بعد انتهاء الانتخابات المصرية والملحمة العظيمة التى سطرها الشعب المصرى بدماء أبنائه فى ثورة 25 يناير 2011، وإجراء أول انتخابات شعب وشورى بحرية ونزاهة إلى الحد الذى أبهر العالم بعد ما بهر بنا العالم وبشبابنا فى الثورة وأتى بنواب أقل ما يقال عنهم أنهم غير ملوثين باستثناء قلة قليلة انكشفت سريعا أمام الرأى العام منذ فترة، هذه القلة التى وجدت ضالتها فى أول مواجهة يواجهها المجلس الذى ينتمون إليه مع خفافيش الظلام، وانحازت ضد المجلس الذى أعطاهم الشعب ثقته كى يدافعوا عنه ويأتوا لهم بحقوقهم الضائعة، واتضح أنهم خدعوا ناخبيهم الذين اختاروهم وكانوا يبحثون عن مصالح شخصية ضيقة ولما لم يجدوها بالجرى وراء الوزراء كعادتهم دائما كى يلبوا لهم بعض المصالح الفئوية والطلبات الخاصة كما كان يحدث فى الماضى ذلك لأن الوزارة التى قدمت استقالتها ووزراؤها أياديهم مرتعشة فلا يستطيع أحد أن يخصص أراضى أو شققا أو يمنح عطايا أو يعين فى وظائف كما كان يحدث سابقا. بالتالى ضاقوا زرعا بالمسئولية التى ألقيت على أكتافهم وأرادوا ان يتخلصوا منها، وبالتالى وجدوا ضالتهم فيما حدث وما إن حكمت المحكمة الدستورية حكمها المثير للجدل إلا صاحوا كالديوك وهللوا بنزاهة القضاء وحتى لو اختلفنا مع الحكم أو أيدناه يظل فى مصر قضاء نزيه وكثير جدا من القضاة الشرفاء والذين أثبتوا ذلك فى الإشراف على جميع مراحل الانتحابات التى جرت خلال العام الماضى، ولكن كدأب كل المؤسسات هناك قلة غير ذلك، وهذه القلة منحازة دائما إلى من تظن أن بيده المصلحة كحال كل المؤسسات فى الدولة وبالتالى انحازت للنظام السابق وغضوا الطرف عن فساده وبعضهم أيد هذا الفساد، وبالتالى هم يخشون الثورة وتغيير النظام لأنهم يعتقدون بأن حياتهم ستتبدل مع النظام الجديد خصوصا بعدما يكشف عن الفساد فى كل المؤسسات والقضاة ورجال الأمن الشرفاء هم من سيثبت ذلك الفساد الذى ما زال الكثير منه مختبئا تحت الرماد. وصحيح أن قلة من أعضاء المجلس كان أداؤهم دون المستوى، وبالرغم من ذلك لو قارناه بالبرلمانات السابقة التى كانت دائما مليئة بأغلبية دون المستوى وقلة من النواب الشرفاء الأكفاء، لوجدناه بحق أحسن بكثير منى أى من البرلمانات السابقة منذ 1952 وحتى اليوم قد يكون دخل البرلمان عناصر غير كفؤة، ولكن هذا مرده إلى القانون الذى أجريت عليه الانتخابات وهو النظام المختلط، والمشكلة أن لجنة الانتخابات أجبرت كل الأحزاب والتكتلات على أن يقدموا قوائمهم كاملة على جميع الدوائر فى الجمهورية، مما حدا ببعض الأحزاب أن تملأ قوائمها على عجل، ومنذ بداية عمل هذا المجلس وضعت أمامه العراقيل واشتغلت عليه آلة الإعلام الجهنمية وأظهرته بالعجز أمام الناس وأنه لم يفعل شيئا ولم يحل أى من المشاكل الموجودة وكأن المجلس هو الجهة التنفيذية وهو الرئيس المسئول وهو القضاة، وهذا ما صدره لنا الإعلام، بالإضافة إلى أن بعض النواب الذين يتقلبون ويتحولون مع كل ذى سلطة أو نفوذ وخلفهم من يحركهم كالدمى من خارج المجلس فهم جاهزون ببرامجهم الفضائية أو الفضائحيات التى فتحت لهم منتديات الدردشة والهرتلة دون حسيب أو رقيب. وانشغل هؤلاء النواب فى مشهد عبثى بامتياز بالتحليل والهرطقة والهجوم على من يعتبرونهم خصومهم وظهر بعضهم يعمل نائبا بالبرلمان فى الصباح ومقدم برامج فى التليفزيون فى المساء أو مشغولا بالمداخلات وضيفا دائما على القنوات الأخرى بدلا من أن يجلسوا لوضع الخطط ودراسة القوانين المقدمة للتشريع، وجدناهم مشغولون بأمور أخرى وشارك بعضهم فى المسرحية الهزلية لإعادة استنساخ النظام السابق الذى تحكم فينا بفعل فاعل. وما يدعو للاستغراب والتأمل طويلا جدا وسيقف التاريخ عند هذه الحالة طويلا جدا كى يفهم كيف صبر المصريون على هذا الظلم والبغى والانبطاح كل هذا الوقت حتى ثاروا على هذا الظلم والطغيان، لذلك كل من أخطأ فى حق هذا الشعب عليه أن يتحمل نتيجة أخطائه لأن عصر الاستهبال ونهب الثروات والمال العام قد ولى بلا رجعة وعصر التسويف انتهى ولن يعود لأن هناك رجال كثر يخافون على هذا الوطن ويحبونه ولن يسمحوا للمتآمرين والعملاء بالخروج من جحورهم ليتحكموا فينا مرة أخرى. لذلك مبروك على الشعب المصرى نجاح ثورته وهنيئا للشهداء، وليذهب الفاسدون، كل الفاسدين إلى الجحيم. وأنا أنادى كل المصريين بكل فئاتهم فى طول البلاد وعرضها أن يبدأوا صفحة بيضاء جديدة لا مكان فيها لتصفية الحسابات أو البحث فى النوايا وأن نعمل جميعا كل فى مكانه مراعين الله وضمائرنا حتى ينهض هذا البلد ويسير فى الطريق الصحيح وأن نضع خطة إستراتيجية مفادها مصر 20 20 20، وهذه الخطة معناها أن نضع أمام أعيننا أنه لا بد بإذن الله أن يكون ترتيبنا رقم 20 على مستوى العالم فى عام 2020 لا أظن أن هذا صعب على بلد فيها خير أجناد الأرض. [email protected]