لبناء مصر، لازم ولابد ولا مناص، ولا حل سوى الوقوف خلف الرئيس الجديد، خاصة فى شهوره الأولى، فليست بطولة، أن أعارض الرئيس، وهو لا يزال مقبلا على تحمل تركة ثقيلة، وشعاره المصالحة، وعدم تصفية الحسابات، والبدء بإنقاذ ما هو فرضٌ إنقاذه، وأول ذلك الأمن. مقالى ليس عن الرئيس، بل عن الأمن فى الأيام الأولى، فلو وقع حادث كجريمة السويس قبل ذلك، لدخل مسلسل النسيان، أو التلفيق، كمئات الحوادث، لكن أن يتم القبض على القتلة البلطجية الحمقى، فى أيام معدودات، فهذا إنجاز حقيقى. وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم، بدأ عمله بعاصفة من الغضب فى مجلس الشعب، ثم بعاصفة من التصفيق والتحية فى اللقاء التالى له بمجلس الشعب، ثم أعاد بعضا من الأمن المفقود - لا يزال هناك أمن كثير مفقود - ورأينا وقوفه الفعلى على الحياد فى انتخابات رئاسة الجمهورية، حتى لو كان بعض كبار الضباط هنا أو هناك، تم تسريب لقاءاتهم مع ممولى حملة الفريق شفيق، لكن اللواء محمد إبراهيم بذل جهدا من أجل إثبات الحيادية. آخر تصريحات الوزير كان مفاجأة، فلأول مرة يكون بمصر وزير داخلية لا يؤكد ما يروج له الإعلام المرجف، بل ينفى أن يكون للمجرمين الخارجين على القانون أو الخوارج على الأمة، أى انتماء حزبى أو دينى، وقال الرجل نصا: "مرتكبو تلك الجريمة لا ينتمون لأى أحزاب سياسية، أو تيارات دينية، و أنه لا وجود لما يسمى بجماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ولم تتلق الداخلية بلاغات ضد تلك الجماعة". أؤكد لكم أن تشجيع رجالٍ، أبقى عليهم الرئيس أو سيختارهم الرئيس، هو تشجيع واجب للرئيس نفسه، وهذا لا يعنى مطلقا أن هؤلاء فوق النقد، بل لو أخطأ أحدهم لانتقدته ونبهت إلى أخطائه، كائنا من كان. الشرطة هى أول مفاتيح نجاح الرئيس وأى رئيس، وقبل الثورة ارتكبت الداخلية فظائع، وكانت رأس حربة مبارك، ودفعت الثمن غاليا، وما زالت تسدد فى فاتورة ثلاثين عاما من الحكم الشرطى الأمنى، أما اليوم، فمهم أن نتجاوز الماضى، أن نمنح وزير الداخلية والوزارة كلها فرصة حقيقية كاملة، حتى لا يكون لأى رجل شرطة عذر، لو استمر غياب الأمن، ثم لو حدث أى تجاوز أو عادت ريمة لعادتها القديمة، فستكون ردود الفعل قاسية، بشعار"وإن عدتم عدنا". على الرغم من بشاعة حادث السويس، فإن نجاح الأمن فى اعتقال مرتكبيه بهذه السرعة، ربما يكون إشارة إلى أن الأمانى ممكنة، وأعتقد أنها بداية محترمة، أما الجريمة، فسأتكلم عنها، ولن أخشى بإذن الله خارجين على القانون أو خوارج ابن ملجم، أو دسائس الكهوف. [email protected]