إن من يقرأ عنوان هذا المقال قد يتبادر إلى ذهنه صورة العديد من المعارك الطاحنه التي تدور رحاها الآن في كثير من بقاع الأرض..والعجيب في تلك المعارك أن القاسم المشترك في الأغلب الأعم منها هو دين الضحايا.. وهو الإسلام..فقد يتغير مكانهم جغرافيا وتتغير أعراقهم وتتغير بلادهم ..ويبقى الإسلام يجمع بينهم ..وأصبحت مهمة المسلمين الأولى كما قال أحد كبار الدعاه الإسلاميين هي : إحصاء أعداد قتلى وجرحى الأمه الإسلاميه..فعندما ينتهي القارئ من قراءة مقالي ..سيكون حديثي عن أي أرقام تصف أعداد القتلى في سوريا الشقيقه ..سيكون رقم غير صحيح ..لأن أعداد القتلى والجرحى تزيد بمعدل كل دقيقه ..ويكفي أن تشاهد أحد الأفلام المصوره على صفحات الثوره السوريه في مواقع التواصل الإجتماعي ..حتى يتحول يومك إلى جحيم حقيقي ..وقد تفقد معه قدرتك على الكلام والتعبير أو حتى البكاء أو الصراخ ..فضلا عن شهية الطعام .إن المتابع باستمرار لرؤية الدم الذي ينزف في سوريا أشد من جريان النيل لدينا ..وبكاء أحرار سوريا الثكلى الذي ينشق له الحجر.. وصلاة الجنازات التي أصبح السوريون يصلونها في يومهم أكثر من صلواتهم المفروضه...و مذابح يقسم المتابع لها أنه لم يرى قط أبشع منها ..قد يصيبك هذا في البداية بالغثيان والقئ ثم بحالة إكتئاب رهيبه ..يعقبها حاله من التبلد و الجمود ..لا يمكنك ابدا فهم كنهها.. وقد أثبت النظام السوري المجرم بالدليل القاطع أنه لا يوجد على وجه الأرض من هو أحقر ولا أقذر منه ولا أكثر قدره على خلق ما هو أبشع..حتى أعتقد البعض أن ما فعله سفاح سوريا النصيري بشعبه قد جمل من وجه الإحتلال الإسرائيلي أمام العالم ..بل وأمام العرب لقد صرنا نرى وحشية اليهود رحمة وهمجيتهم رقي و حربهم مع الفلسطينيين على قساوتها هي منتهى اللين ..بالمقارنه بما يفعله هذا المجرم ولا يتساوى معه في إجرامه إلا هؤلاء البوذيين ( الماج) في جمهورية مينامار الاتحاديه أو (بورما سابقا) ...الذين يمارسون الآن أبشع الجرائم والمذابح منذ ما يقرب من اسبوعين ضد الأغلبيه المسلمه من العرق الروهنجي في ولاية أراكان حيث يشهد الإقليم الآن حالة إباده جماعيه للمسلمين من قتل وتعذيب وحرق للبيوت من قبل الجماعات البوذية المتطرفه و بمباركة الحكم العسكري البوذي هناك وفي صمت عحيب لكل منظمات العالم الإنسانيه والأمميه و في تواطئ مخزي ومشين يراد في أثناءه تكرار مذبحة عام 1942 والتي قتل فيها أكثر من مئة وخمسون ألفا من المسلمين البورميين وتم تهجير ما يقرب من مليون ونصف المليون مسلم وسط غياب تام للإعلام آنذاك..أما الآن فيتم تكرار نفس المأساه ولكن تحت سمع وبصر العالم أجمع..و الذي قد ينتفض إذا أنتهكت حقوق الكلاب الضاله في الشوارع ..ولا يحرك ساكنا إذا ذبح أو شرد أو عذب ملايين المسلمين..وبالرغم من كل تلك الجراح النافذه في قلب الأمه الإسلاميه والتي تدمي قلوبنا جميعا إلا أنني اليوم لم أقصد كل تلك المعارك الطاحنه ..بل قصدت معركة أخرى ..هي معركة تكسير عظم ..معركة حياه أو موت ..معركة بين دولة عميقه عمرها ستون عاما ..كان الأبرز فيها والمشترك في كل المراحل التي مرت بها مصر مع تعاقب أكثر من رئيس للبلاد ..هو هذا التواجد الملفت للعسكر في كل قيادات الدوله ..وهو ما يسمى بعسكرة الوظائف العليا ..من الرئيس إلى المحافظين إلى رؤساء المحليات ..إلى رؤساء المؤسسات الحكوميه حتى وصل بنا الحال أن مدير حديقة الحيوان بالجيزه في عهد الرئيس المخلوع كان لواء جيش متقاعد ..إلى تلك الدرجة كان التغلغل العسكري في البلاد ..ناهيك عن تطويع كل مؤسسات الدوله لنظام يتولى أمر كل كبيرة وصغيرة فيها ..فلم يكن يتم تعيين معيد بالجامعه أو مدرس في مدرسه أو موظف في مصلحة إلا بعد الموافقة الأمنيه..والتي تأتي بالطبع من خلال جهاز أمن الدوله الذي كان يتحكم في كل مجريات حياتنا ..فقد يتحول المدرس الكفء إلى العمل الإداري بسبب لحيته ..وقد تمنع موظفه من الترقيه التي تستحقها بسبب لبسها النقاب أو نشاطها الدعوي وغيرها الكثير ..إن تلك الدولة العميقه المتوغلة في كل مناحي الحياه .. كانت تعتبر الإعلام بوسائله المختلفه المسموعة والمقروءة والمرئيه هي أحد أهم أسلحتها في توطيد أركانها وتثبيت دعائمها وكان هذا الإعلام يرى في النظام الحاكم الأب الروحي له وهو البوصلة وهو الموجه, ولم يقصر النظام في دوره هذا بل أنفق المليارات على الإعلام واهتم بكل واردة وشاردة فيه ..فقلما أن تجد إعلامي لم يكن ممالئا للنظام السابق أو مدافعا عنه..وأي قناة فضائيه كانت تحيد عن الخط المرسوم لها ..وهو إما أن تكون جزءا من النظام ..بوقا له ولتوجهاته و مدافعة عنه ..أو ألا يكون لها رأي في هذا النظام لا بالسلب ولا بالإيجاب ..و إذا كنت إعلاميا أو صحفيا و أردت أن تنتقد ..فانتقد ما شئت ومن شئت وكيفما شئت ...فيما عدا تلك الأسرة الحاكمة ...ومشروعها في توريث الحكم ..ولدينا في غلق قناة الناس مثال حي على ذلك...لذا فطوال أيام الثورة وما بعدها رأينا هذا الإعلام يدافع باستماتة عن ذلك النظام حتى الرمق الأخير..بل ويتشبث بأي بادرة أمل تلوح له في الأفق تبشره بعودة الأب الغائب ..كما حدث في جولة الإعاده بالإنتخابات..إن المعركة الشرسه التي نراها الآن على أغلب شاشات الفضائيات وفي كثير من الصحف ..الحكومية منها والخاصه ..والتي يتصور بعضنا أنها حرب ضد الإخوان والتيارات الإسلاميه فقط ..حيث نرى صحفا ومجلات كانت تلعق أحذية الرئيس السابق وحرمه وابنائه.. وكل من له علاقة بهم ..نجد تلك الصحف تتطاول على رئيس البلاد منهم من يصفه بالفاشي وخادم الامريكان وقطر..وتضع لرئيس البلاد صورة تتعمد إهانته والتقليل من شأنه في تطاول عجيب وصفاقة لا مثيل لها ..ومنهم من يتعمد نشر الأكاذيب والشائعات المغرضه التي تمس شرف الرئيس ..بل ويتهكموا على أسلوب الرئيس في الحديث ..ويسخروا من هيئته من خلال همز ولمز حقير..بل وتصل الوضاعة بهم أن يتهكموا على حجاب زوجته وإلتزامها ...كما نشاهد فضائيات يملكها رجال أعمال صنعهم وصنع ثرواتهم المهوله النظام السابق ..ليس لها دور سوى البحث عن كل معارض وحاقد وناقم على الإخوان وعلى الثورة ليأتي في برامج شغلها الشاغل ملء ساعات البث المباشر في القناه وجذب المشاهدين لها وبالتالي جذب أموال الإعلانات ..حتى لو كان ذلك من خلال تأجيج الفتن وإفتعال الحروب الكلاميه التي لا طائل من ورائها سوى حرق البلاد وإدخال الجميع في متاهة الخوف من كل شئ وإنعدام الثقة في كل شئ..إن تلك الحرب المعلنه والشرسه في كثير من وسائل إعلامنا إنما هي حرب ضد الثوار وضد الثورة والتي شاءت الأقدار أن تكون جماعة الإخوان ممثلة لها ..من برلمان للثوره ورئيس منتخب للبلاد توجته أيضا هذه الثوره ..وبدون الدخول في جدلية : هل كان المفروض أن يتصدر الإخوان المشهد السياسي أم لا ..وهل هذا واجب مستحق لهم كما ترى قيادات الجماعه ..أم خطأ سياسي وإستراتيجي..كاد أن يودي بالثورة ويقضي عليها كما ترى باقي القوى الثوريه الموجوده على الساحه ?? ..أو هل كان من المناسب الآن أن يكون أول رئيس منتخب مصري من جماعة الإخوان المسلمين ..أم من القوى الثوريه الأخرى ?? .إن تلك الجدليه لا مكان لمناقشتها الآن...بل ولا جدوى من مناقشتها أساسا..بعد أن أصبح تواجد الإخوان في سلطاتنا المنتخبه بعد الثوره أمر واقع.. وتلك السطات المنتخبه هي مكتسبات ثورتنا و كون الأغلبية في برلمان الثورة لجماعة الإخوان المسلمين وتيارات الإسلام السياسي وكذلك الرئيس ..وسواء إتفقنا فكريا معهم أم لم نتفق ..أو كان هذا مرضي لكثير منا أم غير مرضي .. فلا يحق لنا أبدا أن نترك الدفاع عن مكتسبات ثورتنا و الوقوف بجانب أعضاء البرلمان الذين انتخبناهم بإرادتنا الحره ..والتترس خلف رئيسنا والدفاع عنه وعن كرامته أمام العالم أجمع.. وعن حقه في الحصول على كامل صلاحياته ..ولن يمنعنا موقفنا هذا من نقد الحاكم إذا قصر أو أخطأ وكذلك نواب البرلمان...ولكن لا يخدعنكم الإعلام الذي أصبح كالطفل التائه الذي يبحث عن والديه فيتيه على وجهه ويهاجم كل من يقابله في طريقه بعد أن أصبح ملتاعا خائفا يخشى الغرباء ..يرى الجميع أعداءا له إلا من كان صديقا لوالده أو محبا له ..معركتنا الآن هي أن نعي الحقيقة ولا ننخدع بما يصوره لنا الإعلام ..لقد عرفنا الطريق للحرية والديمقراطيه ..وصناديق الإنتخابات التي أتت بالإخوان المسلمين..حتما ستأتي بغيرهم إذا قصروا أو أخطأوا ..المهم هو أن نحارب من أجل أن تظل العمليه الديمقراطيه هي الحاكمه لكل مناحي حياتنا ...ويأتي من يأتي ..فمسئولية قيادة شعب يعرف طريق الحريه والديمقراطيه ولا يخشى الموت ويقف بصدره العاري أمام مدرعات ودبابات ..تلك المسئوليه هي مغرم وليست مغنم ..وإما أن تكون قيادة هذا الشعب كما يريد الشعب أو لن تكون مرة ثانيه..