تسببت المبادرة التي أطلقها الدكتور كمال الهلباوي، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، القيادي السابق بجماعة "الإخوان المسلمين"، والتي تهدف إلى إنهاء الأزمة السياسية القائمة في مصر منذ 5سنوات في شن هجوم حاد على المنشقين عن الجماعة. "مجموعة من المندسين، وعملاء ضد الوطن"، هكذا وصف النائب محمد الغول، جميع المنشقين عن "الإخوان"، الأمر الذي فجر ردود فعل غاضبة في أوساط المنسحبين من الجماعة. واعتبر وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، أن "طرح الإخواني المنشق كمال الهلباوي، لمبادرة للمصالحة مع الإخوان هي ألاعيب يقودها من أجل مصلحة الجماعة الإرهابية ضد الدولة المصرية"، لافتًا إلى أن "كل المنشقين عن الجماعة هم مجموعة من المندسين؛ لأنه لا يوجد من الجماعة الإرهابية إلا كل خائن وعميل ضد الوطن". الدكتور خالد الزعفراني، القيادي السابق بجماعة "الإخوان"، الباحث في الحركات الإسلامية، قال إنه "لا يجوز بأي حال من الأحوال إطلاق مثل تلك الاتهامات على جميع من تركوا الجماعة، إذ أن هناك من تركها بالكلية وأعلن عن ذلك صراحة، وهناك أيضًا من تركها لكنه لا زال متعاطفًا ومحتفظًا ببعض أفكارها". وأضاف الزعفراني ل "المصريون": "هناك فرق شاسع بين من يرى أنها بدعة ولا يجوز تأسيس جماعات في الإسلام، وانتقد أفكارها بشكل صريح، وبين من يرى أنها ارتكبت أخطاء كثيرة وعليها تعديلها، مع الإبقاء على الجماعة". وأشار إلى أن الأول ابتعد عنها تمامًا وصار ليس بينه وبينها أي علاقة، ومن ثم لا يجوز أن يتم اتهامه بمثل تلك التهم، أما الثاني ما زال فكرة ليس كامل النضج، ولم يخرج من الجماعة بشكل كامل". وتابع الزعفراني: "هناك أمثلة كثيرة على أشخاص كانوا إخوان وتركوها وتقلدوا مناصب مهمة جدًا بالدولة فمثلًا الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان من الإخوان، والشيخ الباقوري أيضًا، ووزير الأوقاف الشيخ عبد العزيز كامل، الذي شغل هذا المنصب لفترة طويلة كان من الإخوان، وغيرهم كثير، فهؤلاء تركوا الجماعة وانشقوا عنها، وبالتالي لابد أن يتم تحديد المسألة بوضوح وليس هكذا". القيادي السابق بالجماعة وصف نفسها بأنه "من أوائل الذين أعلنوا أن الجماعة بدعة، وأنه يجب حلها، إضافة إلى انتقاده لأفكار حسن البنا وسيد قطب، ووصفها بأنه أفكار تكفيرية"، متسائلًا: "هل من المعقول إطلاق تلك التهم على أي شخص يحمل تلك الأفكار، ليس من الجائز". وشدد على أن "هناك شخصيات كثيرة شهيرة، خرجت من الجماعة بالفعل لكنها لازالت تحمل بعض أفكارها، وانتقادهم له لا يخرج عن كونها خلاف شخصي بينه وبين بعض القيادات بها". فيما وصف سامح عيد، الإخواني المنشق، والباحث في الحركات الإسلامية، تصريحات الزعفراني التي اتهمت المنشقين بأنهم مندسين ب "الرعناء"، وقال إنها "تصب في صالح الجماعة، وتهدر الطاقات التي بُذلت ولا زالت؛ من أجل كشف الجماعة وتعريتها". وأضاف عيد ل "المصريون": "هناك منشقون كثيرون أمثال مختار نوح وثروت الخرباوي، بذلوا جهدًا كبيرًا في كشف التنظيم، وبالتالي وصفهم بتلك الاتهامات إهدار لما بذلوه، وتقليل من جهدهم وتعبهم". وأشار إلى أن "كثيرًا من هؤلاء عارضوا الجماعة وهي على قمة السلطة، وليس بعد ترك الحكم، إضافة إلى أن معظمهم أعلنوا نقدهم وانفصالهم عنها بشكل واضح وصريح، ولذلك أي اتهامات أو نقد لهم لا قيمة له، ولا فائدة للدولة منه، بل على العكس يضر بها". ولفت عيد إلى أنه عارض الجماعة أثناء وجوده الحكم ونشرت أحاديثه في كتب، فضلًا عن أنه أوضح انتقد فكر حسن البنا مؤسس الجماعة على الفضائيات، لافتًا إلى أن هذا يساعد لكثيرين على فهم الجماعة وعدم الانخداع فيها. وشدد على أن "تلك الاتهامات تؤدي إلى تعطيل المواجهة الفكرية والجهد الذي يبذله بعض هؤلاء المنشقين ضد الجماعة، بل ويدفع آخرين إلى العدول عن بذل أي جهد في هذا الصدد". كان الهلباوي، أطلق مبادرة جديدة لمحاولة إنهاء الأزمة، مقترحًا تشكيل ما أسماه "مجلس حكماء من شخصيات وطنية مصرية أو عربية أو دولية". وقال إن "الوساطة الواجب القيام بها فى مصر، يمكن أن تشكل مدخلًا لإعادة الهدوء إلى مصر خاصة والمنطقة عمومًا، وفتح أبواب التعايش بين الفرقاء السياسيين على قاعدة الشراكة الوطنية الكاملة". وفى تصريحات له، اقترح الهلباوى "تشكيل مجلس حكماء يضم شخصيات عربية ودولية مشهود لها بالنزاهة، لقيادة وساطة تاريخية فى مصر، تنهى حالة الصراع القائمة بين نظام الحكم والمعارضة، وفى مقدمتهم الإخوان، والتأسيس لمصالحة وطنية شاملة لا تستثنى أحدًا إلا أهل العنف والإرهاب". وحدد أسماء أعضاء ما أسماه "مجلس الحكماء" المقترح وهم: "عبدالرحمن سوار الذهب، الرئيس السابق للجمهورية السودانية، ومرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة الكويتي، وعبد العزيز بلخادم، رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق، والصادق المهدي، رئيس حزب الأمة القومى المعارض فى السودان، ومنير شفيق، مفكر فلسطيني، ومعن بشور، مفكر وكاتب سياسى لبناني".