لقد رأينا جميعا مشاعر الفرحة والابتهاج التى عمت جماهير الشعب المصرى فى ميدان التحرير وجميع أنحاء البلاد فور إعلان اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فى الرابع والعشرين من يونيه سنة 2012 فوز الأستاذ الدكتور محمد مرسى بثقة الشعب وإعلانه رئيسا للجمهورية. كما استمعنا إلى خطابه الذى ألقاه فى ميدان التحرير يوم الجمعة 29 يونيه بعد أداء صلاة الجمعة فى جامع الأزهر الشريف. ثم جاء يوم 30 يونيه 2012، وهو اليوم الذى كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد وعد بتسليم السلطة فيه للرئيس المنتخب.. وشاهدنا وسمعنا كلمته التى ألقاها فى قاعة الاحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة التى تخرج منها الرئيس. كانت احتفالية شعبية تاريخية فى جامعة القاهرة التى حضر إليها الرئيس بعد أن أدى القسم أمام الجمعية العمومية للمحكمة الدستورية العليا فى صباح ذات اليوم ( السبت 30 يونيه 2012). ولكن الرئيس قبل ذلك كان قد توجه إلى الشعب مباشرة فى ميدان التحرير يوم الجمعة وأدى القسم أمامه، وبعد ذلك أدّاه مرة أخرى فى تلك الاحتفالية أمام الشعب. دلالة ذلك أن الشعب هو مصدر السلطات وهو الأصيل الذى يجب أداء القسم أمامه إذا غاب نوابه المنتخبون، وما كان أداء القسم أمام تلك المحكمة إلا التزاما بالإجراء الذى فرضه الإعلان الدستورى، رغم أن أعضاء هذه المحكمة غير منتخبين ولا يمثلون الشعب، ومن ثم فليست لهم صفة فى أداء القسم أمامهم، ولكن الرئيس التزم بالدستور. كان المشهد رائعا فى احتفالية جامعة القاهرة تأججت فيه المشاعر الوطنية وامتزجت بدموع الفرح ودموع الحزن على شهداء الثورة الذين دعا ذويهم السيد الرئيس لحضور الاحتفال، فلبّوا الدعوة وحضروا بملابس الحداد السوداء يحملون صور الشهداء. كانوا يجلسون خلفى ولم ينقطع بكاءهم من البداية للنهاية.. كان الله فى عونهم، وربما يكون تعهد الرئيس لهم بأن دم الشهداء فى رقبته قد خفف عنهم. وعندما دخل القاعة أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة ثم السيد المشير رئيس المجلس، قابلهم ألوف الحاضرين، بمن فيهم أعضاء مجلسى الشعب والشورى بالتحية بالتصفيق الحار ووقفوا للسيد المشير وهم يهتفون: "الجيش والشعب إيد واحدة". اعتذر الرئيس فى بداية كلمته لطلبة كلية الحقوق بجامعة القاهرة عن تأجيل امتحانهم الذى كان مقررا فى صباح ذلك اليوم بسبب الاحتفالية، بل وأعلنهم بالموعد الجديد. كان شيئا غريبا وجديدا على الأذن المصرية!! رئيس الجمهورية يعتذر؟ ولمن؟ لطلبة؟ نعم هذا ما حدث.. ولذلك استقبل الحاضرون هذا الاعتذار بالتصفيق الحاد للرئيس. لم يحدث شىء مثل ذلك فى عهد حسنى "غير مبارك" أسوأ فرعون عرفته مصر، الذى طالما آذى الطلبة والشعب المصرى وأضاع الكثير من حقوقهم ومصالحهم بسبب تعطيله للمرور وإغلاق الطرق لساعات طويلة لتأمين موكبه. وعندما ذهب الرئيس لحضور مراسم تسليم السلطة فى الاحتفال الذى أقامته القوات المسلحة فى منطقة الهايكستب فى نفس اليوم 30 يونيه، حدثت واقعة عظيمة وفريدة من نوعها فى نفس الوقت، ربما لم يرها الكثيرون على شاشات التلفاز. فعندما وصلت سيارة الرئيس إلى مكان الاحتفال كان السيد المشير وزير الدفاع ورئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة واقفا فى انتظاره بملابسه الرسمية، وفور أن خرج من السيارة بادر السيد المشير بأداء التحية العسكرية له... (أرجو إعادة قراءة هذه العبارة بإمعان). وكذلك فعل السيد الفريق سامى عنان رئيس أركان حرب القوات المسلحة، ثم السادة قيادات القوات المسلحة. أدوا التحية العسكرية لأول رئيس مدنى منتخب فى مصر . إنه سلوك راقٍ محترم وعظيم من قادة القوات المسلحة.. إنهم يحيون رئيس الجمهورية والشعب المصرى الذى يمثله.. إنهم جديرون بالاحترام ورد التحية من الشعب ورئيسه، وقد فعلها السيد رئيس الجمهورية بالأصالة عن نفسه ونيابة عن الشعب. ولكن يأبى الفلول إلا أن يفسدوا على الشعب المصرى فرحته بتنصيب رئيسه الجديد المنتخب الدكتور محمد مرسى رئيسا للجمهورية. والفلول فى اللغة هم القوم القتلة الذين انهزموا أشر هزيمة فى الحروب والمعارك، وهى كلمة كانت تلفظ على المحاربين الذين انبرت فلول سيوفهم فى المعارك، أى انبرت حدود أنصال سيوفهم وشاع استخدامها فى السياسة لوصف «بقايا نظام بائد»، سواء كان هذا النظام جيشاً مهزوماً أو نظاماً سياسياً قضى عليه. وتنتشر اليوم فى مصر لوصف أعضاء نظام مبارك وحزبه المنحلّ. من هؤلاء وجه بغيض من أبطال هزيمة 1967، هرب إلى بريطانيا ولم يعد، ويدعى شمس بدران، أرسل كلمة منشورة فى جريدة "المصرى اليوم" عدد الأحد الأول من يوليو، قال إيه؟ قال بينصح الإخوان المسلمين!! قولوا له "بلاش قرف"... إن فلول النظام الفاسد السابق ونقصد بهم تلك الباقية منه بعد كسر شوكته وخوار قوته وانهزام أعوانه، والمتصفة بخراب الذمة، وغير الصالحة للتقرب إلى الشرفاء زلفى، والتى ما فتئت تعثوا فى الأرض فساداً، هم بحق دُعاة فسق قد اقتسموا الغنائم، أفعالهم مَهالك وأقوالهم تضليل ولكن هيهات هيهات، فالله من ورائهم محيط وعالم، وهو سبحانه لهم بالمرصاد، وستكون عاقبة أمرهم بإذن الله تعالى خسراً. تحية للشعب المصرى وقواته المسلحة ورئيسه، والعاقبة للمتقين.