طرح حزب "البناء والتنمية"، الذراع السياسية ل "الجماعة الإسلامية"، مبادرة تدعو إلى "إنقاذ سيناء" من الإرهاب في ذكرى تحريرها في الخامس والعشرين من أبريل، مطالبًا المسلحين بالتوقف عن العنف، مقابل وقف السلطة الحالية للمداهمات والملاحقات الأمنية. ورحب العميد محمود القطري، الخبير الأمني، بالمبادرة واصفًا إياها بأنها "طوق نجاة للنظام للخروج من الأزمات التي تواجهه في سيناء". وأضاف ل "المصريون": "هذه المبادرة ستوقف جميع العمليات الإرهابية، وستنعش الاقتصاد المصري الذي تراجع نتيجة العمليات الإرهابية التي أودت بالعديد من الضحايا المدنيين والجيش والشرطة". مع ذلك، بدا واثقًا من أن "الدولة لن تستجيب إلى هذه المبادرة؛ لأنها خرجت من الجماعة الإسلامية، على الرغم من أنها تمتلك الحلول للخروج من هذه الأزمات، وأن الدولة لا تهتم بما ستحقق هذه المبادرة، لكن تهتم بمنظرها السياسي والاجتماعي أمام الرأي العام الداخلي، وهو السبب الرئيسي وراء رفض الدولة للمبادرة. فيما وصف هشام النجار، الباحث في الحركات الإسلامية، المبادرة ب"السطحية والمتعجلة وغير المناسبة وتوقيتها غير مناسب". وأضاف ل"المصريون": "المبادرة تحيطها العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام حول توقيت خروجها، والهدف من وراء إطلاق الجماعة لها، وهل المبادرة جاءت من أجل مصلحة النظام أم من أجل مصلحة الجماعات المتطرفة التي تعاني في سيناء؛ نتيجة للضربات المتلاحقة من الجيش والشرطة". ورأى أن "مثل هذه المبادرات من الممكن أن تعطى للجماعات المسلحة المدعومة من قبل قوى إقليمية فرصة لترتيب أوراقها واستعادة قوتها من جديد". واستدرك: "طرح المبادرة جاء بعد موافقة القيادات الخارجية المتواجدة في تركيا وقطر والتي تلقت تعليمات من أجهزة المخابرات التي تريد العبث بالدولة المصرية"، لافتًا إلى أن "الجماعة الإسلامية جزء من المنظومة الخارجية التي تعمل على تحقيق الأهداف الخفية لأجهزة الاستخبارات العالمية"، بحسب تعبيره. واتفق معه في الرأي، مجدي حمدان، المحلل السياسي، متسائلاً عن قدرة "الجماعة الإسلامية" على تطبيق المبادرة: "هل هناك اتصالات مباشرة مع الجماعات الإرهابية بسيناء لتقنعهم بوقف العنف ضد الدولة؟". وأضاف حمدان ل"المصريون"، أن هناك رسائل خطيرة وراء إعلان هذه المبادرة، أهمها أن الدولة عاجزة عن حل مشاكلها الداخلية وخاصة سيناء، بجانب عدم امتلاكها الأدوات لإدارة هذه الأزمات التي تفاقمت خلال الأعوام الأخيرة". وأوضح أن حديث البعض عن أن المبادرة طوق نجاة النظام للخروج من أزماته بسيناء "غير صحيح"، لأن الدولة لن تستجيب إلى مثل هذه المبادرات أيًا كانت الجهة التي تطلق هذه المبادرة. وطرحت المبادرة 4 مراحل لحل الأزمة في سيناء، المرحلة الأولى تحت شعار "إيقاف التدهور واحتواء الأزمة وتهيئة الأجواء لحلها"، وتشترط فيها إعلان المجموعات المسلحة بسيناء عن وقف العمليات اعتبارًا من 25 أبريل 2017، وقيام الحكومة المصرية بوقف المداهمات والملاحقات اعتبارًا من ذات التاريخ، ثم الدعوة والإعداد إلى مؤتمر وطني جامع يضم القبائل السيناوية وكل الأطراف المؤثرة للدخول في حوار مفتوح، وإيقاف الحملات الإعلامية التي تؤجج الفتنة أو تشكك في وطنية أهل سيناء ومحاسبة مَن يتجاوز بهذا الشأن. والمرحلة الثانية تتمثل في إجراء حوار بإقامة مؤتمر وطني لدراسة مشكلات أهل سيناء، ورفع حالة الطوارئ وتخفيف الإجراءات الأمنية المشددة مع تماسك حالة وقف العمليات المسلحة، وتخفيف حالة الاحتقان بشكل أكبر من خلال الإفراج عن غير المتورطين أو الذين ألقى القبض عليهم بطريقة عشوائية وكذلك الحالات الصحية والإنسانية، وإعادة المهجرين من أهل سيناء – مسلمين ومسيحيين – إلى ديارهم. المرحلة الثالثة تتمثل في صياغة خطة شاملة ذات توقيتات محددة لحل المشكلات تقوم على أساس من مخرجات المؤتمر الوطني للحوار من خلال تحديد المشكلات وطرق حلها عن طريق الإمكانات التي يجب أن تحشد في سبيل ذلك وصياغتها في برنامج زمني محدد. وكذلك الإعلان عن إسقاط التهم عن كل مَن يلتزم بمخرجات هذا الحوار، ووضع ميثاق شرف إعلامي تلتزم به جميع وسائل الإعلام عند تناولها لقضية سيناء، فضلًا عن وضع خطة للتنمية الشاملة لسيناء وتفعيل دور الأجهزة والمؤسسات المختصة بهذا الشأن. المرحلة الرابعة تتمثل في تنفيذ خطة معالجة الأزمة انتهاء بالمصالحة الوطنية الشاملة، وذلك من خلال تشكيل مجلس أعلى لتفكيك الأزمة والمعالجة الوطنية من شخصيات وطنية رسمية وغير رسمية على أن يشكل أهل سيناء المكون الأساسي فيها. وإتمام عملية المصالحة الوطنية وطي صفحة الماضي من خلال إصدار عفو شامل، ووضع الضمانات المستقبلية لاستقرار الأوضاع في سيناء واستمرار عملية الدمج والتنمية، وتكوين آلية للإنذار المبكر تستهدف استشراف المشكلات والوقاية منها ومنع وقوعها.