"من المهم أن يتاح لنا إحياء بعض الصفات التي كانت لنا عندما كنّا أطفالاً. إن أينشتاين كان يستخدم كلمة (الدهشة) ليصف تجربته عندما كان طفلاً، وكان كثير من الناس يعتبرونه شبيهًا بالطفل. وأظن أنه أعلن أنه كان قادرًا على تكوين نظرية النسبية لأنه ظل يسأل الأسئلة التي يسألها الأطفال". إريك إريكسون، عميد المحللين النفسيين بأمريكا. قلتُ: ماذا يتوقع أن يكون إنتاج الوسط الاجتماعي الذي يكتم أنفاس أسئلة الأطفال الصغار، أو يتجاهل التعاطي الإيجابي مع أسئلة الأطفال الكبار؟ فأسئلة الأطفال، الصغار والكبار، لا يمكن أن تظل معلقة للأبد بلا إجابة، فإن لم تجد عندك الإجابة وإلا ذهبت لمصادر أخرى قد تكون غير جيدة أحيانًا. وهذا لا يعني أنه المهم أن نملك دائمًا الإجابة الموفقة على أسئلة الفئتين في حينها، بل المهم كيف نتعامل معها ونصاحب أصحابها في رحلة البحث. ومن الخطأ تخيل أن الأسئلة الملحة والجذرية يمكن أن يُجاب عنها بكلمة واحدة، كالحكايات الأسطورية. بل لا بد من الصبر وعدم الاستعجال وطول النفس. والأسرة تبث في طفلها آداب السؤال الحر، وتعلمه في الوقت نفسه آداب التعامل مع الإجابة والمجيب، ومن يسأل ومن يقصد ث، وهل كل سؤال يجب أن يُجاب. ومن أهم الأسئلة: السؤال الديني الذي يترتب على حسن التعامل معه حسن إيمان الطفل، والذي يحسن الاهتمام به والاحتفاء بالطفل ومصاحبه في الجواب عنه. ويعلم الطفل أن السؤال للتعلم وليس للتحدي، ولذلك هو ليس للاستعراض أمام الناس، بل هو أداة تعلم يقصد بها العالم أو الاستاذ المقتدر والبصير. لأن الطفل الكبير مجرد أن يجاهر بأسئلته كالتحدي، فإنه ينزع نفسه من دائرة التعلم والتلمذة إلى دائرة الأستاذية، وهو ما يخلق تمرده والتنمر عليه. ولذلك، فأهم نقطة تعمق في عقل الطفل الكبير والصغير هي: تفهيمه أن السؤال هو أهم أداة للتعلم والتطور والإبداع الخلاق، وليس للتحدي والصرعات. ومن القضايا المهمة في الإجابة عن الأسئلة مراعاة الفروق الفردية ومستويات العقول، ومن أفضل الأساليب تقديم الخقائق في أشكال مبسطة وواضحة. وعليه فالكذب والتجاهل والتحقير أو السخرية أساليب شائنة خارج دائرة الإجابة التي نريد عن تطبيعها في محيطنا الأسري. ومن أجمل الأشياء أن نتعلم قول: "لا أدري وسوف أبحث لك"، والأجمل منه قول: "لا أعرف، لكن دعنا نبحث سَوِيًّا". فنصاحبه بمتعة للبحث عن الجواب. ومن الجيد أن ندرك أننا لسنا مثاليين ولن نكون، ولذلك قد نواجه أسئلة الأطفال بشكل قاس أو مغلوط. الأهم أن نجعل هذا الخطأ فرصة لتعلم الاعتذار. وختاما، لا يبني الثقة والاستقرار وينمي الشخصية ويزرع الإيمان مثل الأسرة المطمئنة التي يسودها الحب والابتسامة والرحمة، والقناعة أنه لا مثالية. عايض بن سعد الدوسري