طغت أخبار تعداد القتلى من الجنود الأمريكيين في العراق وبلوغهم أكثر من 2000 قتيلا حتى الآن حسب الرواية الأمريكية على معظم وسائل الإعلام الأمريكية في الأسبوع الماضي وفي مقدمتها "نييورك تايمز" و"فوكسنيوز"، وغيرها من وسائل الإعلام ذات المتابعة والمصداقية من قبل الشارع الأمريكي. ولا يبدو الرقم من ناحيتنا كبيرا ومهما -رغم الجزم بعدم مصداقيته- بقدر ما يبدو مهما ومخيفا ويبعث على التشاؤم بالنسبة للأمريكيين الذين يرون اليوم أن عدد القتلى بين الجنود الأمريكيين بدأ في التزايد قبل سنة ونصف من الآن، مما يعني بالضرورة أن كل التطورات السياسية والخطط العسكرية التي تبعت ذلك أخفقت في التقليل من الوتيرة المتزايدة لقوة ونوعية العمليات العسكرية للمقاومة العراقية. وتشير الصحف الأمريكية في هذا الصدد إلى أن سبب موت أغلب الجنود الأمريكيين هو الألغام والعبوات الناسفة، وهي المعضلة التي اعترف كبار جنرالات وضباط جيش الاحتلال الأمريكي قبل أيام بالعجز عن مواجهتاها، مشيرين أيضا إلى تطور وتعقيد هذه العبوات ومدى دقتها وحرفيتها. الصحف ذاتها تشير إلى أن متوسط عدد القتلى بين الجنود الأمريكيين في العراق هو 17 جنديا في الأسبوع، وهو رقم يعني الكثير من التبعات، أما عدد الجرحى أسبوعيا، فهو رقم مضاعف عن رقم القتلى. هذه الأرقام التي تتزايد يوميا تؤثر في الشارع والناخب الأمريكي، إذ أظهر آخر استطلاع للرأي في أمريكا أن مزاج الأمريكيين باتجاه رئيسهم جورج بوش غير جيد، فقال 57% منهم إن الحرب على العراق تدار بطريقة سيئة، كما قال 55% منهم إنهم سيختارون أي مرشح ديمقراطي لو تنافس في انتخابات رئاسية اليوم مع بوش الذي تحيط به فضائح البيت الأبيض المتلاحقة. وقد سجل شهر تشرين الأول 25 ارتفاعاً كبيراً في أعداد القتلى الأمريكيين في العراق، حيث تشير سجلات وزارة الدفاع الأمريكية إلى أن أعداد القتلى الأمريكيين خلال الشهر الفائت وصلت إلى أكثر من مائة جندي، أغلبهم قتل في حرب العبوات الناسفة النوعية التي باتت على ما يبدو الخيار المفضل لدى المقاومة في العراق. اليوم بات ذكر خسائر الجيش الأمريكي وإعلانها بشكل يومي أمرا روتينيا لأغلب وسائل الإعلام وسط أسئلة الأمريكيين الحائرة حول حرب العراق بعد أن أصبحت آلام الأم المكلومة بولدها سيندي شيهان "رمزا" يهز مشاعر الأمريكيين، ويعبر عن إحباطهم ورغبتهم في البحث عن مغزى هذه الحرب. أما عن التكلفة المالية للجيش الأمريكي في العراق فحدث ولا حرج، إذ تبلغ تكلفة الجندي الواحد 35 ألف دولار شهريا بالإضافة إلى أرقام أخرى مذهلة من قبيل: • كلفة إرسال الجنود إلى المنطقة 2.5 مليار دولار. • كلفة الوجبة الغذائية للجندي الواحد أكثر من ستة دولارات. • كلفة إلقاء القنابل ما بين عشرة آلاف إلى 15 ألف دولار في الساعة. • كلفة حاملة الطائرات الواحدة ثلاثة ملايين دولار يوميًّا. وتمثل هذه الأرقام تكلفة العمليات الحربية وتكلفة عمليات إعادة بناء العراق. وتشمل الأموال المخصصة فقط تكلفة العمليات العسكرية المتعلقة بالحرب في العراق. أما الأموال التقليدية كمرتبات الجنود، وتكلفة الرعاية الصحية فلا تدخل في هذه الحسبة. وفي أرقام أكثر وضوحا يوثق معهد بروكينجز Brookings Institution للأبحاث بواشنطن في دراسة مستمرة عدد قتلى الأمريكان في العراق، ويقوم بتحديث هذا التوثيق يوميا بتفصيلات كثيرة، الأمر الأكثر إثارة هو تحمل الأسر الأمريكية لتبعات هذه التكلفة، وبواقع 5000 دولار لكل منها مما سيسبب متاعب اقتصادية لها. أما آثار الحرب الأكثر تكلفة على الإطلاق، فهي تلك التي تستمر طويلا بعد الحرب والتي تسبب جروحًا وأمراضًا مزمنة وتخلف جيشا من الجرحى والمعوقين. وبالتزامن مع إعلان حجم الخسائر الأمريكية في العراق، جاء كتاب "اقتل اقتل اقتل" ليوثق شهادة جندي أمريكي عن الحرب على العراق وغسيل المارينز القذر فيها. وفي الكتاب يعرض "جيمي ميسي" الجندي السابق في العراق الأوامر التي يتلقاها الجنود الأمريكيون بالقتل.. فقط. فكرة ميسي المركزية هي أن الجيش الأمريكي أسهم بصورة مباشرة في حالة الفوضى السائدة اليوم في العراق من خلال قتل الأبرياء من دون تمييز، وهو يدعي بصورة مباشرة أن الأمريكيين يقومون بعملية "إبادة" للشعب العراقي وليس تحريرا من خلال عرضه لوقائع قتل ونهب جثث العراقيين المدنيين المصدر : العصر