منذ أيام قليلة أعلن البنك المركزى المصرى أن الدين الخارجى ارتفع ليسجل 79 مليار دولار فى يونيو 2017، مقابل 55.8 مليار دولار فى يونيو 2016 ، حيث ارتفعت قروض المؤسسات الدولية والإقليمية بمقدار 7.7 مليار دولار، والسندات الدولارية وهو التزام مثل الدين الخارجى بقيمة 5.5 مليار دولار، والدين قصير الأجل بمقدار 5.3 مليار دولار. فى هذا السياق نشير إلى أن تقرير صندوق النقد الدولى الذى صدر يوم 26 سبتمبر الماضى لم يتناول تحذيرات تخص حجم المديونية الذى وصل الى ارقام مخيفة وغير مسبوقة . هذا الإعتراف يعنى أن الحكومة المصرية حصلت على قروض خارجية فى عام واحد تصل الى 24 مليار دولار أى 2 مليار دولار فى الشهر الواحد , واذا ما ضربنا هذا الرقم فى سعر الصرف المتداول فى مصر خلال الشهور الماضية وحتى الآن وهو 18 جنيها لوجدنا أن الرقم يصل إلى 36 مليار جنيه فى الشهر الواحد أى حوالى 3 مليارات جنيه كل يوم . وهنا نسأل : لمصلحة من تحصل مصر على كل هذه المليارات ؟ ومن أين سيتم تسديدها ؟ ولماذا نحمل الأجيال الحالية والقادمة فى مصر كل هذه المصائب الممثلة فى اصل تلك القروض وفوائدها التى تتراكم عاماً بعد عام ؟ و ما هى المجالأت والمشروعات التى استخدمت فيها كل هذه المليارات ؟ ولماذا لا تمتلك الحكومة الشجاعة لمصارحة الشعب بأسباب تلك الزيادات الرهيبة فى حجم المديونيات الخارجية الى جانب مديونيات آخرى " متلتلة " حصلت عليها الحكومة من البنوك المصرية وهى أموال المودعين وليست مملوكة للدولة ؟!! ولماذا لا يتم إعلان الخطة الكاملة لكيفية سداد هذه المديونيات الكبيرة ؟ وشرح المبررات التى دفعت الحكومة لإقتراض كل هذه المليارات ؟!! . فى هذا السياق أكد خبراء الإقتصاد أن مصر خلال الفترة الأخيرة توسعت في الحصول على قروض خارجية لتمويل عجز الموازنة وحل أزمة نفص العملة الصعبة، التي أضرت معدلات النمو، لتساهم الديون الخارجية بنسبة كبيرة من الزيادة في احتياطي النقد الأجنبي للبلاد، وبالتالي نجد أن الزيادة الكبيرة التي طرأت على الاحتياطي في يوليو الماضي قد ترجع إلى ضم البنك المركزي استثمارات الأجانب في أدوات الدين- أذون الخزانة- إلى الاحتياطي النقد الأجنبي على غير عادته. من ناحية آخرى كشفت دراسة صدرت هذا الأسبوع بعنوان " شهادة صندوق النقد.. تضارب الأرقام ومزيد من رفع الدعم " والتى أعدتها اسماء الخولى الباحثة المتخصصة فى الشئون الإقتصادية أن صندوق النقد الدولي طالب مصر، برفع أسعار الوقود قبل نهاية السنة المالية الحالية، وحذّر الصندوق من تجميد خطة زيادة أسعار الوقود حتى العام المالي المقبل، خشية تعرضها لمخاطر زيادة تكلفة المواد البترولية بسبب الأسعار العالمية وسعر الصرف، ويرى الصندوق أن التزام الحكومة بالقضاء على دعم المواد البترولية في يونيو 2019، هو أمر مشجع، لكن تأجيل أي زيادة جديدة حتى عام 2018\2019 ينطوي على مخاطر كبيرة تتعلق بارتفاع سعر البترول العالمي وأسعار الصرف. وربما لم يُعلن الصندوق بشكل صريح عن توصيته لرفع أسعار الوقود، لكن توصية خبراء الصندوق القائلة بضرورة وضع سياسة تسعيرية عادلة تتناسب مع أسعار البترول عالمياً مع تحسين كفاءة الإنتاج تعني بصورة أو بأخرى أن الحكومة المصرية ستقوم في وقت قريب من العام المالي الجاري بتحريك أسعار الوقود مُجدداً، وإن كانت بشكل أقل حدة من الزيادات السابقة، وتظل حجة الحكومة الرئيسية في زيادة الأسعار، هي تمويل العجز في الموازنة العامة للدولة الذي اعتمد وسيظل يعتمد على دخل المواطن بصورة رئيسية. ومن ثم زيادة أسعار الوقود برفع كل الدعم عن مواد الطاقة سيخلق مشكلات كبيرة في مستوى المعيشة ومعدل الفقر والتوتر الاجتماعي نتيجة عدم قدرة المواطن على وفاء بتكاليف المعيشة. وأكدت الدراسة أن الشارع المصري، وإن كان قد شهد نوعاً من الهدوء النسبي خلال الفترة القليلة الماضية، سيشهد ضغطا كبيراً خلال العام الجاري في ظل رفع كل الدعم عن مواد الطاقة الذي من شأنه أن يخلق أزمة تتمثل في عدم قدرة المواطن على الوفاء باحتياجاته، وبالتالي قد يشتعل الشارع المصري خاصةً مع التوقعات بزيادة معدلات التضخم إلى نحو نسب تتراوح بين 35-45% فور تطبيق الزيادة في الأسعار، وذلك من شأنه أن يُزيد مُباشرةً من معدلات الفقر. فوفقاً لأحدث بيان عن معدلات الفقر في 2015 قبل تحرير سعر الصرف كان 28%، ومع تطبيق الزيادات الجديدة في أسعار السلع والخدمات سنجد أن أكثر من ثلث الشعب يعيش تحت خط الفقر. وفى النهاية أقول للرئيس عبدالفتاح السيسى والحكومة : صارحوا الشعب بالحقائق ولا تتعاملوا معه على أنه مثل " الأطرش فى الزفة " , وكفاكم قروضاً خارجية وداخلية أثقلت كاهل الغالبية العظمى من الشعب المصرى وهو ما ستكون له نتائج وتداعيات كارثية على أجيالنا القادمة . كما اقول لهما : إن الإصلاح الإقتصادى الحقيقى لا يتحقق بالقروض الخارجية و" الإتاوات " الداخلية , انما بالنهوض بالصناعة والزراعة وزيادة معدلات التصدير وحسن استغلال موارد الدولة المتاحة و والمواجهة الحقيقية لمافيا الفساد والفاسدين .