لا تزال رمال الصحراء فى منطقة العلمين، تعج بالألغام، رغم مرور 75 عامًا على معركة الحرب العالمية الثانية، ما يشكل خطرًا على السكان وعقبة أمام التنمية, ما جعل وحدة متخصصة من سلاح المهندسين التابع للجيش المصرى بالقرب من العلمين، تقوم يوميًا بعمليات مسح لكشف الألغام رغم الجهود الكبيرة التى بذلت من قبل، والمساعدات الدولية التى قدمت لنزع الألغام فى المنطقة. "إيفان سركوس" رئيس بعثة "لاتحاد الأوروبي" فى القاهرة، والذى يزور العلمين هذا الأسبوع على هامش مراسم الذكرى ال75 للمعركة قال: "إنه فى العام 1942 خلفت المعركة كمية كبيرة من الألغام التى لم تنفجر وهى مازالت تشكل خطرًا كبيرًا على السكان"، وأن قرابة 2680 كيلومترًا مربعًا من أراضى الساحل الشمالى الغربى لمصر لا تزال بها ألغام. وأطلقت وزارة التعاون الدولى فى عام 2006، برنامجًا لإزالة الألغام بالعلمين، وبدأ يؤتى ثماره فى 2017، فى حين انضم "الاتحاد الأوروبي" فى 2014 إلى الجهود المصرية بدعم مالى قدره 4.7 ملايين يورو. ويشمل برنامج الوزارة، حملات توعية ل75 ألف شخص بما فى ذلك الحملات فى المدارس، لكن المهمة لم تنته بعد وتم تمديد البرنامج إلى إبريل 2018. وتقول الوزارة، إن المناطق التى لا تزال فيها ألغام تتركز بدرجة كبيرة فى مدينة العلمين وإلى الجنوب منها، ما يجعل بعض المناطق غير صالحة لأى مشاريع تنموية. وتبلغ المساحة الإجمالية لمدينة العلمين الجديدة 50 ألف فدان، وتتكون المرحلة الأولى من قطاعين أساسيين بمساحة نحو 8 آلاف فدان، وهما القطاع الساحلي، ويشمل قطاع المركز السياحى العالمي، والقطاع الأثري، والحضري. وتعتبر مدينة العلمين الجديدة، أول نموذج للجيل الجديد من المدن المليونية، والتى من المخطط لها أن تستوعب أكثر من 3 ملايين نسمة فى نهاية مراحلها الأولى. وكان الرئيس عبدالفتاح السيسى، شارك قبل نحو أسبوع، فى إحياء ذكرى مرور 75 عامًا على معركة العلمين، بحضور عدد من ممثلى 14 دولة، وقيادات مصرية بارزة، بينهم المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء والفريق أول صدقى صبحى وزير الدفاع. وقال السيسي: "إن ذكرى آلاف الضحايا الذين لقوا حتفهم فى معركة العلمين تدفعنا لتجديد العهد بالحفاظ على السلام، وبذل المزيد من الجهد لإرسائه، وخاصة فى منطقة الشرق الأوسط التى تواجه أزمات خطيرة تهدد كيان الدولة الوطنية". وبدأت معركة العلمين الثانية فى 23 أكتوبر الأول 1942، بين قوات الحلفاء بقيادة الماريشال البريطانى "برنارد مونتجومري" وبين قوات المحور بقيادة "إيرفين روميل" وشكلت هزيمة هذا الأخير أحد المنعطفات الحاسمة فى الحرب العالمية الثانية, وفى 1995 انعقد مؤتمر جنيف لبحث مشكلة الألغام فى العالم، وأعلن حينها أن مصر وحدها لديها 21% من الألغام، بمعدل 23 مليون لغم ومخلفات حرب. الدكتور عبد العال عطية، الخبير الجيولوجي, قال إن "الألغام أكثر من نوع, فهناك الألغام المعدنية وهذا النوع يسهل التعرف عليه من خلال أجهزة ذبذبة لكشف المعادن, أما النوع الآخر فقد تمت صناعته من البلاستيك, ويصعب التعرف عليه واستخراجه", مشيرًا إلى أن "ذلك النوع تمت صناعته فى بداية الألفينيات مع التطور التكنولوجي". وأضاف ل"المصريون": "كل الألغام الحديدية سواء المضادة للدبابات أو الأفراد منها, يستطيع المنقبون عن المعادن فى الصحراء استخراجها, لكن يجهلون إبطال مفعولها", منوهًا إلى أن "كل الألغام المزروعة فى منطقة العلمين، إبان الحرب العالمية الثانية معدنية, ويسهل استخراجها وتطهير تلك المناطق من قبل القوات المسلحة". وأوضح الخبير الجيولوجي, أن الدولة المصرية حصلت على خرائط توضح الأماكن التى زرعت فيها الألغام، من الأممالمتحدة, تسلمتها من ألمانيا وبريطانيا, وذلك لتسهيل عملية البحث واستخراجها, إلا أن المعضلة الأساسية تكمن فى السيول والأمطار الغزيرة التى تحرك الألغام من أماكنها, وهنا يصعب التعرف عليها حتى لو باستخدام الخرائط, مشيرًا إلى أن تلك المشكلة هى التى تعد عائقًا أمام التنمية والمواطنين هناك.