لاشك أننا بعد الثورة انشغلنا كثيراً وتكلمنا أكثر فى الوقت الذى كان الحزب الوطنى يعيد ترتيبه فكنا نختلف وهو يتوحد!! وبالرغم من أن التيار الإسلامى لم يستلم السلطة, إلا أن هناك من الناس من يؤكد على فشل التجربة الإسلامية!! ولكننى راجعتهم فى ذلك أثناء حديثى معهم, وهم يشتكون لى من أن مجلس الشعب لم يحقق الطموحات فأكدت لكل من سألنى أن المسألة ليست كذلك, حيث إن المجلس التشريعى يستغرق وقتاً فى إصدار القوانين, فضلاً عن السلطة التنفيذية ليست فى أيدى الأغلبية الإسلامية, فحتى هذه الساعة تتحمل الحكومة المسئولية ومن ورائها المجلس العسكرى, فهما يمثلان السلطة التنفيذية, ولقد وصل بنا النقاش إلى أن أحداً من النظام السابق لم تصدر ضده أحكام حتى الآن فأكدت لهم أن هذه ليست مسئولية الأغلبية فى المجلس، وإنما هى فى عنق القضاء المصرى الذى يتولى التحقيق, وكذلك بينت لهم أن المجلس أراد سحب الثقة من الحكومة كى يتم تشكيل حكومة ائتلافية جديدة تتصدى لمشكلات الجماهير, ولكن المجلس العسكرى لم يوافق على ذلك لضيق الوقت وأن تغيير الحكومة بات قاب قوسين أو أدنى بعد انتخابات الرئيس القادم. ولقد خضنا المنافسة الانتخابية متفرقين, ولم تفلح الجهود التى بذلها أصحاب الخير فى تجميع الصف, فكانت المفاجأة أن يحصل الفريق أحمد شفيق على أكثر من خمسة ملايين صوت, وهو رقم كبير له دلالة خطيرة يستطيع أن يعرفها المطالع لتفصيلات الصناديق الانتخابية فى المحافظات، فلقد توحدت الكتلة القبطية خلف أحمد شفيق إلى جوار الحزب الوطنى المنحل الذى استعاد نشاطه بشكل سرى فى المحافظات, ليستعمل كافة الأساليب لإنقاذ النظام السابق وإعادة إستنساخه فى صورة أحمد شفيق الذى يعتبر أن حسنى مبارك قدوته ومثله الأعلى!! ولقد أسفرت النتيجة على الإعادة بين مرسى وشفيق, وظننت أن الاختيار بينهما سيكون سهلاً على المواطنين، حيث قلت لأحدهم إن الأمر بديهى, فهل هناك من يختار الجمرة على التمرة؟!! فقال لى بل إنه يختار بين جمرتين أو بين نارين!! فهو يتفق معى أن شفيق يمثل النظام السابق بكل ما فيه من مآس، وفى نفس الوقت يخشى من استئثار الإخوان المسلمين بالسلطة وإقصاء الآخرين والعودة إلى استبداد من نوع جديد, ودليله فى هذا كان حول وعود رجعت عنها جماعة الإخوان كنسبة الترشيح للمجالس النيابية وفكرة تقديم مرشح للرئاسة بعد أن كانت مستبعدة فى بداية الأمر، بل إنهم دفعوا بأكثر من مرشح، وهذه أمور لم يتم توضيحها بشكل كامل أمام الرأى العام فأثر ذلك سلباً على المصداقية بالرغم من أن كل من علم الأسباب الداعية عاد أدراجه إلى سابق الثقة التى كان يمنحها للإخوان. إن حزب الحرية والعدالة مطالب اليوم بتوضيح الصورة الحقيقية أمام الشعب والعمل على طمأنته بشكل موضوعى, وذلك بإعلان وثيقة تتضمن كل ما يمكن قبوله فى إطار الحكومة الائتلافية, والمؤسسة الرئاسية وأولويات الإصلاح للقضايا الملحة التى تخدم الجماهير, كما أنه من المهم الاستماع إلى مقترحات القوى السياسية والوطنية بكافة أطيافها حول مشروع النهضة, ليكون مشروعاً وطنياً يمثل الجميع فيلتفون حوله ويعملون من أجله, وهذا لا يتم إلا بالتوافق عليه كى يتحول من برنامج لمرشح رئاسى إلى رؤية مستقبلية للبلاد توضع على المحك العملى للتنفيذ، كما يلزم عرض النتائج كل عام على مؤتمر شعبى ليتعرف الناس على ما تم من إنجازات, بما يضمن الحفاظ على أهداف الثورة ومكتسباتها ويضيف الجديد إلى قاطرة البناء والتنمية وتطوير الأداء. إنه من الواجب علينا أن نتناسى الأحزان الماضية التى وقعت خلال أشهر الثورة، وننظر دائماً إلى المستقبل المشرق وكلنا أمل فى تحقيق الأهداف فنتعاون على البر والتقوى, ونقدم مصلحة الوطن على المصالح الفئوية والشخصية, ونرفض كل دعاوى الطائفية, ونتسامى فوق كل ما يعوق المسيرة من خلافات. ياشعب مصر الكريم ليس أمامكم خيار سوى أن تختاروا الدكتور محمد مرسى للرئاسة فهو يمثل الثورة وابن الميدان, وضحى من أجل مصر وسيكون رئيساً لكل المصريين لا يفرق بين أحد وآخر, ولكنه مع الضعيف حتى يأخذ الحق له, ومع الفقير حتى تتحقق له الكفاية, ومع المظلوم حتى يرفع عنه الظلم, ثم إننى أوجه ندائى إلى من ينتوى إعطاء الفريق شفيق صوته الانتخابى, وأقول له إنه بذلك يعطى قبلة الحياة لنظام فاسد نعلم تاريخه الحافل بالمآسى الذى أكدته المحاكم والتحقيقات التى تدين النظام بقضايا الفساد وإراقة الدماء ونهب الأموال وتدمير الثروات, فهل يمكن لعاقل أن يعطى بعد ذلك صوته لنظام يخجل الشريف أن ينتسب إليه؟! خاصة أن موعد تشييع جثمانه قد حان وأن مواراة الرفات ستكون حتماً قريبة مع مولد الجمهورية الثانية عند تولية الرئيس المنتخب للبلاد, فعلينا أن نقف صفاً واحداً فى الموقف الصحيح بدعم الدكتور مرسى, ولا يصح بحال من الأحوال الوقوف فى وضع محايد، فالأمر جلل وخطير وليس هناك ما نراه سوى النصرة التى أراها واجبة للمواطن المصرى محمد مرسى إنقاذاً للوطن من الفلول. والله المستعان