خرج الرئيس المخلوع مبارك، عن صمته أخيرًا ليتحدث هذه المرة عن سد النهضة الإثيوبي خلال تسجيل منسوب له، قال فيه «إن إثيوبيا لم تجرؤ على بناء السد طوال فترة وجوده، وبمجرد أن تنحى بدأت في البناء». حديث مبارك أقرب للواقعية، خصوصًا وأن أديس أبابا لم تأخذ خطوة بناء السد بهذه القوة إلا بعد ثورة يناير، مستغلة الضعف الأمني الذي عاشته مصر طوال هذه الفترة، بينما في السابق كان هناك مجرد حديث عن رغبتها في إنشاء سد. مبارك أضاف أيضًا، أنه كان يمتلك طائرة يمكنها تدمير السد في طلعة واحدة، لكن الآن أصبح صعبًا اتخاذ هذه الخطوة لأن معناها الدخول في عداء مع جميع الدول الإفريقية، ذاكرًا أيضًا اسم تلك الطائرة التي تُدعى "التوبوليف". وبالتزامن مع انعقاد قمة دول حوض النيل والمتوقع أن تطرح فيها اتفاقية عنتيبي للنقاش، أضاف مبارك: "عملوا اتفاقية عنتيبي روحت لأقف على الثلاث دول عشان ما يمضوش فتقف فوقفت.. الدول اللي اتفقت معاها ماتمضيش مضت، كلمت روندا وبروندي وغندا التلاتة دول قالوا مش هانمضي". وبالنظر إلى الفترة التي تلت حكم مبارك فإن "بروندي" كانت السبب في تفعيل اتفاقية عنتيبي والعمل بها، لكون الاتفاقية كانت تحتاج إلى موافقة برلمانات 6 دول من دول حوض النيل العشر، وأجمعت 5 منها على الموافقة بينما كانت 5 ترفضها في عهد مبارك. وبعد عزل مبارك، وقعت بروندي على الاتفاقية بعد موافقة البرلمان، فأصبحت اتفاقية عنتيبي "مفعلة"، لوجود 6 دول موقعة عليها، ما يعني أن حديث مبارك عن الاتفاقية واقعي أيضًا. وفي السياق السابق، أكد الدكتور سعد الزنط، الخبير السياسي ومدير مركز الدراسات الاستراتيجي، أنه قبل ثورة يناير لم يسمع أحد بسد النهضة، وكان لمصر موقفًا قويًا من اتفاقية عنتيبي، ما يعني أن نظام الحكم حينها كان قادرًا على مواجهة النفوذ الإثيوبي.
وأكد الزنط ل"المصريون"، هناك مساوئ عديدة لمبارك، لكن الحسنة يجب أن يقال عنها أنها حسنة "ولا تبخسوا الناس أشيائهم"، لافتًا إلى أن قضية سد النهضة تحديدًا تثبت بوضوح دور جهاز المخابرات المصرية حينها بقيادة عمر سليمان على تحجيم إثيوبيا. وأشار الخبير السياسي، إلى أن إثيوبيا دولة فقيرة وكانت تخشى من "طائرات مصر"، لذلك لم تقدم على هذه الخطوة، خصوصًا وأن نظام مبارك كان يعلم جيدًا نقاط الضعف الإثيوبية ويلعب عليها، أما الآن فالوضع مختلف تمامًا. من جانبه، قلل الدكتور أحمد الشناوي، أستاذ السدود والمياه بالأمم المتحدة سابقًا من تصريحات مبارك، على اعتبار أن المخطط الإثيوبي مرسوم منذ الستينيات، وكان ينتظر فقط الدعم، وحين جاء الدعم بدأت إثيوبيا في البناء. وأوضح الشناوي ل"المصريون"، أن إثيوبيا ليست هي التي تبني سد النهضة، وإنما الباني الأساسي للسد هي إسرائيل، وهي المحرك للمشهد، لافتًا إلى أن الخرائط لبناء هذا السد ومكان البناء وكل شيء كان معدًا للحظة البناء.
وأشار إلى أن إثيوبيا كانت ستبني سد النهضة لو استمر مبارك في الحكم أكثر من ذلك، لأن الجفاف بدأ يضربها بشدة، وكانت هناك حاجة ملحة لبناء السد والتخزين، خوفًا من أن تستمر موجة الجفاف أكثر من ذلك.