أثارت موافقة الجانب السوداني على منح تركيا، إدارة جزيرة "سواكن"، الواقعة على ساحل البحر الأحمر لفترة زمنية غير محددة, العديد من المخاوف والتساؤلات, في ظل توتر العلاقات بين القاهرةوالخرطوم من جهة, وبين القاهرة وأنقرة من جهة أخرى. وتُذكر الجزيرة بإرث تاريخي عريق وشهدت من قبل وجودًا عثمانيًا، عندما غزاها السلطان العثماني سليم الأول في القرن السادس عشر الميلادي, وتبلغ مساحتها 20 كلم مربع على ارتفاع 66 مترًا عن سطح البحر، وتبعد عن الخرطوم نحو 560 كلم. وقال السفير جمال بيومي, مساعد وزير الخارجية الأسبق: "ما قام به السودان تصرف يثير القلق في ظل العلاقات المتوترة بين تركيا وعدة دول عربية على رأسها مصر, وتركيا ليس لها حدود ولا مصالح على البحر الأحمر", موضحًا أن "هذا الاتفاق من شأنه أن يعزز القلق بين تركيا والدول العربية". وأضاف بيومي في تصريح إلى "المصريون": "التحالف المفاجئ يحمل العديد من علامات الاستفهام, وعلى الجامعة العربية عقد جلسة وسؤال السودان عن تلك الزيارة المفاجئة, وما الدلالات التي تحملها في هذا التوقيت, خاصة بعض رفض الخرطوم اتفاقية ترسيم الحدود مع القاهرة وادعائها بأن مثلث حلايب وشلاتين تابع لأرضها". وعن التهديد الذي يمكن أن تمثله سواكن، أوضح بيومي أنه "لا يكون هناك تهديد مباشر لمصر حتى لو تحولت إلى قاعدة بحرية, فتركيا ليس لديها أي ممر للسودان سوى قناة السويس". إلى ذلك, رأى الدكتور عبدالله الأشعل, مساعد وزير الخارجية الأسبق, أن "التعاون أو التحالف الجديد بين السودان وتركيا موجه إلى مصر بشكل مباشر, خاصة أن الدولتين تكنان لها الكراهية, وبينها جمود في العلاقات يصل إلى حد القطيعة الدبلوماسية", موضحًا أن "خطوة السودان ستعكر من صفوة علاقاتها ليس مع مصر فحسب, بل مع العديد من الدول العربية والخليجية". وأضاف الأشعل: "خطوة تركيا العسكرية التي اتخذتها في قطر, خلقت بينها وبين الدول المقاطعة لقطر عداءً جديدًا," مشيرًا إلى أنه لا يعرف ما إذا كان سيتم استخدام الجزيرة كقاعدة بحرية سودانية تركية أم ستكون تجارية واقتصادية. وحول الخطوة المصرية ردًا على التقارب المثير بين الخرطوم وأنقرة, أكد أن "تحالف تركيا مع السودان جاء ردًا على التحالف المصري القبرصي اليوناني, لكن إذا كان هناك تواجد عسكري تركي في البحر الأحمر سيكون هناك ردة فعل مصرية وعربية قوية". في السياق ذاته, أكد الخبير المائي حسام رضا, أن "هناك مؤامرة دولية على مصر بدأت في تنفيذها تركيا والسودان, وتركيا لن تجد بلدًا سوى السودان تتآمر معه على مصر". وأشار رضا إلى أن "السودان لم يكتف باصطفافه بجانب إثيوبيا في قضية سد النهضة, بل حاول أن يكون لها حليف آخر للتآمر على مصر", موضحًا أن الخرطوم تفعل كل ذلك كورقة ضغط على مصر من أجل إعادة ترسيم الحدود المصرية الليبية. وأكد أن "دخول تركيا في دائرة الصراع بين مصر والسودان وإثيوبيا سيُفاقم تعقيد الحلول السلمية المتعلقة بمفاوضات سد النهضة, وحان وقت التحرك المصري إلى مجلس الأمن أو محكمة العدل الدولية, بعد إعلان إثيوبيا ملء السد في يونيو المقبل". وتابع: "تحالف السودان مع تركيا في هذا التوقيت ليس له معنى سوى أن السودان بحث عن حليف يقف بجانبه لمساندته في عدة قضايا خلافية مع مصر. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بدأ الإثنين الماضي زيارته إلى السودان ضمن جولة أفريقية، تقوده إلى تشاد وتونس وتستمر حتى اليوم، يرافقه فيها 200 رجل أعمال, وعرض مجلس الوزراء السوداني، على تركيا مليون فدان لاستثمارها في الزراعة, بالإضافة إلى منح جزيرة سواكن إلى الإدارة التركية. وتعتبر هذه الزيارة الأولى من نوعها لرئيس تركي منذ عام 1956, فى ظل توتر العلاقات مع مصر وإثيوبيا من جهة, وأخرى بين القاهرة وأنقرة.