لا تشكل العودة الجديدة لفاروق القدومي"أبو اللطف" إلى الواجهة مرة أخرى إلاّ شكلاً جديداً من أشكال الخلاف مع حماس من قبل بعض التيارات الفتحاوية؛ إذ حاول "القدومي" مؤخراً التأكيد على أنه الممثل الخارجي للفلسطينيين، على الرغم من وجود وزير خارجية للحكومة الفلسطينية هو الدكتور محمود الزهار. ويبدو أن العلاقة بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس "أبو مازن" ورئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي التي اتسمت بتوتر وصل إلى حد القطيعة أحياناً، خاصة بعد وفاة الرئيس الراحل ياسر عرفات تتجه نحو الانفراج، وربما تنتهي إلى مصالحة بين قطبي حركة فتح، قد تقود إلى عقد اجتماع للجنة المركزية للحركة بكامل أعضائها في الخارج. فالتئام اجتماع "المركزية" الذي تم تأجيل موعده غير مرة مرهون بنجاح لقاء عباس – القدومي المرجح عقده في تونس بحضور رئيس الوزراء السابق أحمد قريع، ومسؤول التعبئة والتنظيم في الحركة محمد راتب غنيم "أبو ماهر" بعد الإشارات والرسائل والاتصالات التي تبادلها الرجلان خلال الأسابيع القليلة الماضية. والاجتماع الفتحاوي الرباعي من المفترض أن يلتئم خلال زيارة الرئيس الفلسطيني الحالية لتونس، وهو لقاء تعتقد أوساط فتحاوية بأنه في حال نجاحه فسوف يعزز من قوة "فتح" ويساهم في توحيد صفوفها، وإزالة العديد من الأسباب التي أوجدت شرخاً بين قيادة الحركة في الداخل والخارج، وانعكست على وحدتها ومواقفها السياسية والداخلية. كما أنه من المفترض أن يُبحث خلال اللقاء مجمل القضايا التي كانت سبباً في الخلاف المستعر بين عباس والقدومي، على خلفية مواقفهما السياسية المعلنة بخصوص المفاوضات والمقاومة والوضع الداخلي الفلسطيني، إضافة إلى البت في مصير المؤتمر العام السادس للحركة، وبحث أوضاع منظمة التحرير الفلسطينية. لقاء قطبي "فتح" الذي طال انتظاره، وأُجل لأكثر من مرة سبقته إشارات مهّدت لانعقاده، وكان آخرها من قبل "القدومي" الذي وصل قبل أيام إلى العاصمة الماليزية كوالا لمبور لترؤس الوفد الفلسطيني في اجتماع دول عدم الانحياز، وهو ما دفع وزير الشؤون الخارجية الدكتور محمود الزهار لمقاطعة هذا الاجتماع، وقال الناطق الإعلامي باسم الخارجية طاهر النونو: إن "إحجام الزهار والوفد المرافق له عن المشاركة بالمؤتمر جاء في أعقاب الوصول المفاجئ لفاروق القدومي للمشاركة في المؤتمر "معبراً عن استيائه مما وصفه ب "التصرف الغريب" للقدومي الذي يضر بالعلاقات الفلسطينية الداخلية، "ويأتي انسجاماً مع محاولات فرض الحصار السياسي على الحكومة المنتخبة ديموقراطياً" وترؤّس القدومي للوفد الفلسطيني في اجتماع دول عدم الانحياز لم يكن المواجهة الأولى بين أمين سر حركة فتح وحركة حماس بل سبقه إشارات أخرى عنوانها "الابتعاد عن حماس"، منها الرسالة التي وجهها إلى د. "الزهار"، وتضمّنت ما يشي بوجود خلافات بينهما حول قضايا بروتوكولية متعلقة بالسفارات الفلسطينية في الخارج، وفي سياق التضارب في الصلاحيات بين السلطة ومنظمة التحرير كان آخرها وصف القدومي للزهار بأنه قليل خبرة في العمل السياسي! وكان رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير قد التقط إشارة "أبو مازن" بتخويله باتخاذ جميع القرارات الخاصة بتعيين سفراء ودبلوماسيين في السفارات الفلسطينية، والإشراف على أوضاع هذه السفارات، وإحالة جميع القرارات التي سبق أن اتخذها وزير الشؤون الخارجية السابق د.ناصر القدوة لمراجعتها والبت فيها، واتخاذ قرار نهائي بشأنها وفق النظام الأساسي لمنظمة التحرير. ويسود اعتقاد اليوم بأن ملف التمثيل الدبلوماسي الخارجي حُسم لمصلحة المنظمة بعد ما كان مسار خلاف بينها وبين السلطة، وكان الرئيس عباس قد سعى بشكل دائم لسحب الملف الدبلوماسي الفلسطيني من منظمة التحرير، ومن يدي "القدومي" لصالح وزارة الشؤون الخارجية في السلطة، الأمر الذي فجر خلافات علنية، وصلت إلى حد القطيعة ما بين عباس والقدومي. وعلى الرغم من أن حركة حماس تتوافق بشكل أو بآخر مع القدومي في العديد من المسائل التي تخص الشأن الفلسطيني، خاصة فيما يتعلق بإعادة بناء وتفعيل منظمة التحرير، وهو ما انتهى إليه الاجتماع قبل الأخير الذي عُقد في دمشق قبل عدة أسابيع بدعوة من القدومي ذاته، إلا أنه لوحظ أن الأخير بدأ منذ فترة باتخاذ مواقف تؤشر أنه يحاول الابتعاد تدريجياً عن حركة حماس. ولعل امتناعه خلال زيارته منتصف الشهر الجاري للعاصمة السورية عن تلبية دعوة قادة الفصائل لاجتماع كان يُفترض أن يرفع مشروع البرنامج التنظيمي الجديد لمنظمة التحرير مع مشروع البرنامج السياسي بعد إقراره ، واعتذاره من التقاء رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل خلال تلك الزيارة ، كل ذلك مثل إشارة تمهيد لمصالحته المرتقبة مع الرئيس الفلسطيني المصدر : الاسلام اليوم