شيء مؤسف أن يتحول التعليم خصوصا في مرحلة الثانوية العامة إلى "استحمار" للطلاب وأولياء أمورهم. شعر صديقي العائد توا من اغتراب طويل في الخارج وشعر أولاده عندما انتقلوا إلى مدرسة داخل مصر، أن كل ما يقابلهم في حياتهم المدرسية اليومية من مناهج وأسلوب تعليمي نهايته بالكاد أن يصبح "حمارا"! فوجئ الصديق بمدير مدرسة اللغات الخاصة التي تستنزفه بالآلاف غير الرسوم العالية المفروضة على الزي المدرسي وما شابه، أن ابنه طالب الثانوية العامة ذهب "اليوم" إلى المدرسة، وهذا "غلط" فهو معطل له عن المذاكرة ومعطل للنظام المدرسي. ولما استغرب والد الطالب ذلك لأن المفروض أن يشتكي من تغيب ابنه لا من حضوره، وأن المدرسة تساعده بتدريسه المنهج لا تعطله، قاطعة مستنكرا: وماذا تفعل الدروس الخصوصية؟!.. المفروض أنه حاجز في سنتر تعليمي من السناتر المشهورة، وهذه كل مواعيدها في توقيت المدرسة. انتبه ولي الأمر إلى أن ابنه يذهب فعلا إلى السنتر في الثامنة صباحا أو العاشرة أو الثانية عشر أو غير ذلك من أوقات المفروض أنه خلالها في المدرسة. وانتبه أن كل السناتر "جمع سنتر" كما تتردد على الأفواه، تعطي تلك المواعيد، حيث تصل مدة الحصة الواحدة إلى ثلاث ساعات، يجري خلالها امتحان حول ما سبق تدريسه، يقوم به مساعدون للمدرس الرئيسي لا يقل عددهم عن ثلاثة، وتستخرج له بطاقة للامتحان ويدفع له رسوما لا تقل عن ثلاثين جنيها غير ثمن الحصة. هنا لم يجد ما يقوله للمدير إلا أن يحتج بأن ابنه ليس عنده هذا الصباح دروس في السنتر ففضل أن يحضر إلى المدرسة ليستفيد، فرد عليه محتجا: يستفيد من ماذا؟!.. ليس هناك حصص. الشيء الوحيد أنه سيهرب من المذاكرة في البيت ليلعب هنا مع بعض أصدقائه. المفترض أن طالب الثانوية العامة لا وقت لديه للحضور إلى المدرسة! بهذا المنطق شعر ولي الأمر بأنه "حمار كبير" وأن المدرسة صارت مضيعة للوقت، وكل المطلوب منه أن يسجل ابنه ويدفع المصاريف الباهظة ثم لا يرى أحد وجهه إلا في لجنة الامتحان التي عادة لا تكون في المدرسة نفسها. [email protected]