نستكمل معاً سلسلة (القواعد الذهبية لمواجهة الهجمات الجوبلزية الإعلامية). القاعدة الخامسة: لا تهتز.. فالعظماء لا تهزمهم الأخطاء: حتى وإن أخطأت؛ فلا تهتز أمام هجوم المناوئين؛ فالعظماء لا تهزمهم أخطاؤهم. فالحياة سلسلة من التجارب. وكل خطأ ليس فشلاً، ولكنه مجرد تجربة حياتية، ورصيد خبرة، وخطوة على سلم النجاح. والحياة معركة كفاح طويلة تتطلب سير متواصل وبلا تراجع، فلا تحزن على ما فاتك. ربما تخسر معركة فاعتبرها جولة؛ ولكن عليك أن تربح الحرب فى النهاية. فكل خطوة فى اليوم نحو الهدف تعنى ثلاثمائة وستين خطوة فى السنة، بدون كلل أو ملل، وبلا حسرة على الماضى؛ "لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ". [الحديد23] فلا تطلب المستحيل؛ فكل إنسان له حظ من الخطأ إلا الحبيب صلى الله عليه وسلم؛ فهو المعصوم. وكما يقول (جيم كولنز) مؤلف الكتاب الأكثر مبيعاً (البناء من أجل الاستمرار): (القادة العظماء لا تهزمهم الأخطاء، بل يتغلبون على أخطائهم رغم فداحتها.. فأنت لست بحاجة لأن تتخذ قرارات صائبة طيلة الوقت لكى تكون قائداً عظيماً.. أنت تخطئ وتتعلم من أخطائك.. وهناك نسبة خطأ مطلوبة فى كل عملية اتخاذ للقرارات.. من ينتظرون بلوغ الحالة المثالية ليتخذوا قرارات منزهة من العيوب لن يقرروا أبداً). بل إن الجماعات ليست معصومة أيضاً من الأخطاء. لأن (للجماعة الحق فى أن تخطئ، وأنها لا تنمو إلا إذا تعلمت كيف تتحمل المسئولية كاملة لما تصدره من قرارات وما تحسمه من أمور). [كيف نعد قادة أفضل: ترجمة د. الطويحى]. القاعدة السادسة: اقفز.. وإلا دفعوك: أى تشجع وابدأ فوراً بمراجعاتك الداخلية بنفسك. قبل أن يراجعونك ويهاجمونك بتساقط زلاتك. وتدبر ما ذكره الحبيب صلى الله عليه وسلم من قصة النبى يوشع بن نون عليه السلام: "غزا نبى من الأنبياء، فقال لقومه: لا يَتْبَعْنى رجلٌ مَلَكَ بُضْعَ امرَأَةٍ وهو يريدُ أن يبنى بها، ولا أحدٌ بنى بُيُوتاً، ولم يرْفَعْ سُقُوفَهَا، ولا آخر اشترى غنماً أو خَلِفَاتٍ أى النوق الحوامل أو الغنم الحوامل وهو ينتظرُ وِلادَهَا!. فغزا فدنا من القريةِ صلاة العصرِ أو قريباً من ذلك، فقال للشمس: إنكِ مأمورةٌ، وأنا مأمورٌ، اللهم احْبِسْهَا عَلَيْنَا، فَحُبِسَتْ حتى فتحَ اللهُ عَلَيْهِم. فجمَعَ الغنائمَ، فجاءَتْ يعنى النارَ لِتَأْكُلَهَا فلم تَطْعَمْهَا، فقال: إن فيكُمْ غُلُولاً، فلْيُبايعنى من كلِّ قبيلةٍ رجلٌ، فلزقت يدُ رجلٍ بيده!. فقال: فيكم الغُلُولُ فلْيُبايعنى قبيلَتُكَ!. فلزقت يدُ رجلين أو ثلاثةٍ بيده، فقال: فيكم الغُلُول. فجاءوا برأس بقرةٍ من الذهب، فوضعوها فجاءت النارُ فأَكَلَتْهَا. ثم أحلَّ اللهُ لنا الغنائمَ، رأى ضعفنا وعجزنا، فأحلها لنا". [رواه البخارى] والرسالة التربوية منها هى الالتزام بمبدأ تربوى وإدارى؛ وهو المتابعة والتقييم لكل مرحلة، والتقويم والتصحيح لكل ظواهر الخلل المستحدثة. أدب الوقفات: وهذا الباب يُعرف بأدب الوقفات، أو المراجعات أو ما يسمونه بالنقد الذاتى، فى كل مرحلة. وهو الباب الذى لم نزل نفتقده كثيراً، أفراداً ومؤسسات. وذلك لأننا لم نتأمل المراجعات القرآنية، التى كانت تلازم كل الأحداث والمواقف: فعلى المستوى الجماعى: أولاً: حالة النصر، فكان التجاوز عن حالة الفرحة العارمة، والتركيز على مواطن الخلل؛ مثل: (أ)الأمراض القلبية: "فاتقوا اللهَ وأصلحوا ذات بينكم".[الأنفال1] (ب)الركون إلى الأسباب: "وما النصر إلا من عند الله". [الأنفال10] ثانياً: حالة الانحسار، كما فى مصيبة أحد: (أ)اقرأوا التاريخ: "فسيروا فى الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين". [آل عمران137]. (ب)الهزيمة تعود إلى عوامل داخلية: "قل هو من عند أنفسكم". [آل عمران 165]. على المستوى الفردى: 1-تصحيح المفاهيم، وتقييم الأشخاص كانت آيات (سورة عبس)، تعاتب وتقيِّم مجرد انشغاله صلى الله عليه وسلم عن ابن مكتوم رضى الله عنه. 2-ضرورة الحفاظ على الجبهة الداخلية للداعية: "يا أيها النبى لِمَ تُحرِّمُ ما أحلَّ اللهُ لك".. [التحريم 1] لذا علينا أن نرسخ القناعات على المستوى الفردى والمؤسسى بأهمية مبدأ الوقفات. وسنستكمل بعونه تعالى بقية القواعد. E-Mail: [email protected]