رجحت مصادر سياسية مطلعة أن يكون القرار الذي أصدرته مؤخرا جهات سيادية مصرية بمنع المعهد الجمهوري الدولي - وهو مؤسسة أمريكية تعمل على تعزيز الديمقراطية -عن ممارسة نشاطه في مصر لحين الحصول على ترخيص رسمي، قد جاء بناءً على طلب من جمال مبارك أمين لجنة السياسات بالحزب الوطني الحاكم. وربطت المصادر بين صدور القرار ورغبة جمال مبارك في إبعاد مثل هذه المنظمات التي تتمتع بصلات وثيقة مع العديد من القوى والأحزاب السياسية في مصر ، حتى لا تكون ورقة في يد الأخيرة تستخدمها للضغط على النظام في ظل ما يتردد عن فرض سيناريو توريث السلطة وما يرتبط به من إضعاف لقوى المعارضة ومؤسسات المجتمع المدني الرافضة لتمرير هذا السيناريو. وأبدت المصادر استغرابها الشديد من رفض وزارة الخارجية ما اعتبرته تدخلاً من المعهد في الشأن المصري الداخلي، في الوقت الذي تتدخل فيها الإدارة الأمريكية في جميع الشئون المصرية ومنها أمور سيادية. وتوقعت أن يكون وقف نشاط المعهد بداية لحملة على العديد من المنظمات الدولية المهتمة بحقوق الإنسان من خلال استصدار قوانين وتشريعات تعقد من عملها في مصر، حتى لا تستخدم في الكشف عن ممارسات النظام ضد قوي المعارضة. ولم تستبعد المصادر أن يكون القرار مرتبطًا بمخاوف النظام من استخدام جهات أمريكية لهذا المعهد لإيصال مساعدات إلى قوى المعارضة ، كما فعلت في كل من جورجيا وأوكرانيا ورومانيا وغيرها من الدول الأوروبية ، بشكل سمح للقوى الإصلاحية في هذه الدول بتغيير أنظمتها الحاكمة. من جانبه ، أوضح الدبلوماسي السابق عبد الله الأشعل أن هذا القرار يكشف عن رغبة النظام في الانفراد بقوى المعارضة والقوى المطالبة بالإصلاح ، لكبح جماحها وعدم إعطائها فرصة للظهور بمظهر من ينافس النظام. ورجح الأشعل أن يكون قرار وقف نشاط المعهد المذكور بداية للعصف بقوى المعارضة بعيدا عن أية رقابة دولية ، وتمرير سيناريو التوريث بدون متاعب بعد رفضه من قبل قوى المعارضة ومنظمات المجتمع المدني. واستبعد نجاح المعارضة المصرية في فرض السيناريوهات التي تمت في أوكرانيا وجورجيا، واصفًا هذه القوى بأنها أضعف من أن تقوم بتلك الخطوة في ضوء الضربات الحكومية المتواصلة . من جهته، أشار ممدوح نخلة الناشط الحقوقي ومدير مركز الكلمة لحقوق الإنسان إلى أن قرار وقف نشاط المعهد الأمريكي في مصر قرار سياسي من الدرجة الأولي ، ويستهدف صرف الأنظار عن المشاكل السياسية التي تعيشها مصر في الوقت الراهن. وقال إن المعهد لعب دورا مهما في خدمة مصر عبر قيامه بدور فعال في متابعة ومراقبة الانتخابات التشريعية الماضية عن طريق تمويل العديد من منظمات ومركز حقوق الإنسان. وأضاف أن المعهد يباشر نشاطه في أكثر من 50 دولة دون أن تعترض أي من هذه الدول على نشاطه، متسائلاً عن السبب الحقيقي لمنعه من ممارسة نشاطه في مصر، وعما إذا كان قد أضر بالأمن القومي أو مصلحة مصر حتى تمنعه الحكومة من مزاولة هذا النشاط ، رغم إشادة القضاة بدوره في مراقبة الانتخابات. واعتبر أن قرار المنع من شأنه إطلاق يد الحكومة في تزوير الانتخابات القادمة والانفراد بالقوى المعارضة للتنكيل بها.