قال باحثون في الحركات الإسلامية, إن هناك خلافًا كبيرة بين الجماعات الإرهابية التي تنشط في سيناء, وعلى رأسها "داعش" و"القاعدة", قد تؤدي إلى انهيار كل جماعات العنف المسلح هناك. وفي أعقاب مذبحة مسجد بئر العبد بالعريش, التي وقعت الجمعة الماضية، وأدت إلى استشهاد أكثر من 300 شخص من المصلين, تبرأ تنظيم "القاعدة" من العملية, وقال إنه لا يضع المساجد ضمن قوائم الاستهداف. وفي أواسط الشهر الجاري, قامت جماعة إرهابية مغمورة أطلقت على نفسها "جند الإسلام" بتبني عملية عسكرية ضد مجموعة من عناصر داعش في سيناء. وأكدت في بيان صدر عنها، أنها تمكنت من تنفيذ هجوم على مجموعة من عناصر داعش في عملية أطلقت عليها اسم "صيال خوارج البغدادي" بسيناء، داعية 4 من قادة داعش سيناء لتسليم أنفسهم إلى الجماعة في أقرب وقت قبل القدرة عليهم، وتنفيذ الحكم الشرعي. "جند الإسلام" تبنت عمليات إرهابية عدة في سيناء من قبل, كان أبرزها في 2013 حين استهدفت مقرًا تابعًا للمخابرات الحربية في رفح, ما أدى إلى استشهاد 6 جنود وقتها. الاختلاف بين "داعش" و"القاعدة", وبروز "جند الإسلام", رأى معه يعنى أن سيناء ستشهد صراعًا كبيرًا بين تلك الجماعات المتطرفة, وأن ذلك التفكك سيضعف من خطط توسع الإرهاب في سيناء, وسيسهل القضاء عليها في أقرب وقت. سامح عيد، الخبير في الحركات الإسلامية، رأى أن "انشقاق جماعة جند الإسلام التابعة لتنظيم القاعدة عن ولاية سيناء التابعة لداعش، واختلاف وجهات النظر بين المتطرفين يؤكد نجاح القوات المسلحة في مواجهة تلك الجماعات الإرهابية, ويُعجّل بالقضاء عليهم". وأشار عيد ل"المصريون" إلى أن "الجماعات المسلحة تكون متحدة عندما تكون الدولة التي تنشط فيها ضعيفة وغير قادرة على التغلب عليها, الأمر الذي يعكس ما يجري في مصر من ضربات موجعة واستباقية توجه إليهم من قبل القوات المسلحة". وأوضح أنه "حال تفكك الجماعات الإرهابية في سيناء ستنتقل عدوى التفكك إلى ليبيا وغيرها من الدول التي تخوض حروبًا ضارية ضد المسلحين, مؤكدًا أن ذلك بداية نهاية هذه الجماعات". ماهر فرغلي, الباحث في الحركات الإسلامية, قال إن "سيناء شهدت تواجد أكثر من 20 تنظيمًا إرهابيًّا على أراضيها, ونجحت القوات المسلحة في القضاء على أكثر من 17 تنظيمًا وجماعات مسلحة, ولم يتبق سوى "القاعدة" و"داعش" و"حسم", بالإضافة إلى الحركات المغمورة التي تظهر يوميًّا, ولا يمكن حسبانها على أنها جماعات مستقلة, إنما تكون منفصلة من تنظيم ما؛ بهدف تكوين جماعة منفردة, حتى لا تقر على بقية التنظيم حال الإيقاع بها. وأشار فرغلى ل"المصريون" إلى أن "كل التنظيمات التي تحمل اسم "أنصار"، تابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي, وأن هناك خلافات كثيرة من عدة اتجاهات بين القاعدة وداعش, مستبعدًا تعاونهما معًا في أي وقت". وأوضح أن "معضلة القاعدة الأولى، أنها ليست جماعة واحدة الآن، بل مجموعة من الجماعات، يمكن أن نصنفها كالتالي: جماعات حليفة متحالفة مع التنظيم فقط، وجماعات شريكة متشاركة معها في الأهداف وجماعات متماهية أصبحت في صلب النواة للتنظيم". وقال إن "هذه التصنيفات السابقة في النهاية أدت إلى نتيجة مفادها أن القاعدة ليس شيئًا واحدًا، وأن الأيديولوجية التي تقوم على التمازج والالتحام بالفصائل الإسلامية الأخرى، أدت في النهاية إلى تعميق جراح التنظيمات وإلى تفتته, وهذا ما يجعلنا نشاهد نسخًا جديدة كل يوم من التنظيم، في ذات الوقت تظل النواة الصلبة مستمرة؛ بسبب أفكار لم تتم مواجهتها جيدًا". من جهته, قال أحمد بان، الباحث بالحركات الإسلامية، إن "ذلك الانشقاق يؤكد أن تلك الجماعات في طريقها للانهيار والتفكك داخل مصر، مطالبًا باستغلال ذلك الأمر، وتوجيه ضربات استباقية لتلك الجماعات داخل مخابئها في سيناء". واستبعد أن تنتقل عدوى صراع الجماعات المسلحة في سيناء بعد تفكك جماعة "جند الإسلام" عن "ولاية سيناء"، إلى مصر على غرار سوريا والعراق، مشددًا على أن المقارنة ظالمة.