«جملة من القضايا وراء ذلك، زيارة أردوغان، ملف سد النهضة، إجراءات السلطة الحالية، طلب إقصاءها من المفاوضات»، بهذه الجمل علق محللون، على قرار السودان الأخير، بشأن استدعاء سفيرها لدى القاهرة إلى الخرطوم؛ بغرض التشاور، لافتين إلى أن القرار الأخير، سيؤدي إلى تعقيد مسار المفاوضات، وتأزم العلاقات أكثر مما هي عليه. وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية، قريب الله الخضر، أمس الخميس، أن الوزارة قررت استدعاء سفير السودان لدى القاهرة عبد المحمود عبد الحليم إلي الخرطوم بغرض التشاور دون إبداء السبب أو مدة بقائه في الخرطوم -وفقا لما نقلته وكالة الأنباء السودانية الرسمية. ويُعد ملف "سد النهضة"، ومثلث "حلايب وشلاتين"، واتهامات الرئيس السوداني عمر البشير لمصر ب"دعم الحركات المتمردة في السودان، وبيع ذخائر فاسدة للجيش"، أبرز الملفات الشائكة في العلاقات السودانية المصرية، ولم يصل الجانبان حتى الآن لحل بشأن تلك القضايا المثارة. محمد سعد خير الله، منسق "التجمع الحر من أجل الديمقراطية والسلام"، قال إن مصر لا بد أن يكون لديها الشجاعة الكافية للاعتراف بأن أصل الكارثة بدأت من جانبها، مشيرًا إلى السياسات والإجراءات التي اتبعتها مصر، هي التي أوصلت الأمور إلى هذه الدرجة من التأزم. وخلال حديثه ل"المصريون"، أوضح خير الله، أن اتفاقية إعلان مبادئ وثيقة سد النهضة، التي وقعها الرئيس السيسي مع نظيريه السوداني والإثيوبي في مارس 2015 لا يعلم أحد عنه شيء حتى الآن، ولم تنشر الحكومة أية معلومات عنه. منسق "التجمع الحر من أجل الديمقراطية والسلام"، تساءل: "متى سيعلم المصريون بنود تلك الاتفاقية وعلى ماذا وقع الرئيس السيسي في 2015"، متابعًا: "نريد أن نعلم ذلك حتى نفهم كيف سيتم التصرف مع تلك الأزمة". وأضاف: "دخلنا الآن في مرحلة الكيد السياسي، مع النظام السوداني المطارد من قبل العدالة الدولية، الذي يسعى إلى محاولة تحقيق مصالح داخلية له، وما تم مؤخرا من استدعاء السفير هو خطوة سودانية متوقعة ردا على التصعيد القاهري والخطاب الإعلامي المتدني الذي بدأ من داخل قنوات النظام بمدينة الإنتاج، وللأسف نبدو كما لو كنا نتفنن في خراب ممنهج لكل فرص التسوية والحل في ملف يمثل الحياة للمصريين". ونوه بأنه ليس من المعقول ولا من السياسة والدبلوماسية، أن يتم إيفاد وزير الخارجية المصري لإثيوبيا، لمطالبتها بإقصاء السودان من مفاوضات سد النهضة، وإطلاق مفاوضات مباشرة بين القاهرة وأديس أبابا للوصول إلى اتفاق حول السد، منوهًا بأن هذا يؤدي إلى مزيد من التعقيد والتأزم. أما الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات السياسية الدولية، وأستاذ العلوم السياسية، أوضح أن هناك جملة من القضايا التي دفعت السودان إلى استدعاء سفيرها لدى القاهرة، وجعلتها تنتمي لأفريقيا أكثر من المنطقة العربية. وخلال حديثه ل"المصريون"، أضاف أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وإعطاءه جزيرة "سواكن"؛ لإقامة قاعدة عسكرية عليها، لها علاقة مباشرة بقيامها بهذا الإجراء، إضافة إلى أن الزيارة شجعتها على اتخاذه. خبير العلاقات السياسية الدولية، لفت إلى أن السودان يقوم خلال تلك المرحلة بإجراءات استعدائية عديدة تجاه مصر، ولعل أوضحها انضمامها للجانب الإثيوبي وسحب سفيرها لدى القاهرة، ذلك على الرغم من حرص مصر على تهدئة الأوضاع، وعدم تصعيدها، منوها بأن الموقف السوداني يثير تساؤلات أكثر مما يعطي إجابات. ولفت إلى أن سحب السفير، دون توضيح سبب الاستدعاء أو مدته، سينتج عنه تأزم للعلاقات أكثر مما هي عليه، مشددًا على ضرورة التعجيل برأب الصدع وتهدئة الأوضاع، والبحث عن سبل وطرق للوصول إلى اتفاق يرضي جميع الأطراف في أسرع وقت. من جانبه، صرح المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية بأنه تم إخطار السفارة المصرية في الخرطوم اليوم 4 يناير الجاري رسميا بقرار استدعاء سفير السودان في القاهرة إلى الخرطوم للتشاور. وأشار متحدث الخارجية إلى أن مصر الآن تقوم بتقييم الموقف بشكل متكامل لاتخاذ الإجراء المناسب- بحسب ما ذكرته الصفحة الرسمية للخارجية المصرية على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك.