من قلوبنا نشكر المستشار أحمد رفعت، الذى أعاد المصريين لميدان التحرير والثورة، مرة أخرى بتلك الأحكام المخففة ضد مبارك وأعوانه، فالأحكام الصادمة أشعلت نيران الغضب فى قلوب المصريين، لكنها أعادت اللحمة الوطنيّة بين الثوار، الذين سارعوا إلى الميدان؛ احتجاجًا على الأحكام وخوفًا من عودة الطغيان والقهر لبلادهم. قطعًا الأحكام لا تتناسب مع جريمة قتل الثوار وإفساد مصر على كل المستويات، ونعتقد أن براءة معاونى وزير الداخلية ونجلى الرئيس المخلوع تعنى براءة النظام السابق وعودة القمع والاستبداد للبلاد، وهو ما يستوجب إعادة محاكمة مبارك وزبانيته والقصاص العادل مِن كل مَن شارك فى قتل الثوار، ومحاكمة كل من سرق ونهب ثورات البلاد، وأفسد الحياة السياسة، فالقصاص من الجناة هو البداية الحقيقية لإقامة مصر الحديثة. وإذا كانت الأحكام المخففة ضد زبانية مبارك قد أعطت قبلة الحياة للثورة المصرية بعد أن هبت الجماهير غضبًا محتشدة فى الميادين والشوارع فإن ذلك قطعًا يستوجب التكاتف والتآزر خلف المرشح الإسلامى محمد مرسى؛ لقطع الطريق أمام أحمد شفيق أحد أركان نظام مبارك السابق، والذى يسعى لإنتاج نظام مبارك وإنقاذه من السجن، لأننا فى جولة الإعادة أمام خيارين لا ثالث لهما، إما الثورة والحرية أو العودة لنظام مبارك والديكتاتورية، فأيهما نختار؟! بالطبع سنختار الثورة والحرية من أجل بناء مصر الحديثة ومحاكمة كل من شارك فى قتل شهداء 25 يناير. الغريب أن هناك قوى سياسية للأسف الشديد طالبت بضمانات مكتوبة من أجل انتخاب محمد مرسى، وسر الاستغراب أن الأقوى وهو الشعب مصدر الثورة هو الضمانة الحقيقية، وخير دليل.. هذه الثورة التى أبهرت العالم. كأن المصريين لا ينظرون إلى أنفسهم وغير واثقين فى قوتهم، مهما بلغ مرسى أو الإخوان فلن يستطيعوا أن يقفوا ضد إرادة الشعب وسوف يتم محاسبة ومعاقبة كل من يخطئ أو يعتدى على هذا الشعب، وخير دليل.. مبارك الذليل الذى بكى أمام العالم كله عند دخوله سجن مزرعة طره وصدق الله العظيم القائل: "فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية". كل رئيس يأتى بعد مبارك سوف يفكر ألف مرة قبل ظلم هذا الشعب، الذى زلزل الأرض تحت أقدام الطغاة حينما غضب. بكى مبارك كالنساء حينما رأى بوابة السجن.. ولم يتذكر أنه سجن وعذب وشرد المصريين أكثر من ثلاثين عامًا.. والله كان معى أطفال دون الخامسة عشرة تم اعتقالهم فى سجن أبو زعبل العتيد ما رأيتهم بكوا مرة خوفًا ولا حزنًا، فالله ثبتهم وحفظهم رغم طفولتهم، وكان السجن تجد فيه كل الأعمار شيوخًا وشبابًا وأطفالاً، وجميع الاتجاهات إسلاميين وسلفيين وإخوانًا وناصريين ويساريين، وكأن مبارك سجن مصر كلها من أجل الحفاظ على سلطانه.. واليوم كل الذين ظلمهم فى الحرية ينعمون، وهو فى السجن يبكى فى ذلّ، يأكل قلبه الحسرة والندم وسوء الخاتمة.. سلم يا رب سلم.