ما أسفرت عنه نتائج الانتخابات الرئاسية من هزيمة معسكر الفلول – هو بمثابة عودة الروح إلى الثورة التى وئدت على أيدى رجال مبارك الذين حاولوا امتصاص ضرباتها لهم منذ قيامها قبل أكثر من عام؛ ثم نجحوا فى الدفع بمرشح لهم فى الانتخابات الرئاسية وأغدقوا الأموال واستعانوا بترساناتهم الإعلامية حتى وصل إلى الإعادة فى الانتخابات، فى الوقت الذى أطلق فيه سراح رجال مؤسستهم البوليسية، ثم فوجئ الشعب بقرارات مربكة كقانون الضبطية، ثم حل مجلس الشعب المنتخب بأكمله فى عجلة محيرة، وعلى حين غفلة من الجماهير المنشغلة بالانتخابات، وبدا المشهد وكأن الرجوع إلى عصر النظام السابق بات على الأبواب، وأن الثورة قد تلاشت، ولفظت أنفاسها الأخيرة، واستسلمت لمؤامرات الفلول وخضعت لكيدهم الجهنمى ومكرهم الإبليسى بها. وفى وسط هذا المشهد الذى يبعث على الحسرة والألم تتوحد قوى الشرفاء من هذا الوطن ليخوضوا معركة مصيرية مع دولة الفلول التآمرية فى صناديق الاقتراع، ويحتشدوا لذلك حشدًا ويتناسوا إحنهم وخلافاتهم، ويصبحوا يدًا واحدة ضد الفلول، ويقاوموا التزوير والتدليس الذى يحترفه الفلول، ويرتفعوا بأنفسهم وبغيرهم من الجماهير الواعية عن رشاوى الفلول وإغراءاتهم الخلابة ووعودهم البراقة. وكانت النتيجة أن انبلج الفجر وأسفر الصبح فإذا المعركة محسومة لصالح الوطنيين الشرفاء الأحرار، وقد اندحر معسكر الفلول، وجرت دماؤهم غير الوطنية ولا الأمينة فى أرض المعركة ونالوا هزيمة نكراء، وأحيط بهم وتزلزلت الأرض من تحت أقدامهم، وخاب سعيهم، وانمحق مكرهم، وعاد عليهم كيدهم؛ فصار فى نحورهم، وضاعت أموالهم التى أنفقوها باهظة؛ ليصدوا عن سبيل الله وعن سبيل العدل والمساواة والحرية. وعادت الحياة إلى الثورة وانتشت مرة أخرى، وثبت أن وراءها رجالاً وشباباً أصلاء المعدن، نبلاء الجوهر، صادقى الوطنية والانتماء، صمموا على ألا يعود الذل والقهر والظلم والفساد إلى بلادهم مهما بذلوا من ثمن ودفعوا من ضريبة، وأن يعيشوا أحرارًا فى وطنهم، كرماءً فى أرضهم، لا يُسامون سوء العذاب من جلاوزة الأمن، وجلادى السلطان، ولا يحملون المباخر للفرعون، ولا يدبجون الخطب الرنانة والقصائد الطنانة احتفاءً بالمستبد الظالم الغاشم السارق الناهب؛ ليجعلوا منه أعدل حاكم وأنزه والٍ. إن الحاجة اليوم ملحة أكثر من أى وقت مضى لأنْ تبدأ الثورة فى عمليات تطهير واسعة فى كل مؤسساتها ضد أولئك الفلول المتربصين بها الذين يمكرون لها ليل نهار؛ ليقضوا عليها أو ليعيقوا مسيرتها الإصلاحية؛ وأنْ تتاح الفرصة للمخلصين من أبناء هذا الشعب- كلٌ فى تخصصه- ليقودوا مسيرة هذا الوطن إلى منزلة هو يستحقها وجدير بها. [email protected]