سوف يكون عنوان عام 2006 هو "الانتخابات التشريعية الفلسطينية والإسرائيلية"، وما يرافقها ذلك من تحولات في النظام السياسي لدى الصهاينة والفلسطينيين، في حين يشهد النصف الأول —على الأقل- من العام 2006 جمودا سياسيا في التسويات والمفاوضات أمام الحراك السياسي الداخلي لدى كل طرف. لقد أحدث قرار اريئيل شارون الانفصال عن حزب الليكود وتشكيل حزب جديد والدعوة إلى انتخابات مبكرة هزة كبيرة في إسرائيل تماماً كالهزة التي أحدثها قرار "حماس" المشاركة في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، إلا أن التنبؤ بالزلازل بقي متروكاً ليوم الخامس والعشرين من شهر كانون الثاني المقبل وهو موعد الانتخابات الفلسطينية ويوم الثامن من آذار الذي بات الموعد المحتمل للانتخابات الإسرائيلية العامة. فالانتخابات الفلسطينية المقبلة إذا جرت، ستحدث تغييراً إجباريا في النظام السياسي الفلسطيني، بحيث لن يكون بعدها سيطرة انفرادية لفصيل ما على السلطة أو المنظمة أو الشارع الفلسطيني. فنحن على وشك الدخول في مرحلة تحل فيها التعددية وليس الثنائية محل الانفرادية. وفي الكيان تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن بزوغ الحزب الثالث الجديد في إسرائيل بقيادة شارون من شأنه أن يقوي حزب العمل الإسرائيلي ويضعضع حزب الليكود الذي يتوقع أن يغادره ما بين 1 41 من أعضاء الكنيست لصالح حزب شارون الجديد، الذي تقول المصادر الإسرائيلية أيضا إنه سيعتمد إلى حد كبير بعد الانتخابات على ائتلاف مع أحزاب يسارية مثل العمل وميرتس وشينوي وياحد، إضافة إلى الاعتماد على أصوات أعضاء الكنيست العرب، وهي الأصوات التي لطالما عاب شارون على حزب العمل الإسرائيلي الاعتماد عليها في أزمات حكومية سابقة. وثمة محاولات عدة تبذل في الأراضي الفلسطينية لتشكيل حزب ثالث، تارة يطلق عليه اسم الديمقراطي وتارة أخرى اسم "كفى"، إلا أن الاختلافات التي برزت خلال الاتصالات الجارية بهذا الشأن بين شخصيات مستقلة وأحزاب باتت تعتبر صغيرة أو هامشية في الشارع الفلسطيني مقارنة مع القطبين "فتح" و"حماس"، تضفي الشكوك على فرص تشكل حزب ثالث قوي. المحلل الإسرائيلي شمعون شيفر يرى أن شارون، بعد تركه لليكود أحدث هزة شعبية سياسية لم تعرف السياسة الإسرائيلية مثلها منذ إقامة الدولة. ويعتقد مسئولون كبار في الليكود أن شارون يوشك على تحطيم الجهاز السياسي القائم ويبني على أنقاضه جهازا يفرض نفسه الناخب الإسرائيلي لسنين كثيرة: "سيقوم اليمين تحت علم أرض إسرائيل الكاملة، أما المركز برئاسة شارون فسيقوم تحت علم المصالحة في حدود تحيط بالكتل الاستيطانية في الضفة الغربية، أما اليسار فسيُترك لمصيره برئاسة عمير بيرتس". ولدى الفلسطينيين، ستشهد الانتخابات المقبلة منافسة حامية خاصة بين حركتي حماس وفتح، مع محاولات ثقيلة لينتزع فيها التيار الثالث نصيبا مؤثرا. كما أن الانتخابات المقبلة مصيرية، لأنها تأتي وسط تغيرات إقليمية ودولية (إضافة للإسرائيلية) تستهدف حل القضية الفلسطينية دون تلبية الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية والعربية. إذا ، سيشكل عام 2006 مرحلة جديدة بين طرفي الصراع في فلسطين، ولا شك أنها ستكشف عن ملامح المواجهة القادمة بعد أن يغيب لاعبين قدامى ويأتي جدد بأدوات وأفكار جديدة المصدر : العصر