واصل التليفزيون المصرى مسلسل الفشل رغم دعاوى التطوير التى تزعم قياداته أنها حدثت فى الخريطة البرامجية والنشرات الإخبارية . ولعل أكبر دليل على هذا الفشل التغطيات الهزيلة للأحداث والمعارك الدامية التى وقعت أمس بين قوات الشرطة ومجموعات من الإرهابيين عند الكيلو 135 بطريق الواحات . ويؤسفنى القول إن قطاعى التليفزيون والأخبار تعاملا مع هذا الحادث الأليم وكأنه يحدث فى دولة آخرى غير مصر . فرغم أن الحادث وقع فى الخامسة من مساء أمس الجمعة , إلا أن برامج التليفزيون المصرى لم تتعامل معه سوى بعدها بعدة ساعات وكان ذلك من خلال نقل خبر منقول عن وكالة أنباء الشرق الأوسط ( أ ش أ ) على الشاشة , ثم تبع ذلك استمرار إذاعة البيان الصادر عن وزارة الداخلية حول الحادث والذى أكدت فيه أنه " وردت معلومات لقطاع الأمن الوطنى باتخاذ بعض العناصر الإرهابية للمنطقة المتاخمة للكيلو 135 بطريق الواحات بعمق الصحراء مكانًا لإختبائها , فتم إعداد مأمورية لمداهمة وكر الإرهابيين، وحال اقتراب القوات واستشعار تلك العناصر بها، أطلق الإرهابيون الأعيرة النارية تجاهها، لتبادلها القوات إطلاق النيران، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد من رجال الشرطة، ومصرع عدد من هذه العناصر ". ولم يتم الكشف عن المزيد من التفاصيل حول الحادث سواء من خلال إجراء مداخلات تليفونية مع المسئولين والصحفيين والمراسلين وغيرهم لإطلاع لمشاهدين على تطورات الأحداث , رغم أن الفضائيات المصرية ومنها " صدى البلد وأكسترا نيوز وأون لايف " وبعض المواقع الإخبارية وفى مقدمتها اليوم السابع , كشفت عن أسماء 11 ضابطاً ممن استشهدوا فى هذا الحادث الأليم وكان ذلك فى السابعة مساءاً . ومع ذلك واصل التليفزيون المصرى عرض خريطته البرامجية سابقة التجهيز , وترك المشاهدون يبحثون بأنفسهم عن المعلومات المتعلقة بالحادث من بعض القنوات والمواقع الإخبارية ووكالات الأنباء العالمية , بينما استمرت القناة الأولى فى اذاعة حلقات من مسلسل رأفت الهجان وعرضت القناة الثانية حلقة من برنامج " خط أزرق " والتى كانت مخصصة للحديث عن طقوس الإحتفالات اليهودية بينما واصلت القناة الفضائية المصرية إذاعة العديد من الأغانى الوطنية . وواصلت قناة النيل للأخبار تغطياتها وأخبارها المعتادة واكتفت بإذاعة بيان الداخلية . وانتظر المشاهدون عدة ساعات , وظنوا أن التليفزيون سوف ينتبه إلى أن هناك حادثاً جللأ يقع على أرض مصر , وذلك من خلال موجز الثانية عشرة مساءاً , إلا أن ظنونهم خابت حيث تم عرض نفس الأخبار , أما الإنفراد الذى تم تقديمه فكان عبارة عن نشر خبر خاص علاوة على عدة عناوين على الشاشة حول البيان الذى أصدره حسين زين رئيس الهيئة الوطنية للإعلام حول الحادث والذى أعلن فيه أن الإعلام الوطني سيواصل دوره بقوة في مساندة مؤسسات الدولة المصرية في حربها ضد الإرهاب بكشف المخططات التي تستهدف النيل من استقرار الوطن والتصدي للأفكار المتطرفة بكل الأدوات الإعلامية وبتوحيد الجهود لمجابهة هذا العدو الذي يستهدف القتل والتدمير وتعطيل مسيرة التنمية". ووجه زين فى بيانه قطاعات الوطنية للإعلام بتغيير الخريطة البرامجية مراعاة لمشاعر أسر الشهداء والمصابين وحالة الحزن التي يشهدها الشعب المصري في هذه الحالة، كما وجه بعرض بطولات وتضحيات الجيش والشرطة في سبيل الحفاظ على أمن الوطن. وبصراحة لا أعرف كيفية مساعدة الإعلام الرسمى للدولة فى محاربة الإرهاب من وجهة نظر رئيس الهيئة الوطنية للإعلام , وهل يكون ذلك من خلال التعتيم على ما يجرى من أحداث كبيرة ؟ أم من خلال اذاعة أغانى وطنية ومتابعات هزلية للأحداث بعيدة عن كل البعد عن القواعد المهنية وحق المواطن فى معرفة ما يجرى داخل بلده ؟!! . وتصور المشاهدون أنه بعد صدور بيان حسين زين سوف يتم تغيير خريطة التليفزيون البرامجية , ولكن ظنونهم خابت مرة آخرى , حيث واصلت نفس القنوات عرض نفس برامجها ومسلسلاتها والأغانى المعتادة , ثم كانت المفاجأة أن برنامج " صباح الخير يامصر " الذى أذيع بعد وقوع الحادث ب 12 ساعة كاملة , لم يواكب الحدث بالشكل المطلوب وتابع إذاعة نفس البيانات والأخبار , وواصل فقراته سابقة التجهيز بدون أى تغيير , حيث عرض فقرة "نجم الشباك " عن حياة ومسيرة اللاعب اسلام محارب الذى لم يشارك سوى فى مبارتين مع الأهلى منذ انتقاله اليه , ثم لقاء مع أحد الأطباء حول أورام الوجه , والغريب أن القائمين على البرنامج لم يفكروا فى تغيير الفواصل ذات الموسيقى المرتفعة و" الراقصة " خلال عرض حلقة اليوم من البرنامج . المفاجأة المثيرة والتى أكدت صحة ما أقوله حول فشل ماسبيرو , أن ضيف برنامج " صباح الخير يامصر " اللواء علاء عبدالجواد أبازيد مدير مركز الدراسات الأمنية كشف على الهواء أنه لم يشعر من خلال برامج التليفزيون المصرى أن هناك حادثاً فى مصر مشيراً إلى أنه كان من الواجب تغيير الخريطة البرامجية ومؤكدا أن سياسة التعتيم لم تعد مجدية خاصة فى ظل حروب الجيل الرابع التى تقوم بنقل مثل هذه الأحداث بالأقمار الصناعية على الهواء مباشرة . .
ياسادة .. احترموا حق المواطن الدستورى فى معرفة ما يجرى من أحداث داخل بلده ولا تتركوه فريسة للقنوات المعادية لمصر لأن سياسات التعتيم أصبحت غير مجدية فى ظل وجود الآلاف من المواقع والوكالات والفضائيات وصفحات مواقع التواصل الإجتماعى التى تكشف كل ما يجرى لحظة بلحظة على الهواء مباشرة .