الأم المكلومة ل «المصريون»: كانت أنتظر زفافه إلى عروسه.. فقتلته الرصاصات الطائشة الأب: خدوا مننا أغلى مالينا.. السند والظهر راح ومفيش حاجه تعوضنا عن دمه.. وصاحب الضحية: سيف مش تاجر مخدرات "كنت مستنية شهادة تخرجه.. أخدت شهادة وفاته، بدل ما أزفه لفرحوا دخلته الترب"، كلمات تحمل أوجاع وآلام أم كانت تترقب اليوم الذي تفرح فيه بابنها، لكنها استقبلته جثة هامدة بعد أن أصابه طلقات نارية أطلقها النقيب محمد فؤاد، معاون مباحث قسم شرطة السلام ثان من سلاحه الميري، خلال مشادة مع أحد تجار المخدرات بالمنطقة. كان الجميع مشغولاً وقتها بمشاهدة مباراة الأهلي والوداد المغربي، في بطولة دوري أبطال أفريقيا، حتى هرعوا على صوت إطلاق عدة أعيرة نارية، ليجدوا "سيف مسعد" الذي كان يتابع المباراة على أحد الكافيهات غارقًا في دمائه، أسرع الجميع نحوه محاولين إنقاذه إلا أنه ما أن وصل إلى مستشفى السلام لفظ آخر أنفاسه. وقال الأب المكلوم: "قالولي إن سيف عمل حادثة ورجله اتكسرت، جريت لقيت ناس كتير أوي وأول مرة أشوفهم، وشوفت ضباط ورتب كثيرة عند مستشفى السلام، بعدها لقيت واحد ربنا يباركله - يقصد إسلام الجوهرى، رئيس نيابة شرق القاهرة - بيقولى البقاء لله يا عم الحاج، روح خليهم يخرجوا العربية اللى فيها جثة ابنك على مشرحة زينهم، وعرفت إن ابنى اتضرب بالنار، أنا مشفتش حاجة كل اللى واقفين وقت الحادثة أقسموا لى بكده، وقالولى إن فى ضابط اسمه محمد فؤاد ضرب سيف ابنى بالنار وموته". في تلك اللحظة لم يتمالك الأب المكلوم نفسه من الحزن والأسى على نجله ودخل فى نوبة بكاء وهو يقول: "لما عرفت إن فى ضابط قتل ابنى طلبت من رئيس النيابة إنى أحضر التحقيق مع الضابط، قالى حاضر يا عم الحاج مع إنه ممنوع لأن الضابط دلوقتى خصمك لكن هخليك تحضر التحقيق، أنا برده عندى ابنى اسمه عبدالرحمن، وبتمنى من ربنا يخليه ويحفظه". وتابع: "سيف ده ابنى الوحيد عارفين يعنى إيه يتخطف منكم ابنكم الوحيد سيف ربنا رزقنى به بعد 30 سنة جواز، وربيته 18 سنة وفى الآخر مشفتش غير دمه هو اللى فضل وسيف راح". وتقطع الأم حديث زوجها، وهى تتحدث بصعوبة بالغة: "قالى هروح اشترى هدوم العيد يا ماما وبعدين هتفرج على ماتش الأهلي مع صحابي راح واشترى فعلاً هدوم جديدة وهو اللى مشى وقرر أنى أزفه ل"الترب" مش لفرحه"، إذ كان من المقرر الاحتفال بحفل خطبته رابع أيام عيد الفطر المقبل، بعد ظهور نتيجته في الصف الثالث الثانوي الصناعي". وصمتت الأم لفترة قصيرة وتذكرت كلمات سيف، ثم تعاود حديثها باكية: "يرضى مين ده يا ناس اتحرم من ابنى ضنايا، اللى بتمناه أنا وأبوه من ربنا والدنيا كلها.. يرضى مين ياخدوا منى ابنى وفى الآخر يحبسوا الضابط 15 يومًا.. يخدوا منى 18سنة تربية وتعب وشقى مقابل 15 يومًا حبسًا بس للدرجة دي الموطن الفقير دمه رخيص"، مطالبة بسرعة الانتهاء من التحقيقات وإحالة الضابط المتهم إلى محكمة الجنايات. وقال والد الضحية في حديثه إلى أن نجله متفوق دراسيًا وكان سيدخل الثانوية العامة، إلا أنه فضل الالتحاق بالثانوي الصناعي لرغبته في دراسة علم صناعة السيارات، وبالفعل حصل على شهادات تقدير من مدرسته وكذا حصل على دورات بشركة mcv ، التابعة لشركة مرسيدس، وعرض عليه فرصة عمل في إحدى الدول الأجنبية بعد نبوغه في مجال الميكانيكا وفن صناعة السيارات، إلا أنه رفض السفر وفضل أن يبدأ حياته العملية في بلاده عقب تخرجه. وأضاف الأب والدموع تملأ عينيه: "لو قالولي فى يوم إن ابنك شفناه بيشرب سيجارة مثلاً، كانت نارى هتبقى أهدى من كده عارفين يعنى إيه شاب لا بيشرب سجاير ولا يعرف أصدقاء سوء، ولا بيعرف يعنى إيه وقفة النواصي، يتخطف منك فى لمح البصر.. كل ده ليه عشان ضابط مش عارف يقبض على متهم ويسيطر عليه فى دايرته". وذكر أن "سيف" كان يشاهد مباراة الأهلي والوداد وخلال ذلك اشتبك الضابط محمد فؤاد مع أحد الشباب ويدعى محمود أحمد، وشهرته "مقروصة" وفق شهود عيان، وطلب من أمناء الشرطة اقتياده لسيارة الشرطة، وتجمعت أسرته ورفضت استقلاله سيارة الشرطة دون وجه حق، مضيفًا: "تجمعت أسرة الشاب وأخرج الضابط سلاحه وخرجت منه 4 رصاصات إحداها في الهواء والثانية في صدر سيف ابنى، والثالثة فى جبهة نادر صديقه، وهو مصاب حاليًا وأجرى عملية جراحية، وحالته حرجة غير مستقرة. وتابع في حزن: ذنبنا إيه إن ضابط مش عارف يسيطر على موقف قدامه، يطلع سلاحه ويموت بيه ابني ليه؟"، واستطرد: "مش هقدر أقول غير حسبى الله ونعم الوكيل بعد ما سيف مات سمعت أخبار إنه تاجر مخدرات.. أصحابه قدامك أهم اسأليهم سيف كان بيشرب حتى السيجارة؟". ليتدخل هنا محمد، صديق سيف ويعلق: "ربنا ينتقم من كل واحد كتب إن سيف تاجر مخدرات ومات في مطاردة مع الشرطة ربنا ينتقم من كل واحد لا يراعي ضميره فى شغله"، متابعًا: "هو فى تاجر مخدرات بيلعب رياضة؟.. فى تاجر مخدرات بياخد شهادات تقدير من نادى طلائع الجيش بالنهضة التابع لوزارة الدفاع؟، هو فى تاجر مخدرات بياخد شهادات تفوق فى دراسته؟". تتدخل الأم من جديد، وتقول: "قالى من كام يوم أنا عايز أخطب، وقولى لبابا، قلتله حاضر، لما تطلع نتيجة الدبلوم بتاعتك الأول، وبالفعل راح اشترى هدوم جديدة للعيد.. سابلنا هدومه وهو اللى مات، يلا هناخدها معانا وإحنا رايحين نزوره فى التُرب لازم أخدهاله معايا ريحته لسه فيها". وتابعت: "يرضى مين يا ناس، تستلم هدوم ابني غرقانة دم.. إحنا ناس تعبنا فى تربية ابننا وبنجرى عليهم بالعرق والتعب، والحمد لله مستورة"، وتتساقط دموعها ثم تصمت وتعاود الحديث: "إحنا كبرنا فى السن ومش هنعرف نجيب زى سيف تانى خدوا مننا كل حاجة فى حياتنا ربنا ينتقم من كل ظالم ربنا على كل مفترى". يحاول الأب إظهار تماسكه ويتابع من جديد: "خدوا منى السند والصاحب مليش غيره جبته بعد 30 سنة، بالذمة مين يحس باللي أنا فيه، ده شقى عمرنا وخدوه مننا". وتصرخ هبة ابنة عمه قائله: "لو أجنبي زى ريجينى كانوا قلبوا الدنيا ولو كان ابن واحد من البهوات كانت الدنيا قامت، لكن الظاهر إن دم ولادنا رخيص"، متسائلة: "الدم اللى راح ده مين يجيب حقه؟! نفسي أشوف اللى قتل ابن عمي عند عشماوى". وتحدث محمد رشدى، محامي الضحية ونجل عمه ل"المصريون" قائلاً إنه يشكر النيابة العامة على ما بذلته من جهد خلال التحقيقات حتى اتخذت قرارها بحبس الضابط، مؤكدًا أنه يثق في العدالة المصرية التى ستعيد حق سيف بالقانون، متابعًا: "هذا كل ما نرجوه، إحنا مش فى غابة القوى ياكل الضعيف، اللى غلط لازم يتحاسب وبالقانون ليس أكثر"، مشيراً إلى أنه رفض كل أشكال التظاهر للمطالبة بدم سيف، مثلما دار أمام قسم السلام قبل يومين ماضيين، حتى لا يترجم الموضوع سياسيًا وتتداخل الأطراف، ويضيع دم نجل عمي القتيل. وقال حازم إمام الصديق المقرب ل "سيف" منذ الطفولة إن ضابط المباحث أطلق 4أعيرة نارية من سلاحه الميري منهم طلقة أنهت حياة أخويا وصاحب عمري وهو موجود داخل الكافيه لمشاهدة مباراة الأهلي والوداد المغربي، ويتابع: "مش قادر أصدق إني مش هشوفه تاني ولا هنقعد مع بعض حسبنا الله ونعم الوكيل في اللي قتل سيف، مطالبًا برجوع حق الضحية وتطبيق حكم الإعدام على القاتل. وأضاف: "ناس كتير كاتبة إن سيف تاجر مخدرات أزاي يقولوا كده وهما مايعرفوش أصلا، ده كان محترم وابن ناس جدًا حتي السيجارة عمره ماشربها منهم لله وربنا ينتقم من أي حد يقول كلمه وحشة عليه". وقال صديق آخر للضحية يدعى "محمد" والذي حاول إنقاذه وإسعافه عقب إصابته وقام بحمله على الدراجة البخارية الخاص به: "الضابط ضرب نار طلقه جت في عين نادر وسيف راح يلحقه خد الرصاصة التانية في صدره أخدته على الموتوسيكل وهو بيقولي أنا "خلاص هموت يا محمد قالتله قول أشهد ألا إله إلا الله يا سيف أتشاهد ومات". لفظ سيف أنفاسه الأخيرة، بطلقة ميرى، أصابته فى منطقة الصدر، على يد الضابط المحبوس حاليًا على ذمة التحقيقات، النقيب محمد فؤاد، معاون مباحث قسم شرطة السلام ثان، أثناء مشاهدته لمباراة الأهلى والوداد المغربى، على أحد الكافيهات بمنطقة النهضة بالسلام، ومن المنتظر أن تتسلم النيابة تقرير الأدلة الجنائية الخاص بكاميرا مراقبة سجلت الأحداث. وتجدر الإشارة إلى أن الضابط المتهم صادر بحقه قرار بوقفه عن العمل، لحين انتهاء تحقيقات النيابة العامة، التى تجرى بإشراف المكتب الفنى للنائب العام، نظرًا لحالة الغضب التى زامنت مقتل سيف، بمنطقة السلام وخروج العشرات من الجيران والأصدقاء أمام قسم السلام للمطالبة بحق المجنى عليه. ودشن عدد من أصدقاء سيف صفحات على موقع التواصل الاجتماعى، أسموها ب"هنجيب حقك يا سيف".. للمطالبة بالقصاص من الضابط المتهم بقتله، وطبع آخرون من جيرانه وأصحابه صورًا ل"سيف" على التيشرتات.