نفت وزارة الموارد المائية والري بشدة، تصريحات عن اتجاه مصر للتوقيع على اتفاقية عنتيبي كانت "المصريون" قد نشرتها في تقرير مفصل في وقتٍ سابق، مستندة إلى مصدر رسمي داخل الوزارة. وعلمت "المصريون" من مصادرها أن ضغوطًا تُمارس ضد عدد من قيادات الوزارة ومسؤولي الملفات الحيوية لعدم الإدلاء بتصريحات بخصوص "اتفاقية عنتيبي أو سد النهضة وما يُحيط به من مفاوضات في السودان". وتراجع مسؤول بالملف التفاوضي لسد النهضة عن تصريحاته السابقة وبما جاء فيها عن "غضب" مصري في اجتماع السودان الأخير من قيام إثيوبيا بتعديل السعة التخزينية للسد. يأتي هذا فيما من المقرر أن يعقد اجتماع في "كمبالا" في 25مايو الجاري، وتشير أغلب التوقعات إلى ملف اتفاقية عنتيبي سيتم فتحه خلاله مجددًا، وأن مصر ستنضم للدولة الموقعة على اتفاقية على اعتبار وجود نظرة مختلفة من جانب القيادة السياسية في التعامل مع الملف الإفريقي. وتُحجم اتفاقية عنتيبي التي رفضت مصر التوقيع عليها منذ سنوات "الحصة المائية" البالغة 55.5 مليار متر مكعب، وتبقيها ثابتة بدون زيادة، وكانت مصر قد رفضتها نظرا للارتفاع المستمر في عدد السكان، غير أنها الآن تتجه للقبول بها تحت بند "صفقة تجريها مع إثيوبيا وبضمانة دول حوض النيل لتحديد السعة التخزينية لسد النهضة والالتزام بها". وكانت الرئاسة المصرية قد أرسلت إلى أوغندًا وفدًا يترأسه وزير الخارجية سامح شكري بنفسه، ومع رسالة خطية من الرئيس السيسي، تتضمن نصًا: أهمية التعاون فى ملف المياه بين الدول الأعضاء فى مبادرة حوض النيل، والجهود الأوغندية لتحقيق التوافق بين دول حوض النيل فى إطار رئاسة أوغندا الحالية للمجلس الوزارى لدول مبادرة حوض النيل، وفقًا لبيان وزارة الخارجية الذي حصلت عليه "المصريون". وقال الدكتور أحمد الشناوي يشير خبير السدود والمياه، إن هناك اتجاهًا للتوقيع على عنتيبي، محذرًا من خطورة هذه الاتفاقية على مصر، معتبرًا في الوقت ذاته أن التعاون مع دول حوض النيل يجب ألا يأتي على حساب "مياه المصريين". وأوضح الشناوي ل "المصريون"، أن اليأس امتلك المفاوض المصري وهو ما جعله يفكر في عقد أي صفقة، ويحاول وقف ما تقوم به إثيوبيا خصوصا المساحة التخزينية خلف السد والذي يعني امتلائها دفعة واحدة تعرض مصر لكارثة حقيقة. وأكد أن وجود مصر ضمن الدول الموقعة على اتفاقية يعني ضمانة واضحة لشرعيتها، رغم أنه معمول بها فعليا لأن أكثر من نصف الأعضاء وقعوا عليها. وكان الدكتور نصر الدين علام، وزير الري الأسبق والمحبوس قد حذر في تصريحات سابقة من هذا الأمر، وأكد أن توقيع مصر على الاتفاقية معناه الإضرار بالأجيال القادمة، ولعل علام سيصدم بنتائج اجتماع "كمبالا". على الجانب الآخر، ذهب بعض الخبراء والمتخصصين لتبرير توقيع مصر على اتفاقية "عنتيبي"، على اعتبار أنه يضمن عودة مصر لدول حوض النيل بعد فترة انقطاع طويلة، مؤكدين في الوقت ذاته أهمية القمة التي ستعقد بين دول حوض النيل. وفي السياق، قال الدكتور هاني رسلان، المتخصص في الملف الإفريقي، في تصريحات صحفية له، إن مصر امتنعت عن التوقيع على اتفاقية عنتيبي لوجود بعض المواد التي وجدت أنها "ليس في مصلحتها"، لافتًا إلى أنه طالما راعت دول حوض النيل تخوفات مصر فإن الأمر جيد. ولم يكتف رسلان بذلك، بل أكد أن عقد قمة إفريقية بين دول حوض النيل في كمبالا كانت رغبة للرئيس المخلوع حسني مبارك، وذلك لحل النقاط الخلافية في اتفاقية عنتيبي. ومعنى ذلك أن القمة الإفريقية في كمبالا سوف تخُصص لمناقشة اتفاقية عنتيبي، ولكن هل يضمن الخبراء والمتخصصون والمسئولون أيضًا أن دول حوض النيل وفي مقدمتهم إثيوبيا سوف يراعون مخاوف مصر في الاتفاقية؟.. أم ستوقع مصر مضطرة لأجل الصفقة التي نفتها وزارة الري في بيان رسمي لها، وقالت إنها "غير صحيحة".