أنا الذى كنت يومًا مخدوعًا بحكم العسكر، أقول الآن يسقط حكم العسكر. يوم الخديعة لم يطل، إنه كان بعض يوم، سرعان ما زالت الغشاوة، وظهر العسكر أمامى على حقيقتهم حتى لو خالفنى ملايين المصريين الذين ما زالوا مخدوعين ويهتفون للعسكر. كنت حسن النية فى العسكر بأنهم يحمون البلد، فإذ بهم يحمون أولاً أنفسهم ومصالحهم ودولتهم التى تأسست على حكم العسكر واستنزاف الثورة وليذهب البلد إلى أيدى البلطجية واللصوص والمجرمين، فلا مغيث من الانفلات المختلق حتى يرتجف المصريون ويموتون من الخوف والفزع فلا يجدون غير سلطة العسكر فيخضعون لها ويتمنونها ولتذهب الثورة ومن صنعوها وبذلوا دماءهم فى سبيلها إلى الجحيم. تحيا الثورة، ويسقط المتآمرون على الثورة. هل كان أحد يعتقد أن العسكر يمكن أن يفرطوا بسهولة فى دولة يحكمونها لرئيس مدنى حتى لو كان مغرقًا فى العلمانية؟، دولة عمرها 60 عامًا كلها أسرار وخفايا وملفات ومصالح وأموال وامتيازات وكلها سلطة ونفوذ وسلطان، لذلك ما يجرى منذ 11 فبراير يصل بنا اليوم إلى حالة الانقسام، بل التشتت والتشرذم الثورى، وإلى حالة الإحباط واليأس الشعبى لتكون النتيجة أن يتعلق المحبطون بقشة الجنرال أحمد شفيق أو المتلوّن عمرو موسى، فمع كل واحد منهما قارب النجاة الزائف المزيف. هكذا حصل لنا مع العسكر، حتى صار البعض منا، بل ومن الثوار اليائسين يفكر فى شفيق أو موسى بدلاً من مناضلين أمثال أبو الفتوح والبسطويسى وصباحى ومرسى والعوا وخالد على. إليكم هذا الاسم الذى استفزنى وجعلنى أكتب ما أكتبه الآن: مصطفى محمد طلعت، طالب بكلية آداب جامعة عين شمس. وإليكم هذا الرابط: http://www.almesryoon.com/permalink/8207.html من يريد أن يعرف قصة مصطفى عليه أن يفتح الرابط ويقرأ فهى قصته فى سلخانة العسكر، وهى قصة الألوف من الشباب الذين اعتقلوا فى العباسية وقبل العباسية مما كنا نسمع ولا نصدق، أو نسخف، أو نقول إنهم يدّعون على العسكر الملائكيين. الرابط يتضمن حوارًا مع مصطفى ومنشور بجريدة "المصريون" وهى لم تكن ضد العسكر بل كثيرًا ما دعمتهم بحسن النية أيضًا. الطريق إلى جهنم العسكر مفروشة بالنيات الحسنة. لو كانت المساحة تسمح لأعدت نشر الحوار الذى تصرخ كلماته بالألم والدم، هذا الشاب اعتقل الجمعة 4 مايو وكان بينه وبين مبنى وزارة الدفاع 3 كيلومترات، حيث كان فى طريقه لصلاة الجمعة بمسجد النور ثم الانضمام للاعتصام السلمى لكنه وقع فى أيدى من لا يرحم، البلطجية أو الشبيحة طبعة مصر الذين سلموه إلى الشرطة العسكرية التى أذاقته صنوف التعذيب والإهانة وانتهاك حقوق الإنسان كما قال فى حواره الباكى. من الصعب أن أقرأ هذه التفاصيل المأساوية لتعذيب مصرى على أيدى الشرطة العسكرية المصرية التى يبدو أنها حصلت على دورات تدريبية فى القمع من مباحث أمن الدولة والقوات الخاصة بشرطة حبيب العادلى. قبل أيام كنت أشاهد فيلم البرىء وكان الجندى أحمد سبع الليل يضرب ويُعذب ويقتُل المعتقلين أعداء الوطن، رؤساؤه الضباط أفهموه أن هؤلاء الكتاب والمفكرين والمثقفين والأطباء والمهندسين والطلاب صفوة الوطن وعقله هم أعداء الوطن، ولما قرأت طرق التعذيب والغل فى الضرب والإهانة والشتم للمعتقلين فى العباسية وما سبقها فإن يقينى أن الجنود كانوا كلهم سبع الليل، يرون أيضًا أن الشباب الأسرى لديهم أعداء الوطن وقد وجب افتراسهم. هل هى عقيدة أمنية لن تتغير حتى لو قامت عشرات الثورات ضد الطغاة والطغيان وحكم العسكر؟ هل يظل أنبل ما فى الوطن هم أعداء الوطن حتى بعد الثورة؟! إذا كنا قلنا "لا" لمبارك وهو فى عنفوانه حتى سقط، فسنقولها أيضًا لمن لا يزال يسير على درب مبارك، ولايتعظ. [email protected]