على الرغم من حديث الكثيرين عن الإنجازات التى حدثت خلال السنوات الماضية، والمشاريع التى تمت، فإن ثمة ما يشير إلى قلق حقيقي وتساؤلات مشروعة بشأن المستقبل، وضمان صلابة الوضع الداخلي وحصانته ضد تحديات وجودية كبيرة وغير مسبوقة.. إذ ليس بوسع أي مراقب، أن يتجاهل حالات تعثر وإفلاس بعض الشركات بسبب المديونية الدولارية التى تضاعفت قيمتها بالجنيه المصرى نتيجة التعويم، خاصة الشركات التى ليس لديها موارد إيرادات دولارية، وانخفاض ربحية وتدهور المراكز المالية لمعظم البنوك نتيجة ديون دولارية واعتمادات مفتوحة ومكشوفة قبل التعويم، مما أدى إلى ديون كثيرة متعثرة أو مشكوك فى تحصيلها!! وأيضًا تعثر وإفلاس بعض المنشآت التى تعتمد على الاستيراد لمعظم مكونات الإنتاج، وبالتالى لا تتمتع بهامش ربح قوى مثل الصحف، والأجهزة الكهربائية، كما لاحظنا فى الأشهر الماضية عدم توفر العديد من السلع المستوردة مثل قطع غيار السيارات والأجهزة والمعدات بسبب انعدام المخزون الكافى منها، وعدم قدرة المنتج المحلى على أن يحل محل المستورد بالسرعة المطلوبة من ملابس جاهزة، وأثاث خشبى، وغيرها لعدم توفر المعدات الإنتاجية الحديثة والعمالة المدربة على المدى القصير، هذا بالطبع أدى إلى البطالة الناشئة عن التحول من الاستيراد إلى الإنتاج المحلى ثم التصدير. وحتى المواصلات التى يستخدمها معظمنا، خاصة المواطن ذا الدخل الضعيف تم رفع أسعار تذاكر جميع وسائل الانتقال مثل المترو والقطار والنقل العام والخاص بما لا يقل عن 50?، ليس فقط لارتفاع سعر الوقود، وإنما أيضًا قطع غيار المركبات بمختلف أنواعها، والاضطرار لزيادة ضرائب الخدمات العامة والمنزلية بما لا يقل عن 30?. أما السوق العقارية فتشهد حالات تعثر بعض الشركات والصغيرة منها تحديدًا، والتى كانت قد باعت قبل التعويم وحدات سكنية على أقساط دون إجراء تحوطى بشأن ارتفاع تكلفة مواد البناء والمرافق خلال فترة الإنشاء، وبالتالى مخاطر لمشترى الوحدات العقارية بالأجل، وارتفاع أسعار العقارات القائمة نتيجة ارتفاع تكلفة إنشاء المبانى الجديدة، أما عن تقارير صندوق النقد الدولى، الصندوق يوصى بإلغاء الدعم تمامًا يعنى ارتفاع أسعار كل حاجة تقريبًا، وفى الوقت ذاته يتوقع انخفاض التضخم ل10?!! وفى نفس ذات الوقت يوصى بالتمهل فى خفض سعر الفائدة! فيه تناقض وتخبط أكثر من هذا!! الوضع مصر إذن يتلخص فى وجود حالة تضخم حاد، مصحوبة بركود يعنى ببساطة بضاعة غالية وما فيش حد معاه فلوس يشترى لارتفاع البطالة، وارتفاع أسعار السلع لزيادة تكلفة المكون الأجنبي، فالبنك المركزى والحكومة تحت اختبار رهيب فى السنوات المقبلة، ولا حل إلا الإنتاج وإعادة توجيه الموارد للاستثمار، مع زيادة مظلة الحماية الاجتماعية لمحدودى الدخل ضحايا الإصلاح الاقتصادى، وغير هذا ترقيع وتضليل.