"رد قلبي" جسّد سقوط الملك فاروق.. ومحمد نجيب مظلوم سينمائيًا عبد الناصر الأبرز فى السينما المصرية ب"ناصر 56" والسادات الأكثر إيرادا ب"أيام السادات" "سرى للغاية" أول عمل سينمائى يتناول سيرة الرئيس وهو ما زال فى الحكم ناقد فني: السينما لها دور مهم فى كتابة التاريخ والرقابة تقف عائقا أمام ذلك أثار الفيلم الجديد "سرى للغاية" الذى يقوم ببطولته الفنان أحمد السقا ويقوم بدور الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسى عندما كان يتولى منصب وزير الدفاع قبل توليه منصب رئيس الجمهورية، جدلا واسعا كونه أول فيلم فى التاريخ يتناول شخصية الرئيس وهو ما زال فى الحكم. وتعتبر السينما واحدة من الوسائل التى تقوم بتوثيق التاريخ المصري، واستعرضت السينما عبر تاريخها، أفلاما تناولت حياة كل من الملك فاروق أخر ملوك مصر، كما جسدت شخصيات الرؤساء محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسنى مبارك ومحمد مرسى ولكن بعد عزلهم. ويرى نقاد فنيون أن السينما تكتب التاريخ من خلال إبراز السيرة الذاتية للرؤساء، وهو ما يعتبر عوضا عن قراءة كتب أخرى عن هذه الشخصيات. وفى إطار ذلك ترصد "المصريون" أبرز الأفلام السينمائية التى جسدت أدوار الرؤساء السابقين لمصر بداية من الملك فاروق وحتى الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسي. "رد قلبي" وسقوط الملك فاروق عقب سقوط الملك فاروق بعد اندلاع ثورة 1952، قامت السينما المصرية بتجسيد هذه الحقبة الزمنية من عمر مصر وظهرت عدة أفلام كبيرة كان أهمها فيلم "رد قلبى"، "الباب المفتوح"، "بورسعيد"، "الأيدى الناعمة" وغيرها من الأفلام. وفيلم "رد قلبي" الذى أخرجه عز الدين ذو الفقار وكتب قصته يوسف السباعى ومن بطولة مريم فخر الدين وشكرى سرحان، يناقش الصراع الطبقى من خلال قصة الحب التى تربط بين ابن الجناينى وبنت الأمير، وعندما يفكر فى الزواج منها بعدما يصبح ضابط بالقوات المسلحة يفاجأ برفض والده الذى يتمسك بالفوارق الطبقية، ولكن كل هذه الفوارق تنهار عندما تتفجر الثورة وتسقط كل هذه المعايير.
وأبدعت السينما المصرية بعد مرور ثلاثة أعوام من الثورة فى فيلم "الله معنا"، ويحكى الفيلم الذى كتب قصته إحسان عبد القدوس وأخرجه أحمد بدرخان عن ذهاب ضابط للمشاركة فى حرب فلسطين بعد أن يودع زوجته ويصاب فى الحرب ويعود مبتور الذراع مع عدد من الجرحى والمشوهين، مما يؤدى إلى غضب بين رجال الجيش، ويتكون تنظيم الضباط الأحرار لكى ينتقموا وتولى الجيش مقاليد الحكم. وعُرض الفيلم فى نهاية 1957، عكست خلاله الصورة الإيجابية للثورة، وهو مأخوذ عن رواية ليوسف السباعى عن أحداث الثورة، كتبها عام 1954، وكان الصراع مُحتدما بين عبد الناصر ومحمد نجيب، اعترف فيها السباعى بأن محمد نجيب أول رئيس للثورة، ولكن عندما تقرر تحويلها لفيلم سينمائى عمد عز الدين ذو الفقار، إلى تغيير السيناريو، وحذف فيه دور محمد نجيب فى ثورة 1952، وذلك بعدما حُسم الخلاف لصالح جمال عبد الناصر.
كما عرض فيلم "القاهرة 30" عددا من العوامل والأحداث التى مهدت لقيام ثورة يوليو، من خلال عرض سريع لطبقات مختلفة من الشعب، وفئات مختلفة منها الفاسد، والثائر، والانتهازي، والفيلم بطولة حمدى أحمد، وسعاد حسني، وتوفيق الدقن، وعبدالمنعم إبراهيم، ومن تأليف نجيب محفوظ، وإخراج صلاح أبو سيف. محمد نجيب.. ظهور خافت فى السينما يعتبر الرئيس الراحل محمد نجيب أول رئيس حكم مصر عقب ثورة يوليو 1952، وبالرغم من ذلك فإن السينما المصرية لم تتناول حياته بشكل قوي، بل تعرضت سيرته الذاتية إلى الإهمال . ففى فيلم "الله معنا" والذى قامت ببطولته الفنانة فاتن حمامة، والفنان عماد حمدى، والفنان حسين رياض، ومحمود المليجى، وماجدة، وشكرى سرحان، وبتوقيع المخرج الكبير أحمد بدرخان، جسّد الفنان زكى طليمات دور نجيب فى الفيلم، لكن جاء موعد عرض الفيلم بعد عزل نجيب من الحكم ليصدر جمال عبد الناصر قراراً بحذف شخصية نجيب، والسماح بعد ذلك بعرضه.
وفى فيلم "جمال عبد الناصر" الذى جسّد حياة الزعيم جمال عبد الناصر والذى تم إنتاجه فى عام 1998، ظهرت شخصية محمد نجيب بشكل ثانوي، فى مشاهد بسيطة، وقام بدوره الفنان جميل راتب. وفى فيلم "أيام السادات" ظهرت شخصية محمد نجيب، ولكن لم تكن لهُا دور محورى فى الفيلم، وجسد شخصيته الفنان عبدالغنى ناصر. عبد الناصر.. الأبرز فى السينما يعتبر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر هو أكثر الرؤساء السابقين الذين قدمت سيرتهم الذاتية فى السينما المصرية، وكانت البداية مع فيلم "ناصر 56"، وقام بدوره الفنان أحمد زكي، الفيلم تناول حياة عبد الناصر الشخصية، وعلاقته بزوجته وأولاده، بجانب فكرة الفيلم الأساسية، وهى قصة تأميم عبد الناصر لقناة السويس، حتى العدوان الثلاثى على مصر بسبب التأميم للقناة. وحقَّق الفيلم إيرادات ونجاحاً واسعاً، لكن الفيلم تعرض للهجوم والنقد الشديد عليه، إذ علَّق بعضهم على سبب عدم إنتاج فيلم يجسّد نكسة يونيو 1967 مثلما أنتج فيلم يجسّد إنجازات عبدالناصر. وفى 1998، تناولت السينما شخصية عبدالناصر، فى فيلم يحمل اسم "جمال عبدالناصر"، وقام بأداء دوره الفنان خالد الصاوي، الفيلم جسَّد حياة عبدالناصر، منذ أن كان طالباً، وأنشأ حركة الضباط الأحرار، ونكسة يونيو 1967، حتى وفاته عام 1970. كما قدمت أفلام مصرية أخرى شخصية عبدالناصر، لكن كان التجسيد رمزياً، مثل فيلم "أبناء وقتلة"، الذى ظهر فيه عبدالناصر، وهو يلقى خطاب تأميم قناة السويس، فى بداية الفيلم فقط. وأفلام أخرى مثل "العصفور"، و"أيام السادات"، و"ملف سامية شعراوي"، الذى تناول النكسة، وخطاب التنحى عن الحكم.
السادات.. فيلم يحقق أرقاما قياسية فى عام 2001، تناولت السينما فيلما بعنوان "أيام السادات"، عرضت فيه الحياة الشخصية للسادات، وأغلب مراحل حياته حتى نصر أكتوبر 1973، وختاماً باغتياله. والفيلم مأخوذ عن كتاب البحث عن الذات وكتاب سيدة من مصر، يجسّد أحمد زكى شخصية السادات وميرفت أمين ومنى زكى شخصية جيهان السادات. وأشاد النقاد بالفيلم، وقالوا عنهُ إنه "فيلم سياسى بدرجة امتياز"، وقال عنهُ أحمد زكى إنهُ "من أصعب الأدوار التى جسدها". بلغت ميزانية إنتاج الفيلم 6 ملايين جنيه تقريباً، لكن حقق إيرادات تجاوزت 11 مليون جنيه تقريباً. فى العام 1991، تناولت السينما شخصية السادات فى فيلم تحت عنوان "زيارة السيد الرئيس"، تدور قصته حول انتشار شائعة فى إحدى القرى بأن القطار الذى يستقله الرئيس المصري، وضيفه الرئيس الأمريكى ريتشارد نيكسون خلال زيارته إلى مصر عام 1974، سيمر على هذه القرية لكن القطار لم يتوقف. جسّد شخصية السادات بشكل ساخر فى الفيلم الفنان الكوميدى نجاح الموجى. مبارك.. وظهور رمزي تناولت السينما شخصية الرئيس الأسبق حسنى مبارك، بصورة رمزية، وظهر ذلك فى أفلام سينمائية مثل "جواز بقرار جمهوري" وظهور صورته، وهو يحضر حفل زفاف بطل وبطلة الفيلم، وفيلم "أمير الظلام"، وظهوره خلال تسليم الفنان عادل إمام نوط الشجاعة، فى نهاية الفيلم.
محمد مرسي.. المشخصاتى 2 فى عام 2016، وتحت عنوان "المشخصاتى 2" قام الفنان تامر عبد المنعم بالقيام بدور الرئيس السابق محمد مرسي، وتدور قصة الفيلم فى إطار ساخر، حول فترة ما بعد قيام ثورة يناير 2011، إذ تطلب إحدى الجهات الأمنية من المشخصاتي، الذى يقوم بدوره الفنان تامر عبدالمنعم، تجسيد شخصية الرئيس المعزول محمد مرسى وعدد من قيادات الإخوان، الفيلم لم يحقق نجاحاً وتعرض لهجوم من النقاد. "سرى للغاية".. أول فيلم يجسد الرئيس وهو فى الحكم يعتبر فيلم "سرى للغاية" أول فيلم سينمائى يجسد شخصية الرئيس السيسى خلال فترة حكمه، والفيلم الجارى إنتاجه حاليا من بطولة الفنان أحمد السقا ويجسد فى الفيلم دور الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسى عندما كان وزيرا للدفاع، والفنان أحمد رزق والذى يجسد دور الرئيس السابق محمد مرسي، ومن أبطال الفيلم الفنانين محمود حميدة، خالد الصاوى وكريم عبد العزيز، والفيلم من إخراج محمد سامى وتأليف وحيد حامد وإنتاج مشترك بين رجلى الأعمال أحمد أبو هشيمة وكامل أبو علي. يتناول الفيلم ما جرى فى مصر خلال السنوات التالية لثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، وانتهاء بثورة الثلاثين من يونيو 2013، وما تعرضت له مصر خلال هذه المرحلة. السينما تكتب التاريخ من جانبه، قال الدكتور خالد عاشور، الناقد الفني، إن للسينما دورا كبيرا فى التأريخ، خاصة لو كانت الكتابة السينمائية محايدة وبعيدة عن الانتماءات والعواطف. وأشار عاشور، إلى أن السينما هى نموذج قوى لتقديم وجبة دسمة من التاريخ السياسى للزعماء والرؤساء فى شكل درامى قوى يجذب أنظار المشاهدين. وتابع الناقد الفني، أن الإبداع ما زال مقيدا فى التعامل مع التاريخ، خاصة فى الوطن العربي، وذلك بسبب الرقابة التى تشكل عائقا أمام التاريخ.