الرئيس (محمد مرسى) هو المسئول عن تطبيق مشروع المائة يوم، دعونا ننتظر لنشاهد ماذا سيفعل، لن نرحمه لو لم يحدث تغييرًا واضحًا فى الملفات الخمسة التى وعد بها؛ ولكن هل فكرت بصدق فى دورك الذى يمكن أن تساهم به لإنجاح المشروع ليس من أجل (مرسى)، ولكن من أجل مصر؟، هل يمكن أن يكون للأفراد ولمؤسسات المجتمع المختلفة دور يدعم هذه القضايا؟ الإجابة ستجدها معى من خلال قصة أعيد نشرها بعد سنوات لقرية بسيطة تقع فى محافظة البحيرة، عدد سكانها يقارب الستة آلاف نسمة؛ قد لا يسمع عنها أى شخص على الإطلاق، ولكنها استطاعت أن تبرهن على إمكانية النجاح والتنمية بأقل الإمكانيات عندما يتواجد رجال لديهم العزيمة والإخلاص، والرغبة الحقيقية فى التغيير.. وكان نتيجة توافر هذه العوامل أن حصلت القرية على جائزة أفضل عمل بيئى على مستوى العالم العربى، وجائزة أفضل عمل تنموى من مكتبة الإسكندرية، وجائزة السعودية لأفضل الممارسات الريادية، كما اهتم بزيارتها وفود من سويسرا وفرنسا وأمريكا اللاتينية واليابان، لنقل تجارب النجاح الرائدة فى القرية. بدأت قصة النجاح فى قرية (الغرباوى) على يد المهندس "سعيد الغرباوى" بعد عودته من رحلة عمل فى دولة كينيا، حيث لفت انتباهه أنه بالرغم من ضعف الإمكانيات الملحوظة هناك إلا أن البيئة خلابة، كما أن البلد فى غاية النظافة والنظام، وكان لمشاهداته فى كينيا أعظم الأثر بعد عودته، حيث جمع أهالى قريته الصغيرة لينقل لهم خبرته وتجربته، ويشحذ هممهم من أجل البدء بتنمية قريتهم، وهنا وجد مجتمع القرية الرسالة والقيمة التى يلتف حولها، فكان حماسهم للفكرة رائعًا، وقررت القرية أن تجعل منها نموذجًا فى النظافة والجمال والتنمية، حيث بدأ العمل الجماعى على الفور من خلال الإمكانيات البسيطة المتاحة لتنظيف كل شبر فى البلدة، لتبدأ مرحلة تشجير الشوارع وتركيب سلال للمهملات بين كل بيتين، كما طلب من كل أسرة أن تقوم بنظافة الشارع أمام منزلها مرة فى الصباح وأخرى فى المساء، وأن تشارك بشكل فردى فى إقامة حديقة صغيرة تضم الأزهار أو النباتات المثمرة كى يستفيد منها أهل البيت، حيث اتفق على عمل مسابقات بين الأهالى لتجميل شرفات المنازل وزراعة المتسلقات من نباتات الزينة. اعتمدت فكرة تطوير القرية بشكل رئيسى على المرأة ربة المنزل التى تفصل بقايا الطعام عن المخلفات الصلبة فى أكياس القمامة، وهو ما يتيح الاستثمار الأمثل للقمامة ببيع المخلفات والاستفادة بالعائد فى التطوير، كما اكتملت تلك المنظومة بتطبيق فكرة مسلسل "سنبل" لجميع المواشى بالقرية، وذلك بهدف الحفاظ على نظافة القرية من أى مخلفات قد تسببها الماشية، كما طبقت قرية "الغرباوى" قانونًا داخليًا يمنع التدخين فى القرية، وفرضت غرامة على من يدخن أو من وجد داخل بيته أثرًا للتدخين كأعقاب السجائر مثلاً، وهى ليست غرامة مالية وإنما تتم بدعوة 12 فردًا من أهالى القرية على مأدبة غداء. تجربة نجاح قرية "الغرباوى" تعدت خارج الحدود، عندما طلب منهم محافظ البحيرة السابق تطبيق الفكرة على مستوى قرى المحافظة، من خلال عمل مسابقة سنوية للقرى الصديقة للبيئة، لتبدأ 12 قرية فى التنافس سعيًا للحصول على اللقب، فقام أهالى قرية "الزمارنة" بتنفيذ مشروع لتحويل قش الأرز إلى علف حيوانى بديل للتبن، كما بادرت قرية "العلامية" بفصل النفايات الطبية الخطرة كالحقن والقطن المستعمل، وذلك لمنع نقل العدوى إلى جامعى القمامة. لقد ضربت قرية "الغرباوى" والقرى التى سارت على طريقها المثل والنموذج فى القدرة على التغيير مهما بلغت التحديات، وأيًا كانت ضعف الإمكانيات، فقط ما نحتاجه هو ذلك الشخص الذى يحمل الراية ويقود المجتمع إلى التغيير والتنمية.