلاقة الصحية لا تحتاج إلى دعم خارجي وهذه الشكليات التي تروج لها وسائل الإعلام التجارية هي بمثابة مقويات ومنشطات صناعية لا يلجأ إليها إلا من يحتاجها والدليل على ذلك أن الأجيال السابقة كانت تتمتع بعلاقات دافئة عميقة قوية دون الوقوع في شراك أغاني الحب ورنات المحمول ما يحتاجه الزوجان هو إشباع احتياجهم الفطري للاستئناس بالآخر وزادهما عبر رحلة الحياة هو الإخلاص والمشاركة يعنى الإخلاص أن يتبادلا الشعور بالامتلاء والاكتفاء وعدم التطلع للغير، وخاصة الزوجة التي تتلمس الإحساس بالأمان عبر تأكدها من ثبوت مؤشر قلب زوجها أمام بوصلتها هي وهذا المعنى نفهمه من قول الله تعالى " لتسكنوا إليها" فالسكن هو سكون القلب واستقراره مع نصفه الآخر أما المشاركة فهي أن يكون بين الزوجين عالما معرفيا واحدا فلا يعيش هو في واد وهى في واد آخر بل يتشاركا المسئوليات ويتبادلا الأفكار والرؤى التى تثرى عالمهما وتؤكد لكل منهما أنه لا يحيا وحده بل هناك من يؤازره ويفهمه ويعزف على نفس موجته لحنا يكون كل منهما فيه صدى للآخر وهذا المعنى نفهمه من قوله تعالى "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا" فهى أن تجد من يكمل منظومتك ويجعل لحياتك هدفا ومعنى وكأنكما نفسا واحدة تواجهنا الحياة دائما بعاصفة من الأسئله أهمها وأرقاها لماذا نحيا؟وما هى أهدافنا ومحصلة حياتنا النهائية؟ ونحن نحتاج إلى رفيق على الدرب لكى نكتشف معا أجوبة لأسئلة الحياة فإذا أتفقنا على أن من أهدافنا حسن تربية الأبناء فإننا نتشارك في أداء هذه المهمه و إذا كان رضاء الله عز وجل هو هدفنا الأعظم والنهائى فنحن نتعاون من أجل الوصول إليه أجمل ما في الرحلة تفاصيلها عندما يوشك أحدنا أن تنزلق قدمه فيسانده رفيقه ويعتمد على ذراعه القوية الممدودة إليه ليستعيد نفسه وعندما يرى أحدنا مشهدا ساحرا فينبه إليه الآخر، وعندما نصل معا إلى إجابة أحد الأسئلة المعلقة التي أرقتنا كثيرا وعندما نتقاسم الرزق و نجعل من أيدينا مهدا لأبنائنا حتى يستقروا أمامنا على بر الأمان يخفف الحب من مشقة الرحلة يقول تعالى "وجعل بينكم مودة ورحمة" المودة والرحمة مشاعر صافية دافئة تقلل من الأعراض الجانبية للتلازم مثل الملل والتصادم وتعارض وجهات النظر. لا نحتاج أبدا لأن تنضوى إحدى الشخصيتين تحت ظلال الأخرى بل إن العلاقة الناجحة هى تفاعل بين شخصين ناضجين يحترم كل منهما خصوصية الآخر ويتكامل معه ويساعده على تنمية قدراته الخاصة لأقصى مدى فكلما قوى جناحا الطائر ازدادت قدرته على الارتفاع والتحليق الانسجام هو ما نحتاجه وليس الاندماج فكل إنسان هو فرد متميز لا يمكنه أن يكون صورة متطابقة من رفيقه وهذا التطابق ليس في صالح العلاقة لأن التابع يصبح عبئا على من يتبعه و ظل الإنسان لا يضيف إليه شيئا. في العلاقة الزوجية الصحية واحد زائد واحد أصبحا اثنين يسيران في طريق واحد ليستمتعا معا بجمال اللحظات الآنية ويبحثا معا عن أجوبة لأسئلة الحياة.