مع تفاقم الوضع الاقتصادي ونقص الموارد الدولارية للدولة، لجأت الحكومة إلى إجراءات تقشفية ألقت بآثار سلبية على المواطنين، تضمنت رفع دعم الوقود والسلع التموينية وتكاليف الخدمات الحكومية من مياه ومستندات ورقية ومواصلات عامة وسلع استراتيجية، إلا أنها لم تتعرض لأموال أكثر من 83 ألف مسئول يعملون في وظائف استشارية في الوزارات والهيئات المختلفة بخلاف وظائفهم الأساسية بقيمة بلغت 24 مليار جنيه سنويًا تعتبر نحو 85% من قيمة رواتبهم الأساسية في أماكن عملهم الأصلية. تقدم النائب على عبد الواحد، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، بسؤال إلى رئيس الوزراء، عن إجراء الحصر لجميع المستشارين بجميع الهيئات والوزارات التابعة للجهاز الإداري للدولة، وتقليص عددهم، خاصة أنه في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها مصر، والعجز الكبير في الموازنة العامة، وبقاء هؤلاء المستشارين بنفس الامتيازات الاقتصادية، حيث يصل عددهم إلى نحو 83 ألف مستشار يتقاضون شهريًا مبلغ ملياري جنيه، ما يعادل 24 مليار جنيه سنويًا على شكل رواتب ومنح وحوافز. وأضاف عبد الواحد، أن الكثير من هؤلاء المستشارين والخبراء أصبحوا عبئًا على الدولة، ولم يقدموا أي جديد، وأن الأموال التي يتقاضاها هؤلاء المستشارون تُعد أموالاً مهدرة يمكن استغلالها في إقامة مشروعات وتوفير فرص عمل للشباب، وأنه لا بد من تطبيق قانون الخدمة المدنية حتى تتم الاستفادة من الشباب وتعيينهم في تلك المناصب، والقيام بمهام هؤلاء المستشارين. وأشار عضو مجلس النواب، إلى أنه في ظل هذا الوضع غير الطبيعي وغير المنطقي فإننا نشجع الفساد ولا نحاربه، حيث نجد مستشارين للوزراء رواتبهم تفوق رواتب الوزراء أنفسهم، في ظل اختلال هيكل الأجور، والدولة منذ سنوات وهى تتحدث عن هؤلاء المستشارين وعدم الحاجة لمعظمهم، مضيفا أن كل رئيس وزراء كان يتحدث عن ضرورة تقليص عددهم ولا يحدث، مما يعنى أن هؤلاء المستشارين أقوى من الحكومة، وأنهم أصبحوا مراكز قوى. من جهته، قال شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، إن ارتفاع عدد المستشارين في الوزارات والهيئات إلى نحو 83 ألف مستشار، هو عدد كبير للغاية ويمثل عبئًا كبيرًا على موازنة الدولة، وهو ما يعني أن الواحد منهم يتقاضى نحو290 ألف جنيه سنويًا بخلاف راتبه الأساسي، الذي قد يفوق هذا الرقم، في حين أن عددًا كبيرًا من المواطنين لا يتعدى إجمالي رواتبهم السنوية 50 ألف جنيه. وأوضح الدمرداش ل"المصريون"، أنه في حالة صحة عدد المستشارين، فإن الدولة تعاني من كارثة حقيقية، خاصة مع تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية في جميع مؤسسات الدولة، مما يعني أن هؤلاء المستشارين لم يقدموا أي جديد للدولة أو للجهات المنتدبين فيها. وأشار إلى أن من المفترض أن المستشار لا يعمل في الحكومة ويتم اللجؤ إليه في أضيق الحدود من أجل الاستفادة بخبراته، لكن هذا الأمر غير موجود في مصر، حيث تسيطر المحسوبية و"الواسطة" على عملية اختيار المستشارين. وحذر من أن الإبقاء على هذا العدد من المستشارين، في ظل الأزمات الاقتصادية التي يعاني منها جميع المصريين، يعد إهدارًا للمال العام. من جهتها، رأت منى جاب الله، عضو لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب، أنه من غير المقبول أن يتم منح أموال طائلة للمستشارين في حين أن المواطنين يعانون من ارتفاع الأسعار وغياب الرقابة الحكومية على الأسواق وانخفاض مستوى الدخل واتخاذ إجراءات اقتصادية قاسية. وأكدت "جاب الله" ل"المصريون"، أنه لا يجوز الجمع بين راتبين من الحكومة، لا سيما في الوقت الراهن، وعلى الحكومة أن توقف الانتدابات الداخلية، والعمل على زيادة الموارد عبر اتخاذ إجراءات فعلية من خلال تقنين أوضاع المساحات الشاسعة من الأراضي بالتمليك للمواطنين، والاستفادة من الأراضي غير المستغلة على مستوى الجمهورية.