- استبعاد الخبراء المصريين من المشروع النووي يحوّله من نعمة إلى نقمة - لا توجد محطة مرجعية روسية للمحطات النووية التى تبنيها مصر بمفاعلاتها النووية - لا توجد مخاطر أمنية من المفاعل المصرى لوجود وعاء احتوائي للمفاعل يحمى السكان من أى تسرب إشعاعى - أى دولة تبنى محطة نووية تدفع من 300 إلى 400 مليون دولار مسئولية نووية - دراسات بناء المفاعل النووى تتكلف أكثر من 80 مليون دولار كشف الدكتور على عبدالنبى، الأستاذ بالطاقة النووية بالجامعة الروسية ووكيل أول وزارة سابق بالكهرباء عن تفاصيل بنود التعاقد بين مصر وروسيا حول مشروع المطة النووية بالضبعة، وعن مفاجآت قبل التعاقد. وحذر من استبعاد الخبراء والعلماء المصريين من المشروع النووى، وشدد على ضرورة إنشاء أربعة مفاعلات نووية لإنتاج الطاقة الكهربية، دون أن يستبعد تمامًا الاعتماد على الرياح والشمس حاليًا في إنتاج الطاقة الكهربائية.. وإلى نص الحوار مع "المصريون". لمَ فكرت مصر في إنشاء مفاعل نووي؟ أمام مصر ثلاثة حلول لتوفير مصادر طاقة لتوليد الكهرباء، منها الطاقة النووية والبترول والغاز والطاقة المتجددة من الشمس والرياح، ويجب عمل خليط من تلك المصادر لإنتاج الطاقة واستخدامها بالمصانع لمواكبة التكنولوجيا، فهى مصادر للطاقة مكملة وليست بديلة. لماذا لم نلجأ لطاقة الرياح والشمس؟ لأن لها شروطا لتوفيرها، فهى تحتاج لمكان ومساحة ومناخ، فالرياح لها أماكن محددة ولو لم يتوافر الهواء والشمس طوال الوقت ستتوقف التوربينات المولدة للكهرباء ويخل باتزان شبكة الكهرباء والطاقة الشمسية والرياح لا تتوافر طوال الوقت، كما تحتاج لبطاريات غالية الثمن لتخرين الطاقة الشمسية أو الهواء، وهذه البطاريات غير متوفرة حاليا. هل ثمن بطاريات تخزين الطاقة الشمسية والرياح أكبر من قيمة القرض الروسى وخام اليورانيوم الذى ستستورده مصر لتشغيل المحطة النووية؟ نعم أعلى من ال20 مليار دولار، ولكن لا يمكن استبعاد الطاقة الشمسية والرياح، ولا يمكن أن تكون بديلة عن الطاقة النووية، فلا بديل عن البترول إلا النووى، ولذا تبنى السعودية 16 محطة نووية، رغم أن لديها البترول والغاز، وكذلك الإمارات تبنى 4 محطات، والصين لديها 38 محطة نووية وتبنى 19 أخرى، وأكبر دولة بالعالم تملك فحما، فالنووى مصدر نظيف للطاقة كما أن سعر الكيلووات ساعة للكهرباء المنتجة من النووى أرخص من المنتجة من البترول، ومن الدولة الخارجة من الاستخدام النووى فهى ألمانيا ولم تخرج بشكل كامل، وما دفعها للخروج نسبيا هو خلافات سياسية بها وليس لأسباب فنية. لكن هناك مخاوف من أن بناء المفاعل ينطوي على مخاطرة أمنية عالية؟ المخاطر الأمنية انتهت بعد حادث فيكوشيما، لأن الجيل الثالث من المفاعلات يوجد به وعاء احتوائى للجزيرة النووية التى يتم فيها إنتاج الطاقة النووية، وهو عبارة عن مبنى خرسانى ولو وقع أى حادث لن يحدث أى تسرب إشعاعى، كما أن المحطة ستتوقف عن العمل، وهذا الوعاء الاحتوائى وضعت روسيا تصميمه مع المحطة النووية وطريقة تنفيذهما ومشاركة مصر ستكون بمواد البناء العادية، وبما يحيط بالمحطة النووية من شبكة طرق وكهرباء وصرف صحى. هل تعانى تلك المبانى والعاملون بداخلها من التعرض لأى خطر إشعاعى؟ المبانى الملاصقة للمحطة النووية ستتعرض لإشعاع يعادل وحدة إشعاعية واحدة، والأكل والشرب تخرج منه 30 جرعة إشعاعية سنويا، وهذا يعنى أنه لا توجد مخاطر صحية من هذه المفاعلات النووية، وأمريكا بها 5 مفاعلات. لكننا لسنا مثل أمريكا فى الالتزام بمعايير السلامة والأمان؟ لا بد أن تلتزم مصر بالمعايير الخاصة ببناء الوعاء الاحتوائى للجزيرة النووية، حتى لا تتأثر الدول المجاورة، لأن مصر عليها مسئولية نووية وقد تشتكى أى دولة من مصر لو أن بناء المحطة النووية لم يكن سليمًا، كما أن المسئولية النووية مثل التأمين، مصر ستدفع قيمته إذا وقع أى خطأ وتسبب في أى خطر بيئى، والمبنى الحاوى للمحطة سيتم بناؤه ليحتمل أى انفجار بداخله أو موجة بحر كبيرة أو عواصف أو زلزال قوته أكثر من 8 ريختر، ويحتمل سقوط طائرة بوينج كتلتها 400 طن، فتلك هى مواصفاته ولا توجد مخاطر أكثر من ذلك. كم دفعت مصر في قيمة المسئولية النووية بالعقد؟ هذا لم يتضمنه العقد، ولكن كل دولة تخصص من 300 إلى 400 مليون دولار لهذا الأمر، كما يتضمن هذا المبلغ قيمة تكهين المحطة. لكن هناك من يقول إن اللجوء للخيار النووى انتهى؟ ليس صحيحا، فليس معنى توقيع مصر لعقد إنشاء المحطة النووية أن الأمر انتهى، لأن المشروع قد يتوقف فى أى وقت رغم أن استخدام مصر للطاقة النووية هو الخيار الوحيد أمامها لتوفير طاقة كهربائية. ولكن مصر اكتشفت حقل ظهر ألا يمكن استخدام الغاز الطبيعى به لإنتاج الطاقة الكهربائية؟ طبقا للمعايير الاقتصادية، فإن استخدام هذا الغاز فى الصناعة يحقق مكاسب 9 أضعاف استخدامه فى توليد الكهرباء، لذا من الأفضل استخدامه في صناعات البتروكيماويات والأسمدة. ولمَ قد يتوقف المشروع النووى في أى لحظة؟ لأن مرحلة ما قبل التعاقد برأيي لم تكن سليمة بنسبة 100 بالمائة، وما تم قبل التعاقد لم يكن دقيقا، وقد يؤثر على مراحل ما بعد التعاقد. ماذا تقصد بذلك؟ لأن ترخيص المحطة يصدره مركز الأمان النووى، وتعاقدت هيئة الطاقة النووية المصرية المالكة للمشروع مع روسيا، والمفروض أن تقدم روسيا التقرير التفصيلى للتصميم التفصيلى للمحطة، ولا بد أن يكون لهذه المحطة محطة مرجعية كما يجب أن يتوافر لدى مصر تقرير الأمان الأولي للمحطة المرجعية الروسية، ولكن المفاوض المصرى ليس لديه هذه المستندات، لأن المحطة المصرية ليس لها محطة مرجعية روسية، وحتى الآن لم تعمل هذه المحطة المرجعية الروسية بروسيا. هل معنى ذلك أن المحطة النووية المصرية ليس لها ترخيص؟ أى محطة نووية لا بد من عمل تقرير للأمان النووى لها يوضح خصائص موقع محطة الضبعة وتصميماتها وهيئة الرقابة تراجع هذه المستندات وتعطى تصريحا بصلاحية الموقع، وهذا التقرير الأولى يتم وضعه مع الروس، لأن مصر لديها مواصفات الموقع والروس لديهم تفاصيل المحطة وبعدها تعطى تصريحا ثانيا بالإنشاءات الموجودة داخل المحطة، وتم عمل دراسة لموقع المحطة في أواخر السبعينيات، وبعدها تم عمل دراسات أخرى تكلفت 800 مليون جنيه حتى الآن، وروسيا تتأكد من هذه الدراسات، لأن معايير القياسات تتغير، وبعد ذلك تراقب الهيئة أثناء تنفيذ كل مرحلة للبناء، وكلما تنتهي مرحلة تعطي تصريحا بالمرحلة التالية. هل ستقوم مصر بتخصيب اليورانيوم؟ لا، فمصر ليست مطالبة بذلك، لأنها ستشترى الوقود النووى للمفاعلات من روسيا حتى لا تقوم مصر بتخصيب اليورانيوم، فالدول الوحيدة التى لديها تخصيب يورانيوم إيران وإسرائيل بالشرق الأوسط، رغم أن القوانين الدولية تعطى مصر الحق فى امتلاك تكنولوجيا التخصيب، ولكنهم يخشون أن تقوم مصر بعمل أسلحة نووية، وتكلفة شحنة الوقود النووى التى ستوفرها روسيا لمصر هى 60 مليون دولار سنويًا للمفاعل الواحد، ومصر ستبنى 4 مفاعلات أى 240 مليون دولار، بينما تكلفة البترول تتراوح بين 250و400 مليون دولار سنويًا، لذا مصر ستوفر 340 مليون دولار، وستوفر عن استخدام الغاز الطبيعى 190 مليون دولار. ماذا عن دفن النفايات النووية للمفاعلات؟ نفايات المفاعلات المصرية هى الوقود النووى المحترق بداخل الجزيرة النووية بعد تشغيله بعام ونصف، وتلك التى بها خطورة شديدة، لأنه شديد الإشعاعية يتم وضعه بحمام سباحة داخل المبنى الاحتوائى لتبريده، ولا يحدث تسرب إشعاعى، وتكون انخفضت منه حرارته وانبعاثات المواد المشعة المحترقة به، وبعدها يتم نقل هذا الوقود في حمام سباحة خارج المبنى الاحتوائى، ولكن داخل سور المحطة لمدة 10 سنوات تنخفض انبعاثاته وبعدها يتم وضع هذا الوقود المخترق فى حوض خارج المحطة ليهدأ تمامًا، وبعدها نضعه فى براميل جافة من الأسمنت والحديد والصلب الذى لا يصدأ ويخزن لمدة من 150:100 سنة فوق سطح الأرض، وبعدها توضع تحت جبل لا يوجد حوله مياه جوفية، وحتى الآن لم تقم أى دولة في العالم بدفن نفاياتها النووية، ولم تصنع هذه المخازن لأن المحطات النووية عمرها حتى الآن لم يصل ل50 عامًا. وماذا عن معايير الأمان للسكان والعاملين بالمحطة؟ العاملون بالمفاعل خبراء يحملون شهادات علمية دولية، ويخضعون تدريبات واختبارات سنوية لقياس مستواهم العلمى، وروسيا لن تسمح بعمل أشخاص ضعفاء على المستوى العلمى، فيفسد تجربة هذه المفاعلات الجديدة التى تبيعها لمصر، لأن هذا يسيء لسمعة المفاعلات الروسية، كما أن المسئولية الدولية على مصر تلزمها باتباع الدقة، وجهاز الأمان النووى المصرى، لا بد أن يفتش بشكل مفاجئ سنويًا على العاملين والنظام داخل المحطة النووية، كما أن المحطة تدار أوتوماتيكيًا عبر الحاسب الآلى، ولو وقعت حادثة الكمبيوتر سيدير المحطة 3 أيام تجنبًا للخطأ. هل يمكن أن يكون للأمر تأثير على المياه الجوفية؟ المحطة منشأة على البحر، وتتم دراسة المياه الجوفية لتبريد المحطة، والمفاعلات لن تلوث المياه الجوفية أو البحر، كما أنها لن تنقص من منسوبها، لأنه سيتم تكثيفها بعدما تبرّد المفاعل فتعود للبحر وباطن الأرض ثانية، كما أن هذه المياه عندما تسخن من حرارة المفاعل لن تقتل هذه الحرارة الأسماك ولا الكائنات البحرية التى تعيش بالبحر، وطول مواسير التبريد نصف كيلومتر، وستلقى بالماء بعيدا عن البحر بعد كل هذه المسافة، وذلك ستتم دراسته من حيث سرعة المياه ونمو الأعشاب حتى لا يتوقف بناء المحطة، وكل هذا له قياسات وتعليمات ولا بد من الالتزام بها بدقة. كيف سيحقق المشروع قيمة تكلفته ال20 مليار دولار؟ سيحقق عائدًا يغطي قيمة تكاليفه خلال 15 عاما، فكل محطة ستسدد تكاليف إنشائها بهذه المدة من فرق سعر الوقود، ولأن سعر الكيلووات ساعة من النووى أرخص، سيتم تسديد قيمة إنشاء المحطة من هذه الفروق لسعر الكيلووات والوقود، المهم ألا يدار المشروع بالطريقة المصرية. ماذا تقصد الإدارة "بالطريقة المصرية"؟ لأنه تم استبعاد كل الخبراء من هذا المشروع، ويتولاه أشخاص ليسوا خبراء، ومصر لديها خبراء بالطاقة النووية منذ عام 1955، وكثير منهم يعملون بالمشروعات النووية الأمريكية والكندية، وتم استبعاد هؤلاء الخبراء من مرحلة التعاقد، لكن الآن بعد التعاقد لا بد من وجودهم، لأنه مشروع ضخم وصعب، ولو لم يتوافر هؤلاء الخبراء المصريين، فلنحضر خبراء لإدارة المشروع، ولكن مصر بها خبراء يعملون داخل مصر وخارجها، فلا بد من تجييشهم لصالح المفاعلات المصرية، التى ستبنيها مصر، لأن تلك المشروعات تتأخر في التنفيذ، والمشروع سينجح بالإدارة السليمة المتعلمة، وهو مشروع قابل للتأخير لو لم ينضبط، ولو تأخر المشروع يومًا واحدًا، فهذا يكلف مصر 2 مليون دولار، و65 بالمائة من المفاعلات بالعالم متأخرة في التنفيذ، فروسياوأمريكا وفرنسا متأخرة فى تنفيذ مشروعاتها النووية، أما من الدول غير المتأخرة الصينوالإمارات، ولو سارت مصر طبقا للقانون النووى وبالإدارة العلمية، سنستفيد من المشروع بالكهرباء والأرباح، ولكن لو لم يتم الالتزام وفق رؤية الخبراء ولا طبقا للمعايير بدقة سيصبح المشروع نقمة على مصر.