قالت صحيفة "المونيتور" الأمريكية، إن مصر تسعى جاهدة إلى كسب أوراق ضغط جديدة في المنطقة، لحل أزمة سد النهضة، متخذة من جنوب السودان طريقًا شرعيًا لتحقيق ذلك. وأضافت أن الدور الإقليمي الذي تلعبه مصر حاليًا غاب عنها طويلا خلال الفترة الماضية، لافتة إلى أنه بعد دور الوسيط في المصالحة الفلسطينية، يأتي إنهاء الصراع في أطراف جنوب السودان المتنازعة، كمحاولة جديدة من قبل السلطة في مصر لتعويض خسائرها في المعركة ضد الإرهاب في شبه جزيرة سيناء، وحل أزمة نهر النيل وتحجيم السخط العام المتزايد، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2018. وألمحت الصحيفة إلى توقيت تدخل النظام المصري بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي في نزاعات جنوب السودان، إذ تساءلت لما الآن تدخل مصر في هذا الصراع، الذي مستمر منذ فترة طويلة؟. يأتي ذلك، في ظل تعثّر المفاوضات الخاصة بسد النهضة الإثيوبي بين الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، بعد أن أصدر محمد عبد العاطي، وزير الموارد المائية والري، بيانًا في 12 نوفمبر الماضي، أفاد فيه بأن هناك اختلافًا في وجهات النظر بين الدول الثلاث، بخصوص التقرير الأولي الذي قدمه المكتب الاستشاري الفرنسي "بي آر إل" المعني بتنفيذ دراسات سد النهضة لتحديد آثاره على مصر والسودان، على الرغم من موافقة مصر على التقرير، دون أن يشير إلى نقاط الخلاف التي يتضمنها التقرير. وقال الدكتور عبد الله الاشعل, مساعد وزير الخارجية الأسبق, إن "السودان بكامله يعد عمقًا استراتيجيًا لمصر, والدولة التي تعي أمنها القومي عليها تأمين دول الجوار التي تحيط بها", واصفًا الوضع ب "المتأزم" بين مصر وعدد من دول القارة السمراء. وأضاف الأشعل ل"المصريون": "استخدام جنوب السودان كورقة ضغط على إثيوبيا بعد تأزم المفاوضات المتعلقة بسد النهضة, سيؤدي إلى فتور أكثر في العلاقات المصرية السودانية, وعلى مصر أن تعمل على التوافق بين الأطراف السودانية, خاصة وأن البشير يزعم دعم مصر للمتمردين في دارفور ضده, وهو ما نفاه الرئيس السيسي على الفور". وأشار إلى أن "السودان اصطف بجانب إثيوبيا في قضية السد لعوامل عدة, أبرزها النفع العائد على الخرطوم من السد, والتقارب المصري الجنوبي السوداني, الأمر الذي اثأر قلق النظام السوداني في الفترة الأخيرة". وتابع:" لا أعتقد أن يكون هناك خيار عسكري بالتنسيق مع جنوب السودان, لأنه سيؤدي إلى تدهور العلاقات المصرية مع كل الدول الإفريقية, كما أنه من الممكن أن تشهد الفترة المقبلة تواجدًا عسكريًا روسيًا في السودان بعد طلب البشير من الجانب الروسي". وحول استخدام جنوب السودان كورقة ضغط على إثيوبيا، قال الأشعل: "ضغط الجنوب على إثيوبيا مراعاة للمصالح المصرية, وعدم المساس بحصة مصر من مياه نهر النيل, بالإضافة إلى تعاون عسكري وطيد". من جهته, قال الدكتور سعيد الاوندي, الخبير في العلاقات الدولية بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام", إن "علاقات مصر بدولة جنوب السودان تشهد تطورًا منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك, وما قام به الرئيس عبدالفتاح السيسي من تكثيف في علاقات التعاون معها خلال الفترة الأخيرة، عبر زيارات متبادلة وغيرها يأتي في إطار حفاظ مصر على علاقاتها الخارجية والإستراتيجية مع دول القارة الإفريقية". وأضاف اللاوندي ل"المصريون": "الحل في التعامل مع أزمة سد النهضة لا يكمن في عمل تحالفات أو استخدام دول معينة كورقة ضغط على إثيوبيا, إذ لا بد من تمسك مصر بالمفاوضات والمسار السياسي حتى النهاية". وأكد اللاوندي, أن "مصر لديها وعي تام، وتعلم مدى خطورة استخدام الحل العسكري, وهو ما حذر منه الرئيس السيسي", مشيرًا إلى أن "هناك أملاً كبيرًا في الوصول إلى حل سياسي مع إثيوبيا, خاصة وأن مصر سعت الفترة الماضية لرأب كل الصراعات في بين الأطراف السودانية, كان آخرها إعلان القاهرة في الشهر الماضي". يشار إلي في أواسط الشهر الماضي, أشرفت القاهرة على توقيع وثيقة "إعلان القاهرة" لتوحيد الحركة الشعبية لتحرير السودان بمقر المخابرات العامة المصرية, برعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي ورئيس أوغندا يوري موسيفني لدعم جهود دعم السلام وإنهاء الحرب في جنوب السودان.