يرى المهندس كيفن ويلر، خبير التغيير البيئي في جامعة أكسفورد، أن مصر قد تستفيد من بناء سد النهضة، موضحًا أن السودان سيحصل على مميزات عدة من بنائه؛ ولهذا يدعم إثيوبيا ويحرص على إقامة علاقات الجيدة مع إثيوبيا؛ لأنها ستمسك لجام تدفق مياه نهر النيل، بحسب موقع قنطرة في نسخته الألمانية. واستهل الموقع كلامه بأن إثيوبيا تعتبر النيل مفتاح النهضة الاقتصادية لها، بينما تعتبره مصر شريان الحياة وسبب وجودها؛ ولهذا يهدد بناء سد النهضة الذي يعد الأضخم في أفريقيا بإشعال صراع ضروس على مياه النيل، فبينما يصرح مدير المشروع، سيميجنيو بيكيل، وهو مفعم بالفخر إن السد يتيح لنا أن نحارب عدونًا المشترك، إلا وهو الفقر، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إنه لا يسمح لأحد أن يمس المياه المصرية. خاصة أن ميشيل دان، مدير مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في الشرق الأوسط يعتقد أن مصر مقبلة على أزمة مياه خلال الخمس سنوات المقبلة؛ نتيجة لزيادة السكانية والإدارة السيئة للمواد المائية، ولهذا تخشي القاهرة بشدة من أن تغلق "أديس أبابا" صنبور المياه عليها. بحيرة السد أكبر من بحيرة "كونستانس" وتابع الموقع أن التوترات بين إثيوبيا ومصر تصاعدت منذ عدة سنوات، إذ تميزت المناقشات بينهما بانعدام الثقة وبالتصريحات الحادة، وتتمثل أكبر نقطة خلاف حاليًا في ملء الخزان المقرر إنشائه خلف سد النهضة بسعة 74 كيلومترًا مكعبًا من الماء، حيث ستخطي البحيرة خلف السد مساحة ألف و874 كيلو مترًا مربعًا أي أنها أكبر من بحيرة "كونستاس" بثلاثة مرات وهي بحيرة ترتفع 395 مترًا فوق مستوى سطح البحر وتقع في ثلاثة دول ألمانيا والنمسا وسويسرا. ولهذا يعد ملء الخزان مسألة شائكة جدًا؛ فكلما تم ملأه بصورة أسرع، كلما قلة نسبة المياه المتدفقة لمصر والسودان، ولكن الأمر الأكثر تعقيدًا هو الوصول لاتفاق في مسألة ملء الخزان. القاهرة لا تأبه بالجمل الناعمة ويرى المهندس و البروفيسور، كينيث سترزيبيك، من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في بوسطن أن سبب تعقد الأمر يكمن في عدم القدرة على التكهن بمقدار المياه المتدفقة في النيل سنويًا؛ خاصة في ظل التغيير المناخي، الذي يعزز عامل الغموض فيما يخص كميه مياه النيل، فضلًا عن أنه إذ ما حاول كل من مصر وإثيوبيا على اتفاق واضح حول كمية المياه المخزنة والأخرى المسموح بها سنويًا، سيكون هناك مخاطرة للطرفين. ودائمًا ما يتجنب مدير المشروع، سيميجنيو بيكيل، السؤال حول ملء الخزان، إلا أنه يؤكد أن نهضة البلاد لن تكون علي حساب الآخرين، وأيضًا وعد ويزر الموارد المائية الإثيوبي، سيليشي بيكيل، مؤخرًا بأن عملية الملء ستتم خلال مدة زمنية طويلة، دون أن تؤثر بالطبع على تدفق النهر، إلا أن تلك الجمل المهدئة بالكاد أثرت على القاهرة. السودان يدرك مميزات السد وحتى إذا ما تم تخطى تلك العقبة فأن هناك احتمالية حدوث صراع آخر بين الطرفين، إذ من الممكن أن تحصل مصر على مياه أقل باستمرار؛ حيث تكفل الاتفاقية المائية الموقعة في 1959 لمصر ب55,5 مليار متر مكعب من الماء، مقابل 18,5 مليار متر مكعب للسودان، ولم يتم وضع إثيوبيا والدول الأخرى في الاعتبار بالمرة. وكان السودان مرتبط بصورة شديدة بمجرى نهر النيل الطبيعي حتى الآن؛ حيث يحصل على كميات مياه كبيرة في موسم الأمطار، وتندر في أوقات الجفاف، ولكن من الممكن أن يحصل السودان على كميات مياه أقل أو أكثر بشكل مستمر؛ إذ يتحكم السد الإثيوبي بمجرى النهر، ولهذا قد بطالب السودان بكميات مياه أكبر من ذي قبل في المستقبل وبذلك من الممكن أن تزرع وتجمع الحصاد مرتين في السنة ويدرك السودان تلك المميزات، ولهذا وعد إثيوبيا بالدعم. مصر ستستفيد من السد وحتى مصر من الممكن أن تستفيد بالسد، بحسب رأي المهندس، كيفن ويلر، من معهد التغيير البيئي في جامعة أكسفورد، والذي يبحث موضوع السد منذ سنوات؛ ذلك لأن البحيرة الصناعية الإثيوبية كائنة على مكان أعلى من بحيرة ناصر، ولهذا فإن المناخ هناك أكثر برودة، ومعدل تبخر المياه أقل سرعة من بحيرة ناصر. وأضاف "ويلر" أن هذا خزان إضافي والذي يعني أمن مائي أكثر لمصر في سنوات الجفاف، بشرط أن تتعاون الدول مع بعض بشدة، وهذا هي نقطة الخلاف؛ فلم أشهد في حياتي تشغيل سدين بهذه الضخامة على نهر دون وجود خطة تنسيق بينهما. اللجام في يد إثيوبيا ويرى بروفيسور "سترزيبيك" أن الأمر في مجمله يتطلب التعاون القوي والثقة المتبادلة، حيث إن هناك افتقارا في الثقة، بينما صرح ميشيل دان، مدير مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في الشرق الأوسط بأنه من الممكن أن تتدخل عناصر دولية للوصول إلى حل مقبول؛ يستطيع من خلاله كل من القاهرةوأديس أبابا الوصول لاتفاق. ويقول مدير المشروع، سيميجنيو بيكيل، إن مصر تفكر في الاستفزاز العسكري، ولكن مع استبعاد حدوث أزمة أمنية مباشرة، فإن ذلك يعد أيضًا ممكنًا، وبينما تبحث الدول عن مخرج من الأزمة السياسية، يداهمهم الوقت، فكل يوم يقترب بناء السد من الاقتراب أكثر، فتم تجهيز الخزان بالفعل وتم اقتلاع الشجر هناك. ولكن إثيوبيا على يقين تام من أن اللجام سيكون بأيدها؛ إذ قال وزير الموارد المائية، سيليشي بيكيل، نفسه إن إثيوبيا لا تفكر في وقف بناء السد.