تخفيض المعونات الأمريكية.. خسارة التحكيم أمام إسرائيل.. صفقة حفتر والسراج.. تصريحات بن سلمان حول الجزر.. تصاعد التوتر مع السودان.. ومكاسب شيخ الأزهر تلقت السلطة الحالية، سلسلة من الصدمات والضربات القوية خلال الفترة الأخيرة، أثارت نوعًا من الضيق والاستياء داخل دوائر صنع القرار، والأذرع الإعلامية الموالية لها، بدءًا من قرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتخفيض المعونات الاقتصادية المقررة لمصر بمقدار الربع، بعد أن كانت هناك حالة من التفاؤل بزيادتها، أو على الأقل الحفاظ على نسقها الحالي، بعد زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي الأخيرة للبيت الأبيض. وعلى الرغم من محاولة الحكومة تجاهل الصدمة، وعدم التركيز على تداعياتها السلبية، إلا أن الصدمات توالت بشكل مستمر، عبر إصدار دائرة تحكيم دولية حكمًا بتغريم مصر ملياري دولار لصالح شركة الكهرباء والغاز الإسرائيلية، بعد عجز مصر خلال أعوام من 2011: 2014عن الوفاء بالتزاماتها نحو تسليم كميات متفق عليها من الغاز الطبيعي للشركة الإسرائيلية. ما يزيد من صعوبة الموقف، أن الحكم نهائي وملزم لمصر، وهو مبلغ يساوي أو يزيد على قيمة القسط الثاني لقرض صندوق النقد الدولي وما يفرضه من تداعيات، مثل خفض الدعم ورفع أسعار الخدمات، بحيث تتجاوز الأسعار العالمية في وقت يجد فيه المصريون صعوبات شديد في الوفاء بالتزاماتهم الأساسية. ولم تكد الحكومة تتجاوز الصدمة، حتى عاجلتها صدمة أخرى تمثلت في إعلان الحكومة الإماراتية عن عقد لقاء بين اللواء المتقاعد خليفة حفتر، ورئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج، ووصول الطرفين لاتفاق يقضى بتوحيد الجيش الليبي وإخضاعه لسلطة القرار السياسي، فضلاً عن عقد انتخابات رئاسية خلال 6أشهر بشكل يضع حدًا لسنوات 6من الاضطرابات التي تشهدها ليبيا منذ سقوط نظام معمر القذافي. وهي الخطوة التي رأى مراقبون فاقمت أحرجت الحكومة المصرية، خاصة وأنها عملت بقوة على جمع السراج وحفتر في بالقاهرة، إلا أن جهودها أخفقت في حلحلة الملف لعدم استجابة الأخير لضغوطها، ما يمثل تراجعًا كبيرًا فيه، حتى بعد زيارة السيسي الالتفاف حوله عبر الزيارة السريعة والمفاجئة التي قام بها السيسي لأبوظبي بالتزامن مع وجود السراح وحفتر هناك للإيحاء بوجود دور للقاهرة في هذه الصفقة. كما جاءت تصريحات الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد السعودية حول عدم إقدام الحكومة السعودية على إقامة الجسر البري بين البلدين، إلا عقب تسليم مصر جزيرتي "تيران وصنافير"، وتشديده على "سعودة الجزيرتين" لتشكل حرجًا للنظام، خصوصًا أن هناك حكمًا نهائيًا وباتًا بمصرية الجزيرتين. ولا يمكن فى هذا السياق تجاهل الأزمة التى تمر بها العلاقات المصرية السودانية، التى تصاعدت حدتها بقيام الخرطوم بوضع قيود على وصول المنتجات المصرية للسودان، لاعتبارات تتعلق بكفاءة المنتج، ورد القاهرة على ذلك بمنع صحفيين سودانيين من دخول أراضيها، ما دفع السودان بالتهديد بالإقدام على خطوات مماثلة كما جاء على لسان وزير الخارجية السوادنى الدكتور إبراهيم الغندور حال الاستمرار في تبنى مثل هذه المواقف. وحرصت القاهرة على تسوية الأزمة عبر اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية سامح شكرى مع نظيره السودانى إبراهيم غندور، حرص خلاله الأول على تأكيد حرص القاهرة على طى صفحة الخلافات بين البلدين ووضعها على الطريق الصحيح، وهو ما رد عليه الثاني بالتأكيد أمام برلمان بلاده على الطابع الحساس لعلاقات البلدين وبضرورة التعامل مع هذه العلاقات بصبر وروية . ولم تنته الصدمات التى تعرضت لها الحكومة عند هذا الحد، فى ظل المكاسب التى حققها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر من زيارة البابا فرانسيس، بابا الفاتيكان للقاهرة، ونجاحها فى تخفيف الضغوط السياسية والإعلامية التى يتعرض لها لدفعه للاستقالة من منصبه. إذ نجح الطيب فى تقديم نفسه كشخصية عالمية تسعى لتحقيق السلام والتقارب مع الأديان الأخرى، وأضاع على النظام فرصة جديدة للإطاحة به. وجاء الاستقبال الحافل لشيخ الأزهر خلال حضوره الاحتفال بعيد العمال من قبل جميع الحضور والتصفيق الحاد له قبل وصول السيسى لمقر الاحتفال، ليؤكد قوة الحاضنة الشعبية والسياسية التى يتمتع بها الطيب، والرغبة فى الحفاظ على كيان الأزهر، باعتباره عمود الخيمة للدولة المصرية ومصدر قواتها الناعمة، فضلاً عن إعلان مجموعة من أعضاء البرلمان عن قيامهم بزيارة شيخ الأزهر للتضامن معه. وقال الدكتور عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن "هذه الأزمات تشير لمدى المأزق المتفاقم الذى تعانى منه الحكومة على كافة المجالات، سواء فيما يتعلق بالداخل أو بالخارج، وإخفاق الدبلوماسية المصرية في التعامل مع كافة الأزمات التي تمر بها مصر بشكل يفاقم من خسائرها، ويكرس الاعتقاد بأن النظام يمر بفشل تلو الآخر". وأضاف ل "المصريون": "مصر لم تعد تمتلك أورقًا في التعامل مع دول المنطقة، سواء فيما يتعلق بعلاقاتها الخليجية أو بالأزمات التي تحكم علاقاتها بالسودان أو حتى بإدارة ترامب فى ظل تهليل وسائل الإعلام لنتائج الزيارة التاريخية التي قام بها السيسى للبيت الأبيض، في حين إن زيارة لم تحقق الكثير لمصر على أرض الواقع". وفيما يتعلق بالأزمة بين السيسى وشيخ الأزهر، رأى الأشعل، أن نجاح "الدكتور الطيب فى وقف الحملة المتصاعدة على الأزهر وتوظيف زيارة البابا فرانسيس لتخفيف الضغوط لن يوقف الحرب عليه بالكلية، حيث لن يكف النظام عن مساعيه لإبعاد الطيب ودفعه للاستقالة من منصبه".