أثارت التوقعات فى الشارع السياسى، بشأن قيام المجلس العسكرى الحاكم لمصر بعد تنحى الرئيس المخلوع حسنى مبارك بإصدار إعلان دستورى جديد يحدد فيه صلاحيات الرئيس القادم ومهامه، حالة من الجدل السياسى داخل الشارع المصرى، بين مؤيد لهذا الإعلان الدستورى الجديد ومعارض له. فالمؤيد لذلك يرى أن هذا الإعلان الدستورى الجديد سينقذ مصر من الأزمة التى تمر بها حاليًا خصوصًا بعد الطعن على اللجنة التأسيسية التى شكلها البرلمان بأغلبية إسلامية ولا يزال حتى الآن لا توجد معايير واضحة حول الآلية التى ستتم بها تشكيل اللجنة التأسيسية للدستور، بالإضافة إلى أنه من الممكن انتخاب رئيس قادم لمصر دون وضع الدستور وعدم تحديد سلطات للرئيس القادم مما قد يحوله لديكتاتور مثل الرئيس المخلوع حسنى مبارك. أما المعارض لصدور إعلان دستورى جديد فيرى أن مصر فى مفترق طرق الآن وبها العديد من الأزمات مثل أزمة الحكومة مع البرلمان وأحداث العباسية وأزمة البرلمان مع اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية فكل هذه الأزمات تجعل مصر غير مستعدة للدخول فى حالة من الجدل السياسى مرة أخرى مثل ما حدث سابقًا وما أثير حول الدستور أولا أم الرئيس أولاً والاعتراض على المادة 28 من الإعلان الدستورى والتى تنص على عدم جواز الطعن على أحكام وقرارات اللجنة العليا للانتخابات والمادة 60 والخاصة بجدلية معايير اللجنة التأسيسية للدستور. "المصريون" استطلعت آراء مرشحين للرئاسة وخبراء سياسيين وقانونيين للوقوف حول أهمية وقانونية صدور إعلان دستورى جديد من المجلس العسكرى لتحديد صلاحيات الرئيس القادم ولتنظيم باقى الفترة الانتقالية التى يديرها المجلس العسكرى الحاكم لمصر منذ تنحى الرئيس المخلوع مبارك فى فبراير2011. الحريرى: ننتظر الإعلان الدستورى فى البداية أكد النائب أبو العز الحريرى، عضو مجلس الشعب، مرشح رئاسة الجمهورية أننا ننتظر الإعلان الدستورى المزمع الإعلان عنه قريبًا. والذى يحدد صلاحيات الرئيس خلال الفترة المقبلة وهو من حق المجلس العسكرى خصوصا مع الخلافات الدائرة حول اللجنة التأسيسية للدستور وقرب انتخابات رئاسة الجمهورية ولا يوجد حتى الآن دستور بعد الثورة. الأشعل: لابد من الاستفتاء على الإعلان الدستورى الجديد فى سياق آخر أكد الدكتور عبد الله الأشعل، مرشح رئاسة الجمهورية، مساعد وزير الخارجية سابقا أنه فى حالة صدور إعلان دستورى جديد من المجلس العسكرى يحدد صلاحيات رئيس الجمهورية القادم واختصاصاته فلا بد أن يكون هناك استفتاء على ذلك، وطرح هذا الإعلان للتصويت عليه من قبل المواطنين كما حدث بعد الثورة . وأشار الأشعل إلى أن طرح إعلان دستورى جديد فى الوقت الحالى سيقود البلاد إلى دوامات كثيرة وجدال كبير مثلما حدث قبل ذلك فى مسألة أيهما يأتى أولا الرئيس أم الدستور فلا نفهم بالضبط ما الذى يريده المجلس العسكرى، لجنة تأسيسية للدستور ثم الطعن عليها ثم انتخابات رئاسية ثم صدور إعلان دستورى ثم الحكومة باقية ثم الحكومة ستقال ثم المجلس مهدد بالحل ثم تأجيل الحكم بالحل . وأضاف الأشعل، أنه لو قام المجلس العسكرى بإعلان دستورى جديد سيحدث ارتباكا كبيرًا بين مرشحى الرئاسة لأن الإعلان الدستورى الجديد سيحدد بالطبع شكل ونظام الحكم فى مصر وهل هو النظام البرلمانى الذى يعطى للبرلمان السلطة فى مصر ويعطى له حق تعيين وإقالة الحكومة ويصبح منصب الرئيس منصبا شرفيا؟ . وذلك على غرار النظام البريطانى حيث الملك يملك ولا يحكم والسلطة فى يد البرلمان . و هذا النظام هو الذى تسعى إليه القوى الإسلامية ذات الأغلبية البرلمانية والذى سيركز السلطة فى يدها وهنا سيحدث ارتباكا فقد هدد أحد المرشحين للرئاسة المصرية من التيار الليبرالى بأنه سينسحب من السباق الرئاسى حال كون نظام الحكم فى مصر برلمانيا ويصبح الرئيس شرفيًا. أو على السياق الأخر يحدد الإعلان الدستورى الجديد أن نظام الحكم فى مصر نظام رئاسى مما يقوى من سلطة الرئيس فى مواجهة البرلمان وهذا يزعج الأغلبية الإسلامية . مشيرًا إلى أن صدور الإعلان الدستورى الجديد لن يعطل الانتخابات الرئاسية ولكنه سيطرح حالة من الارتباك فى الشارع السياسى. حسن نافعة: علينا الانتظار لمعرفة مضمون الإعلان الدستورى من ناحية أخرى قال الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إنه علينا الانتظار قليلا لمعرفة هل سيقوم المجلس العسكرى بإصدار إعلان دستورى جديد يحدد صلاحيات الرئيس أم لا مشيرًا، إلى أنه إذا صدر إعلان دستورى جديد يحدد صلاحيات الرئيس فإن هذه الصلاحيات ستكون محدودة . ودعا نافعة، القوى السياسية إلى عدم استباق الأحداث بشأن الإعلان الدستورى الجديد لأنه من الممكن عدم صدوره من الأساس. قائلا"يجب التعرف على مضمون الإعلان الدستورى أولاً ثم نحدد ماذا سنفعل". نبيه الوحش: الحل الوحيد لخروج مصر من الأزمة من زاوية أخرى أكد نبيه الوحش، المحامى بالنقض والدستورية العليا أن الإعلان الدستورى الجديد الذى سيصدره المجلس العسكرى قريبا والذى سيشمل تحديد سلطات الرئيس وصلاحياته هو حق أصيل للمجلس العسكرى بصفته الذى يدير شئون البلاد خلفا للرئيس المخلوع حسنى مبارك . وأشار الوحش، أن الإعلان الدستورى الجديد سيشمل أيضا تعديل المادة 28 من الإعلان الدستورى والتى أثارت جدلاً شديدًا وهى الخاصة بعدم جواز الطعن على قرار اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية وتعديل المادة 60 أيضا من الإعلان الدستورى وهى التى أثارت جدلا كبيرا أيضا وهى الخاصة بتحديد المعايير التى سيتم على أساسها تحديد اللجنة التأسيسية للدستور والتى انفرد البرلمان باختيار اللجنة المشرفة على الدستور وجاءت بأغلبية إسلامية وتم الطعن عليها من قبل القضاء الإدارى. وأضاف الوحش، أن قيام المجلس العسكرى بإصدار إعلان دستورى جديد هو الحل الوحيد لخروج مصر من الأزمة الحالية المثارة بشأن آلية ومعايير اختيار اللجنة التأسيسية للدستور. نافيًا فى الوقت ذاته حاجة الإعلان الدستورى الجديد للاستفتاء من قبل المواطنين قائلا"هذا ليس تعديلا دستوريا بالمعنى الكامل ولكنه تصحيح للمسار الديمقراطى فى مصر بشأن حالة الجدل السياسيى الذى تعيشه مصر الآن . مضيفًا فى الوقت ذاته أنه يحتوى الإعلان الدستورى الجديد على بنسبة 90% منه على سلطات الرئيس وصلاحياته داعيًا فى الوقت ذاته القوى السياسية فى مصر إلى الإيمان بوفاء المجلس العسكرى بوعده وتسليم السلطة فى مصر لرئيس منتخب فى موعد أقصاه 30 يونيه كما حدد المجلس العسكرى. موضحًا فى الوقت ذاته أن مصر بعد الثورة أصبحت دولة مؤسسات والإعلان الدستورى الجديد سيحدد صلاحيات الرئيس وصلاحيات كل سلطة فى مصر. هيكل: الوقت ليس مناسبًا لذلك على جانب آخر أكد محمد هيكل المحامى بالنقض والدستورية العليا، أن قيام المجلس العسكرى الحاكم لمصر بإصدار إعلان دستورى جديد ليس هذا هو الوقت المناسب لأن مصر تمر بأحداث كبيرة مثل حادث العباسية والصراع بين الحكومة والبرلمان، بالإضافة إلى ذلك نحن على أعقاب انتخابات رئاسية قادمة وذلك سيدخلنا فى متاهات كثيرة. وأشار هيكل أنه لو قام المجلس العسكرى بإصدار إعلان دستورى يحدد صلاحيات الرئيس فيجب عليه عمل استفتاء على هذا الإعلان الجديد من قبل المواطنين ويتم الاستفتاء بنعم أو لا مثلما حدث فى الاستفتاء السابق الذى قام به المجلس العسكرى فور توليه السلطة فى مصر بعد تنحى الرئيس المخلوع حسنى مبارك. مشيرًا فى الوقت ذاته إلى أن صدور إعلان دستورى جديد سيمهد إلى مليونيات لقوى سياسية قد ترفض ذلك زاعمة بأن المجلس العسكرى يريد أن يستأثر بالسلطة. مضيفًا أن مصر الآن مفتوحة على مصرعيها أمام الدول الأجنبية التى تستغل الأحداث وتحاول التدخل فى الشئون المصرية ومحاولة زرع عملاء لها فى مصر، فمصر الآن على مفترق طرق.