باتت مؤسسة التصنيف الدولية "ستاندرد آند بورز"، المسئولة عن تقييم البيئة الاستثمارية في الدول، قاب قوسين أو أدنى من تخفيض التصنيف الائتماني لمصر، على الرغم من قيامها بتثبيته عند معدلاته السابقة المستقرة عند B - وB . وقالت "ستاندرد آند بورز" إنها يمكن أن ترفع التصنيف الائتماني لمصر إذا تخطى نمو الناتج المحلي الإجمالي لتوقعاتها، وإذا حسنت مصر من وضعها المالي والخارجي بشكل كبير، إلا أنها حذرت في الوقت ذاته من أنها قد تخفض تصنيف مصر الائتماني في حالة ارتفاع المخاطر السياسية وانخفاض التمويل من دول الخليج، وضعف البيئة المؤسسية. وأوضحت في تقريرها الأخير أن التقييمات الائتمانية لمصر، لاتزال مقيدة بالعجز المالي الواسع، إلى جانب ارتفاع الدين العام، وانخفاض مستويات الدخل، وهشاشة البنية المؤسسية والاجتماعية. وتتوقع مؤسسة التقييمات الائتمانية أن تمثل العقبات الاقتصادية الكلية مثل ارتفاع مستويات البطالة والفقر تحديًا أمام تنفيذ التدابير الإصلاحية. وخفضت "ستاندرد آند بورز" من تقديراتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمصر إلى 3.8%، من 4.3% في عام 2016/2015، وقالت إن ذلك يعكس الموقف النقدي والمالي الصارم للسلطات المصرية وانخفاض مستوى الطلب المحلي. وأوضحت الوكالة أنه من المتوقع أن يحافظ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي على متوسط نمو أقل من 4% حتى عام 2020، مضيفة أن النمو الاقتصادي خلال السنوات الثلاث المقبلة ستكون مدفوعة بعدد من العوامل من بينها التحسن في الأوضاع الأمنية، وزيادة تدفقات رؤوس المال، وتحسن التنافسية الخارجية على خلفية تحرير سعر صرف الجنيه، وكذلك تحسن في إمدادات الغاز الطبيعي بفضل المشروعات التي أعلن عنها مؤخرًا. وتوقعت "ستاندرد آند بورز" أن يتراجع مستوى الدين الحكومي العام من 92% في 2016 إلى 82% بحلول عام 2020، وينخفض عجز الميزان الجاري بشكل تدريجي ليصل إلى 3.2% من الناتج الإجمالي المحلي بحلول عام 2020. عز الدين حسانين، الخبير الاقتصادي والمصرفي، قال ل "المصريون"، إن "التصنيف الائتماني للدولة يتم تحديده وفق العديد من العوامل منها الاعتبار السياسي، وأهمها حجم الدين الداخلي وعجز الموازنة العامة للدولة ومقدار الاحتياطي الأجنبي، والبيئة المؤسسية للأعمال وحرية انتقال الأموال ومعدلات التضخم والبطالة وعجز الميزان التجاري وحجم الصادرات والاستثمارات الأجنبية والسياحة وتحويلات المصريين في الخارج". وأضاف ل"المصريون"، أن "هذه المؤشرة متراجعة في مصر؛ حيث ارتفعت معدلات الدين الخارجي مع استمرار عجز الموازنة وانخفاض معدلات الأنشطة الاقتصادية مع تآكل الاحتياطي الأجنبي والذي أصبح مكونًا من قروض رفعت معدلات فائدتها حجم الدين الخارجي، وتسببت في تآكل أكثر من 30% من إيرادات الدولة". وأوضح أن "ثبات تصنيف مصر الائتماني عند B وb - هو أمر يدعو إلى الاستقرار في الوقت الحالي، لكن مع عدم تحقيق معدلات نمو تراجعت المؤشرات الاقتصادية قد يؤدي إلى تخفيض تصنيف التصنيف الائتماني، وربما يؤثر هذا على طرح سندات جديدة في الأسواق العالمية أو ارتفاع معدل الفائدة. من جهته، قال أحمد مبروك، خبير أسواق المال، إن سعي الحكومة المصرية لتدبير موارد دولارية عبر طرح سندات دولية يحتاج إلى استقرار في ثقة المؤسسات الدولية، وفي حالة حدوث أي مخاطر متمثلة في تخفيض معدلات التصنيف الائتمانية من أي من المؤسسات المتخصصة، قد يؤدي إلى عزوف المستثمرين عن شراء السندات أو المطالبة بزيادة نسبة الفائدة والتي ارتفعت مؤخرًا بشكل كبير. وأضاف ل"المصريون"، أن "معدلات النمو في مصر متباطئة وربما تنخفض في حالة عدم القدرة على زيادة الموارد مقارنة بالإنفاق العام للدولة، مشيرًا إلى أن مؤسسات التمويل الدولية قد تتراجع عن تمويل الحكومة المصرية أو الشركات العاملة في مصر نتيجة لهذه المؤشرات السلبية والتي من بينها عدم الاستقرار السياسي, على الرغم من حدوث تحسن كبير فيه خلال الفترة الماضية".