إن حياتنا باتت جملة من المتاعب في هذه الأيام ؛ فنحن لا نكاد نهنأ بنوم، ولا بطعام، ولا بشراب بسبب المشكلات الكثيرة التي نواجهها من قِبل الأغلبية الجاهلة التي تحاول الالتفاف على ثورتنا المجيدة! إننا – معشر النخبة – بذلنا الغالي والنفيس، وضحينا بالأرواح، وذقنا ويلات السجون ، وتجرعنا الآم المضايقات الأمنية والتعذيب على يد جلاوزة " أمن الدولة" ، وعانينا من الطرد من الوظائف الحكومية، فلم يكن يوجد علماني واحد أو لبرالي واحد في وظيفة حكومية ، وكنا كذلك ممنوعين من الكتابة في الصحف، والظهور على القنوات، ومن تكوين الأحزاب ، ومن حياة الرفاهية وسكنى القصور على النحو الذي كانت تتمتع به الأغلبية من شعب مصر . وحدنا قاتلنا! وحدنا ثرنا! وحدنا كافحنا حتى أزلنا النظام الديكتاتوري! واليوم بعد كل ما قدمناه من تضحيات مادية وجسدية، بعدما سقط منا الشهداء والجرحى ، وفقد كثير من أبناء النخبة حواسهم ، وأصيبوا بعاهات مستديمة، وبعد ثلاثين عاما من الكفاح ضد نظام مبارك المستبد يأتي الشعب الجاهل، الشعب المتخلف الذي كان يصفق لمبارك ويؤيد الحزب الوطني في الانتخابات مقابل عشرة جنيهات للصوت، يأتي اليوم ويقف موقفا معاديا من ثورتنا ( ثورة 25 يناير) التي خرجنا فيها نحمل أرواحنا على أكفنا؟! الآن يجيء هذا الشعب الجاهل ويزعم أنه يريد أن يمارس الديمقراطية ، ويريد أن يحاكمنا إلى الديمقراطية ، ويريد أن يختار نوابه بنفسه ، ويريد أن يجعل منهم لجنة لوضع دستور البلاد الذي سيتحكم في ملامح الحياة السياسة وغيرها . يريد الشعب أن يحكم نفسه بنفسه ! ويصطفي من المرجعيات ما شاء ، ومن المواد الدستورية ما أحب! مرحى مرحى! أيها الرعاع مَن علمكم الديمقراطية ومَن علمّكم الدستور والقوانين والحرية ؟ ألسنا نحن النخبة أسيادكم المثقفون أيها الرعاع الجاهلون ؟! ألسنا نحن أولياء أمركم سياسيا وفكريا ، وما عليكم ولا لكم إلا أن تصفقوا لعبقريتنا الفذة في استصدار ما يصلح لكم من قوانين ، وسن ما يناسبكم من لوائح ودساتير. أأنتم أعلم بالديمقراطية والحرية أم النخبة؟ قبحكم الله الذي تؤمنون به وتريدون أن تضعوا دستورا مرجعيته إلى الدين! ويحكم ! هل نسيتم أنفسكم ؟ هل نسيتم من نحن ومن أنتم؟ أنتم الذين لا هم إلا لقمة العيش ، ونحن الذين همنا الفكر والتنوير والتحضر والتمدن ، والرقي بالوطن ، حاشا أن نطمح في وظيفة أو منصب أو شهرة ، عشنا للبرالية وعليها نحيا وعليها نموت ، ولو كنا نؤمن بالبعث لقلنا عليها نبعث ، ولكننا لسنا من أهل الغيبيات والخرافات! ما شأنكم أيها الرعاع من أبناء الشعب المتخلف تريدون أن تضعوا دستورا يتفق مع رؤاكم ، وهي رؤى دينية غيبية متخلفة ، تريدون مرجعية إسلامية ونحن في القرن الحادي والعشرين ، تريدون أن تحكمونا بشريعة الصحراء؟! هل غركم أيها الرعاع أنكم تنيفون على الثمانين مليون ، وأننا نخبة قليلة ؟ لكنكم ثغاء جهال لا تفقهون شيئا، ولا تعرفون من مصالحكم إلا ما علمناه لكم . أوَ لم يخدعكم السلفيون في غزوة الصناديق حتى ناصرتم التعديلات الدستورية وألحقتم بأسيادكم اللبراليين هزيمة نكراء ، فتبا لكم ولهم! هل تحلمون بدولة مدنية مرجعيتها إسلامية ؟! أف لكم أجمعين ! بل مدنية علمانية يصول فيها سيدنا " الجمل الوتد" ويجول، وينتقص فيها ربكم الذي تعبدون ، ويهزأ بدينكم الذي تدينون! مدنية علمانية لا حِجر فيها على فكر ولا رأي إلا رأي المتطرفين الإسلاميين من سلفيين وإخوانيين وأزهريين ، فهم ملعنون على لسان سيدنا " فرج فودة " و " حسن حنفي " و" العشماوي" وغيرهم من أئمتنا! لو تركناكم لإرادتكم لانتخبتم الإسلاميين، وأسلمتم رقابنا للمتطرفين ، وأجهضتم الديمقراطية ، وأضعتم جهاد أكثر من مائة سنة في سبيل إبعاد مصر عن الإسلام ؛ لأنه سر تخلف البلاد ورجعيتها، ولولا تمسك الأغلبية الجاهلة به لصرنا الآن أعظم دولة في العالم كله ؛ إذ أن النخبة اللبرالية في مصر لا نظير لها في العالم كله، ولكن الشعب الجاهل لا يقدرها قدرها،ولا يعرف مكانتها، ولا يؤدي حقها! معشر المصريين ! نحن أعلم بكم منكم، وأنصح لكم منكم ، وأحرص عليكم من حرصكم على أنفسكم . فمصلحتكم أن نكون فوق رقابكم نقودكم بآرائنا وأفكارنا ونظرياتنا ؛ ولا بد أن نعاملكم معاملة القاصرين؛ لأنكم لا تعلمون ما نعلم ، ولا تفكرون كما نفكر ، ولا تحلمون كما نحلم؛ فمن منكم أيها الجهال قرأ ودرس وترّبى على كتب نيتشه، وداروين، وفرويد ، وفولتير ، ورسو، وكانط ولوك، ودوركهايم ، و سارتر وغيرهم من رواد التنوير؟! ويحك أيها الشعب الغر الجاهل الذي ليس أهلا للديمقراطية ولا للانتخابات النزيهة ! هل تريد أن تفرض رغبتك وإرادتك على أسيادك من النخبة ؟ هل تريد أن تلجئنا إلى دستور من وضع لجنة من نوابك المنتخبين ؟ نحن الأوصياء عليك ! نحن المتنورون! نحن المثقفون! نحن المتحضرون !نحن المتسامحون! نحن المعتدلون ! نحن الوطنيون! نحن الثوريون! نحن الشرفاء النزهاء ما كان ولن يكون منا موظف مرتش ولا وزير فاسد ولا كاتب انتفاعي، ولا صحفي كاذب! إذا سيد منا خلا قام سيد ... قؤول لما قال الكرام فعول هل تظن أيها الشعب الجاهل المغرور أنك تقدر على فعل شيء أو اختيار شيء من دوننا ؟! هل غرك ما نسبته إلى نفسك من إنجازات ؟! هل صدقت أن صفحة " خالد سعيد " وأشباهها على الفيس بوك هي التي أججت الثورة ، وأن اعتصامات ميدان التحرير ، ومساندة الجيش هي التي أدت إلى سقوط النظام؟! إنك لواهم !! بل الدراسات النقدية لسيدنا " جابر عصفور" الحاصل على جائزة الزعيم الديمقراطي المتسامح " معمر القذافي" ، وكتابات العلامة الفلتة " سيد القمني"، واللوحات الثائرة لمعالي الوزير الفنان النزيه " فاروق حسني" ومعلقات أمير شعراء إفريقيا وبلاد الرافدين " عبد المعطي حجازي" ، وندوات ومؤتمرات المفكر المناضل المعارض النزيه " رفعت السعيد" ، وغيرها من الإبداعات اللبرالية هي التي فجرت الثورة، وقامت بالثورة، وحمت الثورة، وأسقطت النظام، وكشفت اللثام، وكبتت اللئام!!! هيهات هيهات أيها الشعب الساذج! لا كانت النخبة ولا كانت مصر إن سلمنا لك البلد لتعطيها للإسلاميين الإرهابيين! ستنقلب النخبة عليك وعلى المجلس العسكري الذي يزعم حماية ثورتنا التي نسبتَها إلى نفسك. أجل! نقولها صريحة ! سننقلب عليك ، ونكوّن مجلسا رئاسيا من النخبة اللبرالية المصطفاة ، ونضع دستورا يحقق آمال النخبة ويكافئ منجزاتها وتضحياتها التي قدمتها في الثورة التي سرقتَها أنت أيها الشعب الجاهل ونسبتها إلى نفسك؛ دستور يمثل النخبة كلها يساريّها وشيوعيّها ورأسماليّها ولبراليّها. اعلم أيها الشعب الغِر أن مقاليد أمور البلاد هي بأيدي أبناء النخبة المصونة ، رجالنا في مجلس الوزراء ، وفي الوفاق الوطني، وفي الإعلام، وسنشوه صورة كل قرار لا يرضينا، وكل طائفة لا تتبعنا، وسنهجم على كل جهة لا تناصر مطالبنا، وسنُقصي كل مَن يقف في سبيلنا وإن كانوا ثمانين مليون أو حتى ثمانمائة مليون،بل وسنضع أيدينا في أيدي فلول "أمن الدولة" ، وسنشعل الفتن الطائفية. واعتبر بما حصل للسلفيين من تشويه ، فيمكننا أن نفعل مثله مع الأزهريين، والعسكريين ، والقضاة، والأطباء ، والمهندسين ، والمحامين .... وجميع من يتحدى النخبة المثقفة. فانظر أيها الشعب لنفسك، وقدر لرجلك قبل الخطو موضعها // فمن علا زلقاً عن غرة زلقا!! التوقيع سيدتُك وتاجُ رأسك النخبة اللبرالية علي حسن فراج [email protected]